«لا يمكن نجاح العملية داخل مصر، ولا يوجد مستشفى يمكنه إجراء هذه العملية، وكذلك يوجد نقص بالأجهزة الطبية المخصصة لهذا النوع من العمليات في مصر»، كانت هذه الكلمات كفيلة بأن تسد الطريق أمام كل من يسمعها، خاصة أنها صدرت من أحد أكبر خبراء جراحات قلب الأطفال في العالم، وهو الدكتور أليساندرو فرجيولا، أستاذ ورئيس أقسام جراحة قلب الأطفال بمستشفى «سان دوناتو» بإيطاليا، وهو واحد من أكبر المستشفيات في العالم لجراحات القلب، كما يعد السيد فرجيولا الأشهر عربيًا بسبب زياراته المتكررة للدول العربية لإجراء جراحات بالمجان، كما أنه أسس جمعية خيرية بمنطقة لومبارديا الإيطالية تتكفل بعلاج حالات القلب الصعبة وذات التكلفة المرتفعة للأطفال من جميع أنحاء العالم.
كانت البداية عندما أصيبت «رحمة» ابنة عمى - 11 عامًا - بتضخم في الشريان الأورطي، وهو ما كان يستوجب التدخل الجراحى لإنقاذها، وتم إجراء جميع الفحوصات الطبية، وقررت إدارة مستشفى أبوالريش للأطفال بالقاهرة إجراء العملية بالمستشفى تحت إشراف الخبير الأجنبى الدكتور فرجيولا وفريقه، بالإضافة إلى الفريق الطبى المصري.
ودخلت «رحمة» إلى غرفة العمليات لإجراء الجراحة الصعبة، وهى تحت «رحمة» الله أولًا وخبرة الفريق الطبى المحترف في هذا النوع من الجراحات، كان الوقت المقدر للعملية بين 7 و8 ساعات، ولكن فوجئنا ونحن نقف خارج تلك الغرفة المغلقة بخروج الفريق الطبى بعد 3 ساعات فقط.. الجميع ينظر في حيرة لم تنته سوى إلا عندما تحدث الخبير الإيطالى إلى أحد معاونيه، الذى جاء بدوره ليخبرنا بأن العملية لم تكتمل، بسبب خلل في جهاز القلب الصناعى أدى إلى تسرب الهواء، وخوفًا من حدوث جلطة دماغية، تم وقف العملية، ليؤكد بعدها الدكتور فرجيولا، أنه لا يمكن إجراء هذه العملية داخل مصر، ولا يوجد مستشفى يمكنه القيام بذلك، ودعا إلى التواصل معه لمعرفة ما إذا كان هناك إمكانية لنقل الطفلة إلى إيطاليا أم لا.
بالفعل تواصلت معى المساعد الشخصى للسيد فرجيولا، وطلبت إرسال جميع الفحوصات الطبية ونتيجة العملية الأخيرة، وظلت هكذا تتحدث وترد بكل احترام، ولكن كانت النتيجة أنه يجب أن يتم دفع ما يقرب من نصف مليون جنيه لإجراء العملية بالخارج، تقدمت إليها بالشكر على أن أعاود التواصل معها مجددًا.
بدأ الأمل يعود من جديد، بعد التواصل مع مؤسسة الدكتور مجدى يعقوب لأمراض وأبحاث القلب بأسوان، وبدأت مرحلة جديدة من الفحوصات والكشف الطبى والمتابعة المستمرة، إلى أن تم تحديد موعد لعملية جديدة تحت إشراف السير مجدى يعقوب، وخبر إشراف «طبيب القلوب» على العملية في حد ذاته كان مصدر سرور وتفاؤل للجميع.
رغم أن الخوف كان موجودًا، إلا أن الطمأنينة كانت تسود الوجوه خلال دخول «رحمة» إلى غرفة العمليات، استمرت الجراحة طويلًا ولكنها بـ«رحمة» الله أولًا وبفضل «طبيب القلوب» كُتِب لها النجاح.
تذكرت في هذه اللحظة كلمات الخبير الإيطالى عن عدم نجاح العملية داخل مصر، ولكن يبدو أن السيد فرجيولا قد نسى أن الله قد وهبنا رجلًا لا يعرف المستحيل إليه طريقًا، وهبنا «السير مجدى يعقوب».