احتفل العالم الخميس الماضى 13 فبراير باليوم العالمى للإذاعة وذلك بناء على ما أعلنته منظمة اليونسكو العالمية فى دورتها الـ 36 وقد بدأ أول احتفال عام 2011 بأهمية الإذاعة باعتبارها الوسيلة المهمة على الصعيد العالمى للخطاب الديمقراطى والاجتماعى والإنساني.
وقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جترش فى رسالة له بهذه المناسبة على التأكيد أن الإذاعة تعتبر مهمة ضمن وسائل الاتصال التى تساهم فى التقريب بين الناس فى عصر تطورت فيه وسائل الإعلام بشكل متصارع وستظل الإذاعة تحتفظ بمكانة خاصة داخل كل مجتمع محلي.
واذا كان تاريخ الإذاعة فى الأمم المتحدة يرجع إلى عام 1946 فإن تاريخ الإذاعة فى مصر يرجع إلى 1925 وهو تاريخ نفتخر به حيث كانت محطات الإذاعة الأهلية « ردايو القاهرة - راديو الأمير -راديو فؤاد - مصر الملكية - مصر الحرة - الإذاعة أبوالهول - راديو فيولا وراديو مصر الجديدة وغيرها».
حيث تم الترخيص لهذه الإذاعات المصرية من وزارة المواصلات لإنشاء محطات إذاعية إلا أن التاريخ الرسمى للإذاعة المصرية ولأول إذاعة حكومية يرجع إلى نهاية مايو 1934.
ولقد كان ولا زال للإذاعة سحرها الخاص حيث تجتذب الملايين من المستمعين فى بلادنا رغم كل التطورات السريعة لوسائل الاتصال والإعلام «تليفزيون أبيض وأسود وملون» والثورة العلمية التكنولوجية السريعة الثانية التى نشرت كثيرا من القنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية وغيرها وثورة وسائل التواصل الاجتماعي.
وتؤكد الإحصائيات التى نشرت عبر الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ان ما يقرب من 85 % من المواطنين فى بلادنا يستخدمون الإذاعات ويتابعونها سواء فى الأخبار أو الأغانى أو للتسلية وفى كل الظروف التى يمرون بها ولما لها من أهمية خصوصًا أن الإذاعة رخيصة التكاليف ولا تحتاج أى أعباء أو مصروفات سواء إدارة مؤشر أو استخدام مفتاح الراديو.
وترجع مكانة الإذاعة المصرية فى أنها من أوائل الإذاعات على مستوى العالم وفى أفريقيا وتعتبر الأولى بين الدول العربية والعالم الإسلامى وأفريقيا وحتى تسبق راديو الأمم المتحدة ذاته.
ولعل الذاكرة الوطنية للمستمعين فى بلادنا أو ما يسمون السميعة للإذاعة يتذكرون البرامج المهمة منها نشرات الأخبار الصباحية والمسائية غير البرامج الشهيرة «على الناصية - تحت العشرين - قال الفيلسوف - أغرب القضايا - يا صباح الخير يلى معانا - كلمتين وبس - زيارة لمكتبة فلان - حول الأسر البيضاء – ساعة لقلبك - 5 لصحتك» بالإضافة إلى برنامج « همسة عتاب» الذى كان له انتقادات للقيم السلبية داخل المجتمع إلى غير ذلك من برامج إنسانية منها «أغرب القضايا - من الحياة - عائلة مرزوق أفندى - إلى ربات البيوت» وغيرها من البرامج الموسيقية والغنائية.
والمتابع والدارس يعرف حجم الشبكات الإذاعية فى بلادنا والتى أعلنت عنها أخيرًا الهيئة الوطنية للإعلام والتى بلغت 10 شبكات إذاعية تقدم أكثر من 178 ألف ساعة خلال 2018 – 2019 منها «الشبكة الإقليمية- الشبكة الثقافية - البرامج العامة - الإذاعات الموجهة والتى تحمل بداخلها الكثير من إذاعة البرنامج العام والشرق الأوسط- الشباب والرياضة - صوت العرب وغيرها من الإذاعات المستحدثة مثل راديو مصر - إف إم - 878 - ميجا واتس وهى إذاعات مهمة متطورة تقدم أخبارا على رأس الساعة وبرامج ترفيهية ومسلية».
وستظل الإذاعة المصرية رغم المنافسة مع التليفزيون والقنوات الفضائية وغيرها عبر التواصل الاجتماعى من إذاعات خاصة سوف تظل لها الريادة.
ولقد انفردت الإذاعة المصرية بنشر أخبار رؤية هلال رمضان وهى التى أذاعت أخبار ثورة 23 يوليو 1952 وتأميم قناة السويس ونصر أكتوبر وثورتى 25 يناير و30 يونيو وغيرها من الأحداث التى استقرت فى ضمير المواطن المصري.
وهناك رواد وخبراء قدمتهم الإذاعة المصرية لا تنساها أذن المستمعين منهم «المذيع القدير جلال معوض - حمدى الكنيسى - فهمى عمر - إيناس جوهر - اللامع أحمد سعيد - محمد محمود شعبان الشهير بـ بابا شارو - أحمد سالم أول رئيس إذاعة».
كما أن للإذاعة المصرية دورا بارزا عبر البرامج التربوية للأطفال «أبلة فضيلة» الذى كانت تقدمه القديرة فضيلة توفيق وصفية المهندس التى كانت تقدم عائلة مرزوق أفندي.
وهناك برامج لتحفيز الطلاب فى المدارس «برنامج أوائل الطلبة» ولعل المسلسلات الإذاعية الشهيرة التى كانت تأخذ بخيال المستمع منها «سمارة - ألف ليلة وليلة - القط الأسود - العسل المر» وبرامج الحفلات المعروف باسم «أضواء المدينة» الذى كان يقدمه الإذاعى القدير جلال معوض.
إن الإذاعة المصرية ستظل بما قدمته من انفراد لمواجهة العدوان الثلاثى ونشر خطاب الزعيم عبدالناصر من فوق منبر الأزهر الشهير عام 1956 وموقف إذاعة صوت العرب التى كانت تناصر حركات التحرر الوطنى وتجمع شمل العرب ومديرها ابن السويس القدير محمد عروق هذا غير أغانى الثورة التى قدمت عبدالحليم وأم كلثوم ومحمد رشدى وغيرهم.
ويبقى المخرج الإذاعى عادل جلال الذى قدم ديوان «وجوه على الشط» من قصائد عبدالرحمن الأبنودى أثناء حرب الاستنزاف وإذاعة أغنية محمد حمام «يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى» التى كانت تبشر بالنصر من كلمات الأبنودى وألحان حسن نشأت.
ويبقى البرنامج الثانى من أهم الإذاعات التى كانت تهتم بالثقافة الرفيعة والراقية فضلا عن إذاعة الأغانى والموسيقى العالمية.
وإذا كانت الإذاعة المحلية التى بدأت فى الإسكندرية ثم إذاعات الأقاليم المحلية للقناة وشرق الدلتا ووسط الصعيد وجنوب الصعيد وغيرها ولكن هناك ما زالت تحديات كبيرة تواجه الإذاعات المحلية التى تعانى الآن من مشكلات التمويل والتحديث والتطوير والتدريب والعاملين والفنيين وتطوير الأجهزة، كذلك إعادة النظر فى تطوير البرامج وخلق كوادر جديدة.
هذا ما يؤكد خصوصية وتمايز المحطات الإذاعية المحلية من أجل تحقيق التنمية المستدامة فى بلادنا بأبعادها الثلاثة «الاجتماعية - الاقتصادية - البيئية» وما أحوجنا إلى الاستماع إلى خبراء وأساتذة الإذاعة فى كليات الإعلام ومن المذيعين الكبار أصحاب الخبرات فى بلادنا.
إن الشعب المصرى طواق للاستماع إلى برامج أفضل وأرقى تعبر عن طموحاته وآماله وتضحياته ومستقبله الذى نريده الأفضل.