تحولت بعض الجامعات الحكومية ومعظم الجامعات والمعاهد الخاصة إلى سبوبة وبيزنس تعليمى يضاهى أكثر سناتر التعليم شهرة في دول العالم المتخلف الذى ننتمي نحن إليها!! وتتنوع مصادر الكسب السريع لهذه الجامعات والمعاهد من وراء هذه التجارة الرائجة مع الطلاب حتى أصبح بعض أعضاء هيئة التدريس فيها يحققون ثروات طائلة في وقت زمنى قصير جدًا بعيدًا عن الرقابة الأمر الذى فتح شهية رجال الأعمال إلى إنشاء وتأسيس كيانات تعليمية اقتصادية كبرى بالمدن الجديدة تحت مسمى جامعات ومعاهد عليا بهدف تحقيق الربح السريع والمضمون تحت مسمى أنشطة تربوية وتعليمية َجامعية!!
ومن بين الأنشطة التجارية والبيزنس الذى يدار غالبًا في هذه الكيانات هى بيزنس الكتب الجامعية التى يفرضها عضو هيئة التدريس أو عميد الكلية أو المعهد عنوة على الطلاب وربما تحت التهديد والوعيد، من أجل شرائها وتحقيق أرباح خيالية لا تستفيد منها أى جهة سوى الأستاذ الجامعى صاحب ومؤلف هذا الكتاب ونسبة من المبيعات للجامعة. الأمر الذى يكبل الأهالى مصروفات إضافية على مصروفات السنة الدراسية والتى تصل إلى عشرات الآلاف بل أكثر من مائة ألف سنويًا ولا يستطيعون إيقاف هذا العبث لأن الجامعة الخاصة تستفيد من هذا الأمر أيضًا!
ولكن القضاء المصرى العظيم أنصف الأهالى وأولياء الأمور عندما أصدرت المحكمة الإدارية العليا، حكمًا، بتوقيع عقوبات تأديبية متنوعة على 12 أستاذًا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالمنصورة من بينهم عميد الكلية لقيامهم ببيع الكتاب الجامعى بالإجبار وبأسعار تزيد عما قرره مجلس الجامعة وعدم قيامهم برد المبالغ المطلوبة منهم كفروق أسعار وتوقيعهم على تظلم لرئيس جامعة الأزهر ضمنوه ألفاظًا غير لائقة ومزاعم غير صادقة ضد قيادات الجامعة واتهموهم بالابتزاز والجباية والتدنى في المعاملة وعدم ملاءمة قراراته للعصر متجاوزين حدود حق الشكوى. كما أمرت المحكمة بإيداع المبالغ المحصلة بالزيادة لحساب صندوق التكافل للطالبات الفقيرات والحالات الإنسانية!
وكشفت المحكمة أن الأساتذة مع العميد وقعوا على تظلم لرئيس جامعة الأزهر ضمنوه الفاظًا غير لائقة ومزاعم غير صادقة ضد قيادات الجامعة بالابتزاز والجباية والتدنى وعدم ملائمة قراراته للعصر متجاوزين حدود حق الشكوى، وقال الأساتذة للمحكمة: وقعنا على التظلم دون علمنا بمضمون الألفاظ والعبارات!.
بينما كان درس المحكمة البليغ: لا يجوز لمثل من يتبوأ مكانتكم السامية كأساتذة جامعيين ومربين أن تتذرعوا بعدم علمكم بما احتواه شكايتكم من ألفاظ تجاوزت حقكم في الشكوى، وأنتم أعضاء هيئة التدريس بكلية الدراسات الإسلامية والعربية تعلمون النشء الألفاظ ومبانيها ومعانيها ودلالتها بل أنتم في ذلك أهل الذكر وتُسألون عما تفعلون، وهى أعذار تحط من قدركم أكثر مما تدفع عنكم ما كسبته أيديكم من مخالفة!
وتظل أزمة ومشكلة الكتاب الجامعى شاهدا على تدمير عقول كثير من الأجيال بالجامعات والمعاهد التعليمية، بداية من المحتوى المكدس ثم أسعاره التى تفوق قدرة المواطن البسيط، والتى وصلت إلى 200 جنيه للكتاب!
فالكليات النظرية تعانى من مناهج مكدسة بالكتب لم يستطع الدكتور صاحب المادة الوصول إلى نهاية الكتاب قبل الامتحانات، مما يدفع الطلبة للحفظ وليس للبحث عن المعلومة للاستفادة منها، بينما تواجه الكليات العملية أزمة أكبر تتمثل في تدريس مناهج بعيدة عن الحياة العملية! وهذا العبث يتم بعيدًا عن رقابة الوزارة والجامعة والمجلس الأعلى للجامعات!
لذلك نناشد وزارة التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات بالرقابة الصارمة على الكتاب الجامعى الذى للأسف قد أصبح سبوبة وبيزنس وأداة للاسترزاق والكسب السريع ومن خلاله تحول المنهج في بعض الجامعات إلى مجرد «مذكرات» يروجها «مؤلفوها» كوسيلة لحل المشكلات المادية لبعض أعضاء هيئة التدريس، بدلا من أن يكون مصدرًا للتربية والتعليم الأمر الذى دمر العملية التعليمية تماما وضربها في مقتل وخلق معارف هشة ومهلهلة وسطحية خالصة في كثير منها، فضلا عن إسهامها في تنميط عقول الطلاب!
أعتقد أن الحل يتمثل في الكتاب الإلكترونى الذى يسهل على الطلاب نقله وتحميله على أجهزة متنوعة، ويحتوى على وسائل متعددة مثل الصور ولقطات الفيديو والرسوم المتحركة والمؤثرات الصوتية المتنوعة، وإمكانية قراءته باستخدام الطلاب لأجهزة الحاسب الآلى ويحد من سبوبة وبيزنس التى يمارسها تجار التعليم الجامعى - أقصد بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمعاهد!