الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مجدي يعقوب.. حكيم القلوب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«نفسى أكون زى دكتور مجدى يعقوب» لم تسعنى الفرحة حينما عادت ابنتى ذات يوم من مدرستها لتقول لى إن تلك كانت إجابتها وزميلاتها في المدرسة في نشاط «يوم المهن»، وحمدا لله أن الفتيات في مصر يقتدين بقدوة حسنة بعيدا عن النماذج السيئة والمخجلة للاعبى كرة القدم ومطربى المهرجانات وغيرهم. 
مجدى يعقوب أيقونة يفخر بها جيلى من أبناء الثمانينيات، حيث كانت سيرته مقررة علينا في دروس القراءة، ولماذا لقب بـ«السير» من قبل ملكة بريطانيا، ووصفته الأميرة الراحلة ديانا «ملك القلوب» وستظل سيرته أسطورة بحروف من نور.
وكانت سعادتى غامرة حينما التقيته بمكتبة الإسكندرية عام 2006 وتحدثت إليه وجها لوجه لأول مرة، وقتها كان حماسه الشبابى حول علاج جديد معلنا رغبته في التعاون مع د. أحمد زويل، رحمه الله، في أبحاث لعمل صمامات قلبية باستخدام تقنية النانوتكنولوجي، وقال إن تلك الأبحاث ستجرى في العالم لأول مرة وتستهدف الوصول لإنتاج عضلات قلبية مستقبلا.
ورغم أننى كنت في بداياتى الصحفية، إلا أنه كان قمة في التواضع فلم يبخل بوقته وقدم لى تصريحات خاصة أرسلتها للجريدة فقامت زميله بمحو اسمى من على الخبر وكتبت عليه «القاهرة- لندن» في حين أن التصريحات في الإسكندرية! لم أحزن على السبق بل كانت سعادتى كبيرة بنشر خبر قد يعطى الأمل للناس، قال يعقوب: «إن الأبحاث ستجرى ضمن مشروع شامل يخطط له لإقامة بنية تعاونية طبية ضخمة معنية بأمراض القلب في العالم العربى بالتعاون مع جامعات إمبيريال وأكسفورد وفلورنس ومكتبة الإسكندرية ومعهد مجدى يعقوب بلندن». وبالفعل ما هى إلا أشهر وأسس وحدة أبحاث تابعة لمكتبة الإسكندرية أعقبتها وحدات أخرى في مدن مصرية وعربية. يشارك فيها بالعمل أطباء وعلماء من شتى بقاع العالم، يعكفون بإصرار على علاج أمراض القلب.
برع يعقوب في زراعة أول قلب بشرى، بل وقام بابتكار عمليات لإراحة قلب المريض لعدة شهر ثم إعادة زرعه فيما يسمى بعمليات الـ«ريجنيريشن» وقال إن مشروعه سيستقبل المرضى من العالم العربى وكل العالم؛ لأن «العلم ليس له حدود» وكذلك الطموح إلى تخفيف المعاناة.
واليوم هذا الرجل بمسيرة تقارب نصف قرن من العمل الطبى ما بين المرضى والأطباء والممرضات وغرف العمليات ومراكز الأبحاث يثبت لنا أن المعجزات تحدث، وأن الخير يجب أن يعم دون تمييز، مؤخرا شاهدت فيلما وثائقيا عنه على قناة أوروبية تروى فيه أم إثيوبية بدموعها المنهمرة كيف أنقذ د. مجدى يعقوب ابنها من موت محقق، إنه بحق سفير الإنسانية. 
آثر «السير» أن ينفق ساعات عمره بين غرف العمليات حول العالم لإنقاذ قلوب الآلاف، محولا حزنه على وفاة عمته ذات الـ21 ربيعا إلى دافع قوى لإنقاذ الأرواح وإدخال البهجة على قلوب الآباء والأمهات. 
لا يكل «السير» من العمل، وحينما توقف عن مزاولة الجراحة بالمستشفى الحكومى بلندن لبلوغه الـ65 عاما، بدأ يتفرغ لعيادته الخاصة ومشروع «سلاسل الأمل»، وكلفه رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير بإصلاح نظام التأمين الصحي.
مجدى يعقوب هو مثال لـ«الحكيم» كما كان يطلق قديما على الأطباء، فهو يقدم لنا في كل سلوكياته الحكمة قبل المعرفة والعلاج، فالأهم هو كيف تطبق العلم الذى تحصلت عليه ومنحك الله إياه؟ فلا تطوعه في استغلال البشر ماديا ولا تضن على غيرك بالمعرفة، عبر حرصه على تدريب الشباب وإكسابهم الخبرات لينقذوا معه المزيد من الأرواح. 
أى ظهور لمجدى يعقوب يعيد لنا صورة الطبيب ملاك الرحمة ويعطينا مع كتيبته من الأطباء الأمل، ويؤكد أن الأطباء الذين يطرقون أبواب المرضى لأخذ الأتعاب قبل الاطمئنان على صحة المريض ليسوا إلا تجارا أو «قصابين».
ومن دبي، يضرب لنا يعقوب مثالا جديدا للعطاء بعزمه تأسيس أضخم مشروع لعلاج مرضى القلب في الشرق الأوسط بمصر أثناء تكريمه بوشاح محمد بن راشد للعمل الإنسانى، الذى أعلن جمع ما يزيد على 360 مليون جنيه، سيجرى من خلاله 10 آلاف جراحة سنويا، ويستقبل أكثر من 80 ألف مريض سنويا، فلا يسعنا إلا أن نقول بفخر كما قال حاكم دبي: «مع البروفيسور مجدى يعقوب.. يدًا بيد.. نصنع أملًا جديدًا.. أطال الله عمره وزاده همة وطاقة ونشاطًا في خدمة الناس».