السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

متاحف المحافظات.. وشهداء المنيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سيظل يوم 9 مارس يوم «الشهيد» المصرى ذكرى استشهاد البطل عبدالمنعم رياض الذى أطلق عليه الـ «الجنرال الذهبى» حيث استشهد في المواقع الأمامية بموقع نمرة 6 بالإسماعيلية أثناء حرب الاستنزاف لمواجهة العدو الإسرائيلى بما لا يزيد على 150 مترا في العمل الميدانى ضاربًا المثل والقدوة على مواقف القادة وعملهم الميدانى الأمامى مع الجنود.
وتذكرت يوم الشهيد وأنا أتابع متحف شهدائنا المصريين المدنيين «شهداء لقمة العيش الشريف» على يد إرهابى تنظيم داعش في ليبيا وقد رأيت في المتحف الرائع في كنيسة العور في محافظة المنيا وقد امتلأت عيناى بالدموع لما أصابتنى من تجسيد ودقة التماثيل للشهداء الـ 21 الذين كانوا مربوطين من الذراعين من خلف ظهورهم في انتظار الموت المرعب.
وقد شعرت بلحظات الضعف الإنسانى لهؤلاء المظلومين الأبرياء وسألت نفسى فيما كانوا يفكر هؤلاء الأبرياء هل في ذويهم وأولادهم وزوجاتهم وأمهاتهم وآبائهم الذين سافروا من أجلهم لتوفير العيش الشريف رغم المشقة والغربة والحرمان والبعد عن الدفء الإنسانى وهم بالقرب من أهاليهم وجيرانهم في قلب الوطن؟؟ هل فكروا في الاستغفار والتراحم أمام الله؟؟ وكيف مر بهم شريط الذكريات وهم ينتظرون الموت الغادر؟؟
وسألت نفسى أخيرًا هل قالوا كما قالت الطفلة السورية البريئة قبل أن تقتلها أيادى الإرهابيين «هقول لربنا على كل حاجة» أو «هاشتكيكم لربنا»!.
وتأتى عظمة التماثيل التى شاهدتها عبر الصور لهذا المتحف العظيم كيف جسدت لحظات إنسانية خطيرة في انتظار الموت الغادر دون ذنب اللهم أنهم أناس طيبو القلب وعمال بسطاء مدنيون مسالمون سافروا للرزق الحلال.
وكم كان الفنان المصرى دكتور أستاذ النحت الميدانى جرجس الجولى بجامعة المنيا رائعًا في إنجاز تلك التماثيل والعمل الدؤوب خلال 100 يوم لصناعة 21 تمثالا منحوتًا لهؤلاء الشهداء وبدقة وبجودة عالية وبحرفية وإتقان.
حيث تم عمل التماثيل التى يزيد الواحد منها ما يزيد على 400 كيلو وخلفهم تمثال كبير للسيد المسيح رمزا للتسامح والمحبة.. إنه الربط الإنسانى والروحى لهذا العمل الراقي.
وقد تابعت ما قاله هذا الفنان المصرى عن تلك التماثيل بقوله «يد الله كانت معنا ويد الشرفاء وتم العمل والحمد لله» التماثيل كانت بحجمها الطبيعى في مصفوفة رائعة يعلوها تمثال السيد المسيح وكأنه يقول للضحايا «الله يرعاكم.. ومثواكم الجنة» حقا كان عملًا رائعًا بمشاركة جماعية وبصبر وإتقان يؤكد عظمة أبناء مصر.
وقد شمل متحف الكنيسة التابع لمطران سمالوط الأنبا بفنوتيوس على مجموعة متعلقات الشهداء والنعوش التى حملت أجسادهم وقد كتبت بياناتهم باللغات «العربية - الإنجليزية - الفرنسية» لتكتب تاريخ هذا الحادث الإرهابى الخسيس المؤلم.
ووجدتنى أتذكر ما قامت به القوات المسلحة المصرية التى شنت هجومًا ضد الإرهابيين في ليبيا من الدواعش للثأر لأبناء الشعب المصرى وقد استحضرت أذنى صوت المتحدث العسكرى للقوات المسلحة المصرية بصوته الرجولى ونبرة الفخار:-
حين قال «انطلاقًا من تأمين حماية الدولة المصرية والحفاظ على الأمن المصرى وبتكليف من رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة نفذت القوات الجوية عددا من الضربات المركزة نهارا وليلًا استهدفت عددا من العناصر الإرهابية داخل الأراضى الليبية بعد التنسيق والتدقيق الكامل بكافة المعلومات شاركت تشكيلات من المقاتلات متعددة المهام وقد أسفرت الضربة عن تدمير كامل للأهداف المخططة التى شملت مناطق تمركز العناصر الإرهابية الذين استهدفوا المواطنين بمحافظة المنيا وقد عادت قواتنا الجوية إلى أرض الوطن».
حيث كانت لحظات الفخار والثأر حيث كان الموقف جللًا وله تأثير رائع على الشعب المصري.
لقد جاء افتتاح المتحف بالمنيا وبمبادرة شعبية وبرعاية من الكنيسة حيث الاحتفال والاحتفاء بمرور أربع سنوات على الحادث لتؤكد أن الدم المصرى ليس رخيصًا لا فرق بين احتفالية الفريق عبدالمنعم رياض رمز الشهداء العسكريين وبين شهداء الشرطة جنود وصف وضباط وبين شهداء الوطن المدنيين مسلمين أو مسيحيين وسيظل المجد دائما للشهداء.
ويبقى للمتاحف في المحافظات دور هام منها: 
* إحياء ذاكرة الشعب المصرى وإنعاش للذكرة الوطنية من أجل الأجيال القادمة.
* لقد زادت أهمية المتاحف واتسعت أهدافها لتقوم بأدوار متعددة «ثقافية - اجتماعية -تعليمية - ترفيهية - سياحية واقتصادية» وتلعب دورا في حفظ الذاكرة الوطنية وتغرس الانتماء للأجيال القادمة.
* كما نناشد وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم تسهيل إجراءات مبادرات افتتاح المتاحف للقطاع الخاص والمبادرات الشعبية وهى كبيرة مع اهتمام الحكومة باعتبارها الأصل في تقديم الخدمات.
* كما نناشد لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ضرورة تطوير القوانين والتشريعات الخاصة بالمتاحف لأهميتها.
ومن هنا نقترح على الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى أهمية تشجيع المبادرات بإنشاء المتاحف الوطنية في المحافظات حتى تكون مزارًا فضلًا عن رعاية وتطوير المتاحف الحالية بالمحافظات والترويج لها حفاظًا على تاريخ بلادنا بما فيه من قيم إيجابية عظيمة.
أخيرًا وحتمًا ودومًا سيكون المجد والخلود للشهداء ونأمل أن يكون يوم الشهيد 9 مارس يوما وطنيًا خالصًا لطلاب المدارس والجامعات والشعب المصرى ومن أجل مستقبل أفضل لبلادنا.