أكَّد قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أن الكنيسة المصرية مؤسسة وطنية عريقة، تشارك المصريين أفراحهم وآلامهم عبر التاريخ، وتؤدي رسالة روحية، وتتجنب الخوض في شئون السياسة.
وأوضح قداسة البابا أن الوعي الوطني لدى المصريين تزايَد بعد ثورة الثلاثين من يونيو، فقد شعرت جموع الشعب أن الحراك الذي حدث من قبل تمت سرقته لحساب قوى معادية للوطنية المصرية، وتعرضت البلاد للعديد من المتاعب والأزمات، ثم جاءت 30 يونيو لتكون نقلة كبيرة في حرص الناس على بلدهم وهُويتهم الوطنية التي تشكلت عبر الزمان.
جاءت هذه التصريحات على لسان البابا لدى استقباله بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية الناشر حسن غراب، صاحب دار "غراب للنشر والتوزيع"، وأحمد حسن غراب مدير الدار، رفقة الكاتب الروائي محمد بركة، وتسلَّم قداستُه النسخة الأولى من كتاب "أقباط القدس ومشكلة دير السلطان" الصادر عن دار "غراب" للمؤلف الدكتور ماجد عزت إسرائيل.
وتفضَّل قداسة البابا بكتابة مقدمة هذا العمل الكبير. وأثنى على الجهد المبذول في تأليف الكتاب، كما أبدى إعجابه بمستوى الإخراج الفني للكتاب وطباعته.
وأهدى الكاتب الروائي محمد بركة قداسة البابا نسخة من روايته الأخيرة "أشباح بروكسل"، التي تتناول ظهور تنظيمات متطرفة تحاول فرض فهمها المغلوط للدين على الدول الأوروبية.
جاء في مقدمة الكتاب التي كتبها قداسة البابا:
"مدينة القدس لها مكانة دينية كبيرة في قلب كل مسيحي، فهي المدينة المقدسة التي عاش فيها السيد المسيح، وشهدت أهم الأحداث في حياته، وبها أماكن دينية مقدسة، تشمل الأماكن التي ارتبطت بخدمة السيد المسيح ومعجزاته وآلامه وقيامته وصعوده، وكل شبرٍ من أرضها وَطِئَته قدما السيد المسيح صارت له قدسية خاصة".
وأوضح قداسة البابا في مقدمة الكتاب أنه بعد خراب أورشليم سنة 70م، بدأ المسيحيون يُعمرون هذه المدينة من جديد، وبُنيت الكنائس فيها، وصارت لها ذكريات مقدسة في قلوب كل المسيحيين، وارتبط كل مسحيي العالم بأماكن مقدسة فيها.. كما أن المسلمين أيضًا - منذ بداية التاريخ الإسلامي- يخصُّون القدس بقدسية خاصة، ففيها توجد قبة الصخرة، والمسجد الأقصى، وغيرهما من المقدسات الإسلامية.
ويضيف: "من المؤسف حقًّا أن تكون هذه المدينة المقدسة - التي تحمل اسم مدينة السلام - مسرحًا لصراعات دامية عبر الأزمنة، وبحسب بعض الإحصاءات فإنها تعرضت للحصار نحو عشرين مرة، ودُمرت تدميرًا شاملًا مرتين، وأُعيد تشييدها نحو ثماني عشرة مرة، كما انتقلت من وضعٍ إلى وضع عدة مرات عبر التاريخ."
وشدَّد قداسة البابا على أن: "تحقيق السلام - لمدينة السلام - اختيار لا بديل عنه.. والسلام لا يتحقق إلا باحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة، وأن السلام الحقيقي لن يصبح واقعًا ما لم يتوقف العداء والاعتداء، وأن يتوقف العنف والصراع والتهديد بكل صوره وأشكاله".
ويتضمن الكتاب خمسة فصول تشمل الملامح الجغرافية لمدينة القدس، والجذور التاريخية للجالية القبطية في المدينة، فضلًا عن ممتلكات تلك الجالية.