الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مصريون فوق العادة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتابتنى حالة من السعادة الغامرة والشعور بالفخر القومى وأنا أتابع، خلال الأيام القليلة الماضية، النجاح المبهر والتألق الدولى لكل من الدكتورة غادة والي، والدكتور محمود محيى الدين، والمهندس عصام شرف ولاعبنا الدولى محمد صلاح.. العظيم هنا وجدت أن كل وكالات الأنباء والمجلات الدولية قد ذكرت كلمة «المصري» عقب كل اسم من الأسماء الأربعة، وأن هذه العادة قد أصبحت هى الصفة العامة مع معظم المصريين. فمع كل مرة يلمع فيها مواطن مصرى على المستوى الدولي، ترتفع معه راية مصر، ليس في الرياضة فقط، ولكن أيضا في الطب والهندسة والاقتصاد وفى المنظمات الدولية.
ولقد عايشت هذا الإحساس عندما كنت أدرس وأعمل في بريطانيا، منذ قرابة عقدين من الزمان. فكم كان يسعدنى أن تأتى مريضة لتسأل عن الطبيب المصري. وكم كان يشرفنى أن أجد اسم القطن المصرى على أغلى أنواع القمصان والأقمشة في المحلات الفاخرة. وكم كان يشعرنى بالفخر والعزة ويزيد من ثقتى في نفسى وفى بلدى عندما أرى روعة الآثار المصرية المعروضة في الجناح المصرى في أعظم متاحف العالم في لندن، وباريس وبرلين وغيرها. ولقد توقفت كثيرا عند السر في اقتران اسم كل مواطن مصرى بلقب «المصري». فهذا الطبيب المصري، وهذا المهندس المصري، وهذا المحل المصري، وتمنيت لو وجدت تفسيرا لهذه الظاهرة التى لم أجد لها مثيلا في بلدان أخري.
ولقد كان لى عظيم الشرف أن تعرفت على الشخصيات الأربع التى كانت حديث الصحافة العالمية خلال الأيام القليلة الماضية، وهم:
أولا: الدكتورة غادة والي، والتى تسلمت عملها الجديد كوكيل للأمين العام للأمم المتحدة، والمدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، ومدير مقر المنظمة الدولية في فيينا. وهى تتمتع بوجه بشوش وابتسامة هادئة وسمعة طيبة في إدارة وزارة التضامن الاجتماعي ومكافحة الإدمان. ولقد كان لى عظيم الشرف أن تقابلت مع الدكتورة غادة والي، أثناء زيارتها لطب المنصورة لافتتاح أول مركز لعلاج الإدمان بقسم الأمراض النفسية بمستشفى المنصورة الجامعي. وأن أُوَقِعْ ممثلا لجامعة المنصورة، مع عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى ومساعد وزير التضامن الاجتماعي، على اتفاقية مكافحة الإدمان والتعاطى بالمنصورة سنة ٢٠١٨. وحدث أثناء الزيارة مواقف طريفة، فقد احتشدت أعداد غفيرة من إدارة الجامعة، والمحافظة، ومن أعضاء مجلس النواب، ومن الأطباء والصحفيين وحتى المرضى لاستقبال الوزيرة. حتى أن مريضة قد أصرت على تقبيل الوزيرة. وكان الموقف صعبا عندما تجمع عدة مئات في مدرج قسم الأمراض النفسية، الذى لايتسع لأكثر من عدة عشرات فقط. ومع هذا الزحام الشديد، اضطررنا إلى الاستعانة بأفراد الأمن لإخلاء الطريق، وحماية الوزيرة.
ثانيًا: الدكتور محمود محيى الدين، والذى تولى هذا الأسبوع منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030. وكان يشغل منصب النائب الأول لرئيس البنك الدولي، كأول مصرى وعربى يشغل هذا المنصب. وتولى قبل التحاقه بالبنك الدولى منصب وزير الاستثمار لجمهورية مصر العربية بين أعوام ٢٠٠٤ و٢٠١٠.
ولقد تشرفت بمقابلة الدكتور محمود محيى الدين عدة مرات، كانت أولها في أحد لقاءات المكتب الثقافى المصرى في لندن، عندما كنت أدرس أنا في جامعة مانشستر، وكان يدرس هو في جامعة ورك (Warwick University). وآخرها في وزارة الاستثمار وكان بصحبة المهندس رشيد محمد رشيد. والدكتور محمود محيى الدين شخصية مرحة وخفيفة الظل، وتشعر معه بالألفة من أول لقاء.
ثالثًا: الدكتور عصام شرف، والذى تم هذا الأسبوع انتخابه عضوا دوليا في الأكاديمية الوطنية الأمريكية للمهندسين. وهى المرة الأولى التى ينتخب فيها مصرى لهذه العضوية.
والدكتور عصام شرف هو أستاذ هندسة الطرق بجامعة القاهرة، ورئيس وزراء مصر الأسبق (من 3 مارس إلى 22 نوفمبر 2011). تولى رئاسة الحكومة، في ظروف عصيبة جدا، خلفًا للفريق أحمد شفيق. وشغل الدكتور شرف منصب وزير النقل والمواصلات في حكومة الدكتور أحمد نظيف (من يوليو 2004 وحتى ديسمبر 2005). 
ولقد كان لى عظيم الشرف أن أتعرف أكثر على الدكتور عصام شرف من خلال صالون أستاذنا الدكتور أحمد جمال الدين موسي، وهو الصالون الذى يضم نخبة عظيمة من عقول مصر ومثقفيها، وكوكبة من الشخصيات العامة والوزراء ورجال الدولة السابقين والحاليين. واختيار الدكتور عصام شرف لعضوية الأكاديمية الأمريكية للمهندسين هو شرف لمصر قبل أن يكون تكريمًا للدكتور شرف.
رابعًا: اللاعب الدولى محمد صلاح، والذى تألق مع فريق ليفربول الإنجليزي، وحقق هذا الأسبوع إنجازًا كبيرًا، جعله حديث الصحافة الإنجليزية والرياضية في كل دول العالم.
فقد وضع صلاح نفسه في المنافسة على صدارة هدافى الدورى الإنجليزي للعام الثالث على التوالي، بعدما سجل هدفين في شباك فريق ساوث هامبتون في مباراة انتهت نتيجتها لصالح ليفربول بأربعة أهداف نظيفة، وأصبح أمام صلاح فرصة تاريخية لمعادلة الإنجاز الذى حققه النجم آلان شيرار، نجم إنجلترا السابق الذى نجح في إحراز لقب هداف الدورى الإنجليزي في ثلاث مناسبات متتالية مع نيوكاسل وبلاكبيرن. والنجم الفرنسى تيرى هنرى لاعب فريق أرسنال السابق والذى حقق لقب هداف الدورى الإنجليزي في أربع مناسبات من بينها ثلاث مرات متتالية. 
وخلال هذا الأسبوع أيضا رُزق صلاح بمولودته الثانية التى أسماها «كيان» بعد ٥ سنوات من مولد ابنته الكبرى مكة، والتى ولدت في لندن في أكتوبر 2014 عندما كان لاعبًا في صفوف تشيلسي. ويعد صلاح من الرياضيين القلائل الذين نجحوا في تحقيق جماهيرية عريضة، وتأثير اجتماعي عظيم في المجتمع الإنجليزي، أهله لوضع تمثال له في متحف مدام توسو للشمع في لندن، وهو الذى يضم مشاهير العالم في السياسة والفن والرياضة.
الشخصيات الأربع التى ذكرناها، والتى كانت حديث العالم هذا الأسبوع، شملت مجالات مختلفة، هى الاجتماع والاقتصاد والهندسة والرياضة. وهو ما يعطى الأمل والقدوة للشباب المصرى أنه يستطيع أن يتقدم الصفوف وأن ينافس بل ويتفوق على الجميع.
أعرف أن هناك المئات بل الآلاف من المصريين الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من نور، على المستويين المحلى والدولي. وأعرف أيضا أن المصريين قد أضافوا الكثير إلى التراث الإنسانى والتاريخ الحضارى في كل المجالات، ولكن الأمثلة التى ذكرناها، والتى حدثت كلها خلال الأيام القليلة الماضية، هى تذكرة بأن أرض مصر ولادة، وأن المصريين قادرون على إثبات أنفسهم وتقدم الصفوف وضرب المثل الأعلى والقدوة لمئات الملايين من الشباب في مصر والعالم العربى والإسلامي.