الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لا تظلموا "المراهقة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدى السنوات الماضية انتشرت بعض الظواهر السيئة والجرائم المتوحشة، وغالبًا ما تنسب لفترة المراهقة، زورًا وبهتانًا وكأن تلك المرحلة العمرية الفاصلة بين الطفولة والرشد، والممتدة من سن 15 إلى 25 عامًا، هى السبب في الانحراف الفكرى والجسدي.
وبعض الناس يظلم «المراهقة» ويعتبرها فترة اهتزاز نفسى ومعنوى لدى الشباب، وأنه لا بد للشباب في هذه السن أن يطيش وأن يتمرد على المجتمع والعادات والأعراف، وبسب هذه القناعات غير الحقيقية ظهرت في المجتمع مظاهر غريبة وعجيبة.. والحقيقة أن هذه الفترة هى فترة الطموح والتحدى والإبداع والقدرة لدى الإنسان، بل وفيها يظهر النابغون والمحترفون والقادة، ولنا في التاريخ عبرة فـ «على بن أبى طالب»، لم يتجاوز عمره عشر سنين عندما بعث النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فكان أول من أسلم، ولم يستصغر نفسه، فبمجرد أن عرف الحق وتبين له الباطل شهد شهادة الحق ولم يقل كيف أخالف أهلى وقومي.. وها هما معاذ بن عمرو بن الجموح «13 سنه»، ومعوّذ بن عفراء «14 سنة»، كانا فارسين من فرسان المسلمين في غزوة بدر واستطاعا قتل أبا جهل قائد المشركين.. ولنا أيضا قدوة في عبدالرحمن الناصر «21 سنة»، الذى حكم الأندلس في عصرها الذهبي، وقام بنهضة علمية منقطعة النظير لتصبح أقوى الدول في عصره، وأيضا أسامة بن زيد «18 سنة»، قاد جيش المسلمين في وجود كبار الصحابة، ليواجه أعظم جيوش الأرض حينها، تعجب بعض الصحابة، وطلبوا من الرسول أن يولى من هو أكبر منة سنًا، فغضب النبي، وخطب الناس وقال: «ما بال أقوام يقدحون في أن وليت أسامة على الجيش وأيم الله أن كان للإمرة لخليق وأنه لمن أحب الناس إليّ فاستوصوا به خيرًا فإنه من خياركم».. وسعد بن أبى وقاص «17 سنة»، أول من رمى بسهم في سبيل الله وكان من الستة أصحاب الشورى وكان الرسول، يشير إليه قائلًا «هذا خالى فليرنى كل امرؤ خاله».. وهناك الأرقم بن أبى الأرقم «16 سنة»، والذى جعل بيته مقرًا للرسول 13 سنة متتابعة.. وطلحة بن عبيد الله «16 سنة»، أكرم العرب في الإسلام، وفى غزوة أحد بايع رسول الله على الموت، وحماه من الكفار، واتقى عنه النبل بيده حتى شلِت أصبعه، ووقاه بنفسه.. والزبير ابن العوام «15 سنة»، أول من سل سيفه لله في الإسلام وهو حوارى النبي.. وهناك عمرو بن كلثوم «15 سنة» والذى ساد قبيلة تغلب وقد قيل عنها «لولا نزول الإسلام لأكل بنو تغلب الناس»، وزيد بن ثابت «13 سنة»، أصبح كاتب الوحى وتعلم السيريانية واليهودية في 17 ليلة، وأصبح ترجمان الرسول، وحفظ كتاب الله وساهم في جمع القرآن.. وهذا ابن عباس «حبر الأمة» كما في يسمع من النبى وصيته المشهورة وهو غلام صغير حيث قال له النبي: «يا غلام إنى أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله».
وعند توسيع الدائرة نرى أن يوهان جوتة أحد أشهر أدباء ألمانيا المتميزين، ترك إرثًا أدبيًا وثقافيًا ضخمًا للمكتبة الألمانية والعالمية، وكان أغلب أثره في ريعان شبابه وكان له بالغ الأثر في الحياة الشعرية والأدبية والفلسفية، وما زال التاريخ الأدبى يتذكره بأعماله الخالدة ولم يكن جوتة مجرد شاعر عادى بل تبحر في مختلف العلوم.. وهناك «ألبرت أينشتاين» وهو عالم فيزياء ألمانى المولد، برزت موهبته في شبابه، ومن أعظم إنجازاته اكتشافه لموجات الجاذبية، التى لا يمكن رؤيتها، وهو من أكثر المؤثرين في عالم الفيزياء في القرن العشرين، ويعود له الفضل بوضع نظريتى النسبية العامة والخاصة، وقد تمتع بالفضول والشغف بالتحليل مما قاده لوضع النظرية النسبية العامة، كما لعبت جهوده دورًا كبيرًا في تطوير الطاقة الذرية.. ولا ننسى «إسحاق نيوتن»، العالم الإنجليزي الذى يعد من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية، كان له العديد من الإنجازات لعل أهمها قانون الجاذبية، وأيضا سادت شهرته في أيام الشباب.. وهناك «غوتفريد لايبنتز»، فيلسوف، وعالم طبيعة ورياضيات ألمانى الجنسية أسس وهو شاب علم التفاضل والتكامل، ومازالت رموزه الرياضية تستخدم حتى الآن.. وهناك اكريت جازوال من الهند مواليد 1993، ويعتبر معجزة طبية بعد أن أجرى عملية جراحية تجميلية لفصل أصابع اليد لطفلة وهو في السابعة عشرة من عمره.. وعبدالرحمن فارح من الجزائر مواليد 2006، دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأصغر حافظ للقرآن الكريم.. وايلاينا سميث من بريطانيا مواليد 2002، وتعتبر أصغر مقدمة برامج للنصح والتوعية في العالم.
وخلاصة القول، إن العبقرية بجانب أنها موهبة فهى صناعة وتربية، ومن ضمن الألقاب التى تطلق على ألمانيا أنها «بلد الأفكار والابتكارات»، وللحفاظ على هذا اللقب تقوم الحكومة الألمانية بدعم نوادى المخترعين من طلاب المدارس لتنمية قدراتهم ومواهبهم، وعدم تركهم للوحدة والأفكار الهدامة وشائعات المراهقة.. ويوجد حاليا في ألمانيا 130 ناديًا للمخترعين، تضم 3500 عضو، ويمول كل ناد سنويًا بـ 1500 يورو، ومعظم هذه النوادى أقيمت داخل المدارس لاستيعاب المراهقين.
وفى حوار تليفزيونى أجراه «جوزيف كينيدي» الذى كان يعمل سفيرًا للولايات المتحدة لدى بريطانيا قبل الحرب العالمية الثانية، في ستينيات القرن الماضي، أكد كينيدى أنه كان يربى أولاده كى يكونوا رؤساء للجمهورية، لذا لم يكن غريبًا أن ينافس ثلاثة من أبنائه التسعة للوصول إلى هذا المقعد، وأصبح جون كينيدى أصغر رئيس للولايات المتحدة من 1960 إلى 1963.