الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

"النذور".. تشعل الخلاف بين الصوفية والأوقاف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حصيلتها نصف مليار جنيه سنويًّا.. وأزهريون: أموالها “,”سحت“,”، ولا بد من نقلها خارج الأضرحة تجنبًا للشبهات.. والصوفية تطالب بزيادة حصتها من 10% إلى 50%.
تعتبر زيارة الأضرحة، والتبرع والنذور لها، جزءًا أصيلاً من الموروث الشعبي المصري، خاصة لأنصاف المتعلمين والعوام، الذين يذهبون إلى صاحب الضريح وينذرون له النذر، ويضعون في صندوقه نقودًا؛ ظنًّا منهم أن صاحب الضريح سوف ينعم عليهم بكرامة من كراماته أو سيمنحهم نفحة من نفحاته.. يشفي لهم مريضًا، أو ينجِّح لهم ابنًا في الامتحان، أو يزوِّج لهم “,”عانس“,”.
ورغم ما تدره هذه الصناديق من ملايين الجنيهات في صورة صدقات وتبرعات من زائري هذه الأضرحة والمساجد ومريديها؛ فإن هناك بعض الدعوات من قبل علماء الأزهر تطالب بإلغاء هذه الصناديق ونقلها خارج الأضرحة؛ معتبرين أن وضع هذه الصناديق داخل الأضرحة والمساجد هو أمر مخالف للشريعة الإسلامية.
من ناحية أخرى أثارت هذه الصناديق أزمة بين وزارة الأوقاف والطرق الصوفية حول النسبة المستحقة للأخيرة من عوائد تلك الصناديق..
“,”البوابة نيوز“,” ، رصدت مختلف الآراء حول هذا الموضوع، وطرحت عدة تساؤلات، منها: أين تذهب أموال هذه الصناديق؟ وما مدى مشروعيتها؟
بدايةً، يقول الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن النذر مفهومه التزام قربة لله عز وجل، حيث يقول الله تعالى: ﴿يُوفُونَ بالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ ؛ فالنذر يجب أن يكون خالصًا لله تعالى، ولا يوجه لغيره مطلقًا، وإلا بطَل ولا يجب الوفاء به، ومن صور ذلك: النذر للأولياء، أو الأنبياء، أو العلماء، في قبورهم؛ فهذا النذر محرم شرعًا؛ لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» ، كما أن النذر أخذ مساحة طيبة في التشريع والفقه الإسلامي، وهناك صور عديدة له، فمنها ما هو مرغوب، وما هو مكروه، وما هو محرم.
وأشار كريمة إلى أن النذر المرغوب يكون نذرًا مطلقًا ابتغاء طاعة الله، كأن يقول الشخص دون تعليق على أمر دنيوي: “,”لله عليَّ نذر“,”، ومنه ما هو مكروه، كمن علق على منفعة دنيوية عندما يقول: “,”إن شفى الله المريض فعليّ نذر“,”، ومنه ما هو محرم، إذا قصد بالنذر غير الله عز وجل، ويتمثل هذا في دفع أموال نقدية بالنية لصاحب قبر أو ضريح، فالعوام وغيرهم يأتون إلى مسجد به ضريح وينوي أخدهم أن يدفع هذا النذر من أجل صاحب الضريح، وهذا مخالف للشريعة الإسلامية جملة وتفصيلاً، حيث قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ ومَمَاتي لله رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ له﴾.
وأضاف أن وضع صناديق النذور داخل الأضرحة هو عمل مخالف للشريعة الإسلامية؛ لما يؤديه من تهديد مباشر لصحة العقيدة الإسلامية، مطالبًا وزارة الأوقاف بنقل هذه الصناديق فورًا من داخل هذه الأضرحة إلى صحن المسجد؛ ليكون التبرع لإعمار المسجد وخدمة الدعوة الإسلامية والإنفاق على الفقراء والمحتاجين، مؤكدًا أن ما تدره أموال هذه الصناديق بوضعها الحالي داخل الأضرحة تعتبر أموالَ “,”سحت“,”؛ لأنها جاءت عن طريق منهي عنه شرعًا، منوهًا إلى أنه لا يليق بوزارة الأوقاف، المسئولة عن الدعوة الإسلامية، استخدام هذه الأموال، التي إن لم تكن عين الحرام فهي شبهات، ويجب إبعاد الدعاة عن عوائدها؛ إجلالاً وتقديرًا لرسالتهم السامية، وكذلك لوضع حد للصراع والمحسوبية؛ سعيًا للعمل في هذه المساجد التي تحتوي صناديق نذور.
فيما رفض الدكتور علاء أبو العزائم –شيخ الطريقة العزمية- فكرة إلغاء صناديق النذور أو تعديل مكانها؛ باعتبارها مصدرًا رئيسًا للصدقات والتبرعات، موضحًا أنه إذا تم وضع هذه الصناديق في ساحة المسجد بعيدًا عن الضريح سيتم سرقتها ونهبها، خاصة في ظل ما تشهده البلاد من انفلات أمني.
وطالب أبو العزائم بزيادة حصة الطرق الصوفية من عوائد هذه الصناديق من 10% إلى 50%؛ موضحًا أن حصيلة هذه الصناديق تزيد عن نصف مليار جنية سنويًّا.
وأشار إلى أن هناك العديد من صناديق النذور المنتشرة في محافظات مصر، إلا أن أكثر صناديق النذور جلبًا للصدقات هي الصناديق الموجودة في المساجد والأضرحة الكبرى، مثل مسجد السيدة زينب والسيدة نفيسة، والحسين، والحسن الشاذلي، والسيد البدوي، وإبراهيم الدسوقي، والمرسي أبو العباس.
كما استنكر شيخ الطريقة العزمية القول بأن التصدق لصناديق التبرعات داخل الأضرحة نوع من الشرك؛ حيث إن من يقوم بوضع الصدقة يخرجها بنية إرضاء الله تعالى، وطمعًا في التقرب إليه وإجابة دعائه.
في السياق ذاته قال الشيخ سلامة عبد القوي، مستشار وزير الأوقاف: إن الوزارة وضعت ضوابط جديدة في عملية فتح صناديق النذور، بمزيد من الإشراف، ومزيد من المصداقية والشفافية؛ وذلك من أجل الحفاظ على المال العام، الذي من الممكن أن يتعرض لعملية نهب وسرقة أثناء فتح الصناديق بالمساجد المختلفة.
وأضاف عبد القوي إلى أن هذه الضوابط راعت الحفاظ على نسب كل المستحقين من هذه الصناديق؛ حيث إن مشيخة الطرق الصوفية تحصل على نسبة 10% منها، كما يحصل المسجد الذي يوجد به صندوق النذر على 10% أيضًا؛ وذلك من أجل قيام المسجد بعمليات الترميم والصيانة اللازمة وكذلك الإنفاق عليه. أما باقي النسبة فهي حق لوزارة الأوقاف، وذلك وفقًا للقانون رقم 52 لعام 1998 المنظم لصناديق النذور.