انتشر وباء «كورونا» القاتل في جميع أنحاء العالم بشكل سريع ومخيف.. ومع أنه ظهر في شرق الكرة الأرضية.. إلا أنه وصل إلى غربها بشكل سريع.. رغم الاحتياطات المشددة.. مما جعل الكثير من بلدان العالم تعلن الطوارئ.. وتغلق حدودها وتتخذ إجراءات وقائية واحترازية مشددة.. بعد أن تفشى فيها المرض.. الذى تكمن خطورته في سرعة انتقاله وانتشاره.. وعدم اكتشاف وإنتاج أدوية ومضادات لهذا المرض المتحور.
ويبدو أن «كورونا» هو وباء القرن.. فالبشرية على موعد مع الأوبئة الكبرى كل مائة عام تقريبًا.. ففى الماضى القريب.. ضرب الطاعون فرنسا عام ١٧٢٠ فيما عرف بطاعون مرسيليا الكبير الذى خلف عشرات الآلاف من الوفيات.. وقبله بنحو قرن وتحديدًا عام ١٦٢٩ ضرب الطاعون المدن الإيطالية وأفرغها من سكانها.. وفى عام 1817 ظهر وباء الكوليرا لأول مرة فيما عرف بالكوليرا الآسيوية الأولى.. حيث ظهر بالقرب من مدينة كلكتا شرق الهند ثم انتشر في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا وانتقل إلى منطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا وبعض البلدان الأوروبية.. واستمر الوباء حتى عام ١٨٢٤ مخلفا وراءه آلاف الوفيات.
ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٨ تحورت الإنفلونزا وتحولت إلى وباء عرف بإسم الإنفلونزا الإسبانية، التى حصدت أرواح أكثر من ٥٠ مليون شخص.. أى أضعاف ما خلفته الحرب العالمية الأولى.. والتى كانت سببًا مباشرًا لانتشار الوباء.
وبعد قرن من الإنفلونزا الإسبانية.. ظهرت الإنفلونزا الصينية المعروفة بفيروس «كورونا» المستجد.. وهو فيروس حيوانى المصدر انتقل للإنسان عن طريق مخالطته للحيوانات المصابة بالفيروس.. ثم انتقل بين البشر بعضهم البعض.. وطالبت منظمة الصحة العالمية دول العالم ببذل المزيد من الجهد والاستعداد لوباء محتمل بسبب الانتشار السريع لفيروس «كورونا».. ووصوله إلى العديد من دول العالم شرقًا وغربًا.
وقد اكتشف فيروس «كورونا» الجديد لأول مرة نهاية ديسمبر الماضي.. عندما أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية بتفشى إلتهاب رئوى غير معروف السبب.. اكتشف منتصف ديسمبر في مدينة ووهان وهى سابع أكبر مدينة في البلاد ويبلغ سكانها نحو 11 مليون نسمة.. وبعدها توالى إعلان بلدان عديدة شرق العالم وغربه عن وصول الفيروس إليها ووقوع وفيات بسبب المرض.. الذى أصاب عشرات الآلاف وحصد أرواح أكثر من ٣ آلاف شخص حتى الآن.. وهو عدد كبير خاصة وأن الوباء مازال في مراحله الأولى.
ونحن في مصر.. يجب ألا نهون من أمر المرض.. ولابد من اتخاذ احتياطات وإجراءات وقائية شديدة.. لمنع وصول المرض للداخل.. والتعامل مع الحالات الموجودة بحزم وحرص شديدين.. وانتهاج منهج المصارحة والمكاشفة والشفافية.. في كل ما يخص المرض.. حتى لا نفاجأ وقد داهمنا الوباء.. وضرب بلدنا وحصد أرواحنا.. ولابد من فرض إجراءات ورقابة شديدة على المطارات والمنافذ.. والتعامل بحرفية مع الأمر.. واتخاذ التدابير الاحترازية.. لتنجو بلدنا من وباء القرن العالمي.. سريع الانتشار والعدوى.. والذى لم يكتشف له دواء حتى الآن.
ويجب علينا نحن كمواطنين أن نتبع كل إجراءات الوقاية.. وأن نتخلص من بعض العادات السيئة.. بالأحضان والقبلات عند السلام والمصافحة.. والسعال والعطس في وجوه الآخرين.. وغيرها من العادات السيئة.. واتباع تعاليم ونصائح وتوصيات منظمة الصحة العالمية التى تهدف إلى الحد من الإصابة بالفيروس.. خاصة النظافة الشخصية.. والممارسات الغذائية الآمنة.
حفظ الله مصر من كل وباء ومكروه.. فهى في غنى عن أى هزة أخرى بعدما حدث لها من هزات خلال السنوات الماضية.. جعلتها تئن من الغلاء والبلاء.. وحتى لا تنتكس حالتنا بعد أن تخطينا مراحل الخطر وبدأنا مسيرة الاستقرار والتنمية.