الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عيد قنا القومي.. ذكريات "البلاص والعصا والنبوت"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ ما يزيد على قرنين من الزمان، وتحديدا في الثالث من مارس ١٧٩٩، سطر أهالى قرية البارود بمركز قفط في محافظة قنا، ملحمة وطنية عظيمة، استخدموا فيها بطولتهم الفردية، وأسلحتهم التقليدية البسيطة كالعصا والنبوت والسيوف والرماح، والأدوات المنزلية، كالبلاص وغيره، أمام الأسطول الفرنسى العظيم وقتها، وانتصروا عليه، بل وأجبروه على الانسحاب من الوجه القبلى ومن مصر بعد ذلك.
وتعيش محافظة قنا هذه الأيام ذكريات النصر، احتفالا بهذا اليوم المجيد، الذى اتخذته المحافظة عيدا قوميا لها، بعد أن قال عنه المؤرخون، إنه شهد أكبر خسارة للاحتلال.
والحقيقة أن قرية البارود لم تكن الوحيدة في هذه المقاومة الباسلة، وإن كانت صاحبة الذكر الأكبر في هذه الانتصارات، حيث شاركت أغلب القرى المصرية بالصعيد، وبخاصة في قنا، ومن هذه القرى قرية سمهود بمركز أبو تشت، وقرية دندرة، ودنفيق بنقادة، وأبو مناع وإسنا، والمراشدة وقرى مدينة قوص، وحتى أن قرى ليست على نهر النيل لكن أبناءها شاركوا في صد الهجوم، ومنها قرية حجازة، لكن القوات الفرنسية كانت متفوقة، لكن أمام حيل أهالى القرى وصمودهم بوسائلهم البدائية، استطاعوا تحقيق النصر في النهاية، لكن نهاية الحملة كانت على أيدى أهالى «البارود».
ورغم مرور ما يقرب من ٢٢١ سنة على هذه الأحداث، التى ظل نهر النيل شاهدا عليها، ما زال القنائيون والصعايدة بشكل عام يتذكرونها، بل واتخذوها عيدا قوميا لمحافظتهم قنا، تخليدا للملحمة التاريخية الكبرى التى مثلت درسا وطنيا في الصمود والتحدي، ويروى أجدادنا وآباؤنا أن السفن الغارقة في النيل ظلت حتى وقت قريب، وما زالت هناك بعض الآثار الحربية الغارقة كالخناجر والأسلحة والعملات المعدنية في باطن النيل، يجدها الصيادون والغطاسون، بقيت شاهدة على عظمة أجدادنا وبسالتهم في المعارك. 
وفى هذا المقام أدعو أجهزة وزارة الآثار، بالبحث عن هذه السفن الغارقة ومحتوياتها وانتشالها، ووضعها في متاحف للتعريف ببطولات أجدادنا.
ورغم هذه المعارك، مد القناوية أيديهم إلى الفرنسيين، من جديد، وعادت العلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، لينهلوا من الحضارة الفرنسية العريقة، حيث تتميز محافظة قنا، بموارد عظيمة اقتصادية واجتماعية، وتذخر بالثروات التعدينية والزراعية والأراضى الممهدة للاستصلاح الزراعي، والأماكن الأثرية والسياحية، كما تمتلك ثروة بشرية هائلة، وفهم الفرنسيون ذلك، فمدوا أواصر التعاون مع المصريين عامة وأبناء الصعيد خاصة، وأهالى قنا على وجه الخصوص، وليس أدل على ذلك من مشاركة العالمة الفرنسية، لورا بنتالاتشي، مديرة البعثة الأثرية الفرنسية بمركز قفط في محافظة قنا، احتفال أهالى قرية البارود بالعيد القومي، ووضعت إكليلا من الزهور على النصب التذكاري، معربة عن سعادتها البالغة بالمشاركة في الاحتفال بهذه الذكري.
كما يتم بشكل دورى عرض منتجات المجتمع القنائى الصناعية والحرفية والثقافية، بالمتاحف الأوروبية، مثل متحف اللوفر بفرنسا، والمتحف البريطانى للتواصل المباشر بين الحضارات.
ويستبشر أهالى قنا بمحافظهم صاحب الستين عاما اللواء طيار أركان حرب، أشرف الداودى، والذى كان يشغل منصب رئيس ديوان الرئاسة، ومعروف عنه العمل والاجتهاد، وكذلك الإنجاز معلقين عليه آمال التنمية والإزدهار، ولم يتأخر المحافظ الهمام في إسعاد مواطنى قنا، وأكد رصد ٧ مليارات جنيه لتنمية المحافظة، يتم إنفاقها في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية والصناعة ووعدهم بمستقبل زاهر.. وبجانب جهود التنمية شهد «الداودي» إنهاء الخصومة الثأرية رقم ١٣٠، ويقود جهودا كبيرة بالتعاون مع اللواء شريف عبد الحميد مدير أمن قنا، لتثبيت الأمن والسلام بقنا وحل جميع المنازعات الثأرية.
ورغم نجاحات «المحافظ» المتعددة يطالب الأهالي، بالمزيد، نظرا لما تمتلكه بلدهم من إمكانيات مادية وبشرية هائلة، يمكن استغلالها لرفع مستوى معيشتهم، فقنا مساحتها تزيد على ١٠ كيلو مترات مربعة، ويسكنها نحو ٣ ملايين نسمة، وبها نحو ألف فدان مزروعة بمحاصيل مختلفة، وألف أخرى قابلة للزراعة وتشتهر بزراعة قصب السكر، وتعد الأكثر إنتاجا له على مستوى الشرق الأوسط، وتتميز مراكز نجع حمادى وقفط وقوص، بالأنشطة الصناعية الكيماوية والمعدنية والدوائية والأسمنت.
وبلدى «قنا»، التى ولدت فيها وما زالت أسرتى تقيم بها، ضاربة في القدم، سميت بأسماء متعددة على مدى الزمن، ففى العصر الفرعونى كانت تسمى «شابت»، وعند الإغريق «كينيويوليس»، وفى العصر الرومانى «مكسيميات»، وفى العصر القبطى «قونه أوكونة»، وبعد الفتح الإسلامى سميت «أقني»، ومنه اشتق اسمها الحالى قنا، ويتوسطها نهر النيل، وتحتضنها من الشرق سلاسل جبال البحر الأحمر، ومن الغرب الصحراء الغربية، وتذخر قنا بالأعلام في الدين والسياسة والاقتصاد والرياضة والفن، أشهرهم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشاعران عبد الرحمن الأبنودي، وأمل دنقل، واستقر بها السيد عبد الرحيم القنائي.