الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سنوات المهرجانات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لن نتعب أنفسنا في تحديد موقف من قرار نقيب الموسيقيين هانى شاكر بخصوص من يسمونهم.. «مطربو المهرجانات». ولكن ما هو جدير بالتعب هو البحث عن كل مهرجانات حياتنا التى نعيشها يوميا.. والكلام هنا أفقى وبالعرض يتقاطع مع كل التفاصيل اليومية التى تؤرق أرواحنا وتجعل حياة المصرى صعبة ومرهقة.
حكاية كلمات بيكا وشطة وشاكوش هى حكاية جريمة مكانها هناك في قضايا الجنح والجنايات ويمكن وصفها بأنها اعتداء منظم على الأفراد والمجتمع ولو أرادت نقابة الموسيقيين حسمها في خطوة واحدة لفعلت، ولكنها اختارت مسار المنع المراوغ، ولكن قبل أن نغرق في معالجة القشة في كلمات المهرجانات تعالوا نرى الخشبة في عين الجميع.. تعالوا نسأل أنفسنا عن مؤسساتنا التى ندفع لها من ضرائب الفقراء وهل أوفت تلك المؤسسات بواجباتها نحو المجتمع ليرتاح المصرى ويطمئن في يومه.
الصراحة راحة يا أصدقاء.. كل مجهودات الدولة منذ سنوات في إعادة بناء الإنسان المصرى تذهب إلى الفراغ وما حكاية موسيقى المهرجانات إلا دليل كاشف عن نتائج الغياب المتعمد في الإعلام والثقافة، في التعليم في تطرف الخطاب الديني.. في تدنى المنظومة الصحية في فهلوة موظفى المحليات وفساد قطاع منهم، في الرشوة في خيبة المثقف المتصالح مع جماعات الإرهاب، كل تلك المهرجانات التى نعيشها مع طلعة شمس كل يوم حتى غيابها تجعلنا نسأل أين المفر؟
منظومة الضرائب وموت الكلام عن الضريبة التصاعدية أظن أن هذا الملف مهرجان قائم بذاته يضرب في عظام الأغلبية ويشل يد الدولة عن التمويل الصحيح.. من فتح استاد ناصر- الذى اسموه استاد القاهرة- لمهرجان شاكوش وخموره ليس أقل تخريبًا من الكلمات القاتلة لأولاد أبوسليم «هاتعورنى هاعورك وأبوظ لك منظرك».. وقبل أن نبتعد عن هذه النقطة نسأل عن مدى نفوذ أصحاب المراكب النيلية والقاعات والكافتيريات ومنظمى الحفلات.. هل يدفع هؤلاء ما عليهم من ضرائب؟.. أليس هؤلاء هم من يرفعون اللافتات في الانتخابات ويدعمون زيد في مواجهة عبيد؟.. أليست هناك دوائر متقاطعة بين بيزنس الإنس وقطاعات مؤثرة في الدولة؟.. هذا الملف له رائحة عفنة وأدعو رجال الرقابة ارتداء كمامة وفتح ملفاتهم لمصلحة هذه البلد التى يتكالبون عليها صغارا وكبارا.
وعن ذلك أقول انظر حولك.. إذا استطعت الإفلات من بلطجة السايس في شوارع المحروسة فأنت بطل وإذا خرجت من بيتك مع ابنتك وعدتما دون أن تنالا كلمة قذرة في الطريق العام فأنت محظوظ وإذا كان لك أحد الأقارب في مصلحة حكومية يساعدك في الحصول على حقوقك فأنت من الذين يقال عنهم «أمك داعية لك».
هذه هى المهرجانات التى أعرفها.. وليس معنى هذا أننى متسامح مع جريمة الكلمات المبتذلة التى يروج لها مطربو «الغبرة»، الكلمات التى لا أستطيع كتابتها لكم في مقالى لكى أدلل لكم عن مدى معالم الجريمة.. لو أسمينا خبط الحلل الذى يقدمونه موسيقى لكان الأمر سهلًا.. ولكن أن يرافق هذا الخبط دعاوى عنف ضد المجتمع لا تقل إجراما عن دعاوى بعض الأزاهرة وكل الدواعش فهنا لا بد أن نتوقف بعيدا عن نصوص القوانين التى تعاقب وتحدد وتمنع وبعيدا عن ما يسميه البعض حرية التعبير، نذهب مباشرة إلى حكاية الكلمات التى تصاحب ما قالوا عنها موسيقى المهرجانات ونسأل أنفسنا.. هل كذب آباؤنا عندما قالوا لنا إن الكلمة مسئولية؟ ولقد حددها لنا الراحل الكبير عبدالرحمن الشرقاوى وصدقناه وما زلنا عندما ذكرنا أن عيسى ما كان سوى كلمة، ويؤكد الشرقاوى وغيره على مدى التاريخ أن الخلق يبدأ بكلمة من حرفين هي. كن. وبتشخيص دقيق يقول لكم الشرقاوى الأب المؤسس.
الكلمة نور..
وبعض الكلمات قبور
وبعض الكلمات 
قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري
الكلمة فرقان بين نبى وبغي
لذلك يصبح من الواجب علينا أن يتوازى صراخنا الذى نهتف به عندما طالبنا بالقضاء على العشوائيات السكنية أن يتم القضاء أيضًا على عشوائيات الصحافة والإعلام وتخلف بعض المنابر والزوايا، وأن يتم انتزاع الختم من يد مدام عفاف التى تجرد الكوسة في الدور الثانى، وأن نعود من جديد بشرًا قادرين على نحت المعابد وتوظيف الواى فاى توظيفًا صحيحًا.. وقتها لن نحتاج إلى قرار نقيب الموسيقيين لمواجهة فساد كلمات أغانى المهرجانات.