الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

اللاجئون السوريون.. بين ابتزاز أردوغان والرفض الأوروبى.. الرئيس التركى يستخدم 3.7 مليون مهاجر ولاجئ للحصول على دعم لخدمة عملياته فى «دمشق»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال الأيام القليلة الماضية، شهدت جزيرة «ليسبوس» اليونانية، التى لا تبعد كثيرًا عن الساحل التركى و«نقطة ساخنة» للاجئين القادمين من تركيا، توترات وعنفًا غير مسبوقين، عقب تصريحات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، حول فتح الحدود التركية الذى سيزيد من حدة التوتر بين البلدين بشكل خاص وتركيا وأوروبا بشكل عام.


كثيرًا ما يقوم أردوغان باستخدام ملف اللاجئين، كأداة ضغط للحصول على الدعم الأوروبى ماديًا وعسكريًا، بما يمكنه من تحقيق مخططاته فى المنطقة، وحينما تراجع هذا الدعم قام يوم ٢٨ فبراير، بفتح الحدود مهددًا أوروبا بوصول ملايين المهاجرين إليها بعد إخلالها بالاتفاق الذى أبرمه مع الاتحاد الأوروبى عام ٢٠١٦. ويأتى فتح الحدود من جانب تركيا فى وقت تسعى فيه للحصول على الدعم فى سوريا، رغم تبرير أنقرة فتح الحدود بعدم قدرتها على مواجهة موجة هجرة جديدة، حيث شنت عملية عسكرية كبيرة تسمى «درع الربيع» ضد نظام بشار الأسد، بعد أن تكبدت خسائر فادحة. فأسقطت القوات التركية طائرتين سوريتين وقتلت عشرات الجنود، مما دفع النظام السورى –المدعوم من روسيا- لصد هذا الهجوم بشن هجوم مماثل لاستعادة محافظ إدلب –آخر معاقل المتمردين والجهاديين فى سوريا.
بعدما وجدت تركيا نفسها وحيدةً فى هذا الهجوم العسكرى وتخلى روسيا عنها بدعمها النظام، قرر الرئيس أردوغان استخدام ٣.٧ مليون مهاجر ولاجئ موجودين على أرضه، كعملة للحصول على دعم أوروبى فى عملياته فى سوريا، وحث حلفائه فى الناتو على الانضمام إليه على الجبهة السورية. ويؤكد هذا الاحتمال توقيت إصدار قرار فتح الحدود، حيث أتى بعد مقتل ٣٣ جنديًا تركيًا فى غارات جوية منسوبة للنظام السورى يوم ٢٨ فبراير الماضي، وبعد ساعات قليلة تم تشجيع المهاجرين الموجودين فى تركيا على الانتقال إلى الحدود البرية لليونان وبلغاريا. على إثر هذا القرار استمر الآلاف من المهاجرين فى التدفق إلى الحدود بين تركيا واليونان على أمل العبور، على الرغم من التدابير الحثيثة التى اتخذتها أثينا، والتى أطلقت قواتها قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وتمكن ١٣٠٠ طالب لجوء من الوصول إلى جزر بحر إيجة حتى يوم ٢ مارس الجاري. واستغل الرئيس أردوغان سياسات اليونان لوقف التدفق، فاتهمها بقتل اثنين من المهاجرين والتسبب فى إصابة ثالث بجروح خطيرة دون إثبات اتهاماته، ونشرت أنقرة مقطع فيديو «مزيف» يظهر خفر السواحل اليونانية يقومون بإطلاق طلقات تحذيرية. وفى ٥ سبتمبر، هدد بفتح الحدود إذا لم يتلق الدعم الدولى لإنشاء منطقة آمنة للاجئين، وكرر هذا الخطاب ضد القادة الأوروبيين عدة مرات، منها خطابه فى شهر نوفمبر من العام ذاته، الذى قال فيه «سواء تلقينا الدعم أم لا، فسوف نستمر فى مساعدة الضيوف الذين نستضيفهم، لكن إذا لم ينجح ذلك، فسيتعين علينا فتح الأبواب». توضح جملة هذه التصريحات العدوانية أن استغلال المهاجرين السوريين أصبح مكونًا أساسيًا وأداة فى يد حزب «العدالة والتنمية»، لجنى المكاسب رغم ادعاء رئيسه التفوق الأخلاقى على غيره من قادة الدول، من خلال التأكيد فى السابق على الميزة الإنسانية لسياسة الباب المفتوح «الصديقة للاجئين»، كالتزام أخلاقى مستمد من التقاليد الإسلامية. لكن فى الواقع حول الرئيس أردوغان السوريين إلى أسلحة ضد الاتحاد الأوروبي، وأصبح تسليح اللاجئين –أى استخدامهم كسلاح- سمة أساسية فى تعريف التفاعلات بين تركيا وأوروبا، بما سمح لأنقرة بجنى فوائد جمة من مساوماته مع الاتحاد الأوروبي.

أوضحت ردود الأفعال الأوروبية أن محاولة الضغط التركى لم تنجح فى تحقيق الأهداف المتوقعة، فخلال اجتماعهم بناءً على طلب تركيا يوم ٢٨ فبراير، لم يقدم أعضاء الناتو أى وعد ملموس حقيقى بمساعدة تركيا فى سوريا. وشجبت دول الاتحاد الأوروبى «الابتزاز غير المقبول» من جانب تركيا لها للحصول على الدعم فى سوريا، مستغلة القلق الأوروبى من حدوث أزمة هجرة مماثلة لأزمة عام ٢٠١٥. فقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إنه «من غير المقبول» أن تمارس تركيا ضغوطًا على الاتحاد الأوروبى «على حساب اللاجئين». وحذر المفوض الأوروبى للهجرة مارجريتس شيناز، من أن «لا أحد يستطيع ابتزاز الاتحاد الأوروبي».
وأعلنت الحكومة اليونانية أنها سترفض لمدة شهر تلقى أى طلب لجوء جديد قدمه مهاجرون دخلوا أراضيها بطريقة غير قانونية. وأنشأت أثينا أيضًا نظامًا نصيًا تلقائيًا للهواتف المحمولة الأجنبية التى تقترب من الحدود، مع الرسالة التالية: «لا يمكن لأحد عبور الحدود اليونانية، سيتم حظر أولئك الذين يحاولون الدخول بطريقة غير قانونية». كما قامت القوات اليونانية بمنع عشرة آلاف مهاجر من العبور، واعتقلت نحو ٢٠٠ شخص، وقامت الشرطة باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه بما دفع المهاجرون للرد عليها، وهو ما تسبب فى اندلاع العنف على الحدود البرية. وفيما يتعلق ببلغاريا، فقد قررت السلطات إرسال قوات إلى حدودها البرية والبحرية مع تركيا فى ذات اليوم، الذى أعلن فيه الرئيس أردوغان عن فتح الحدود، وأعلنت نشر تعزيزات على الحدود لمنع أى محاولات لتدفق اللاجئين إليها.