الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الجيش المصرى تاريخ مجيد وحاضر يصون المستقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يموج الحال مكانًا وزمانًا بمتغيرات عاصفة لثوابت راكنة قدم الزمان، وتفرض كل الاحتمالات وجودها لتملى على قلم التاريخ محوًا للثابت وتثبيتًا للمتغير.
ولأن الثقافة المكتوبة هى أول اختراع علمته الحضارة المصرية لغيرها من الحضارات.. استوجب علينا اللجوء إلى الكتابة لاستدعاء انتصارات المصريين منذ التاريخ، تلك الانتصارات لم تكن طمعًا في أراضى الغير أو جورًا على حقوقهم، إنما حفاظًا على الحق ودعمًا للعدل، هكذا - دائمًا - كان جيش المصريين ابن حضارة السبعة آلاف عامًا من الأخلاق. 
الواقع - الآن - في عوز لإعادة استدعاء قيم وأخلاق من أجل الحق والعدل للحفاظ على ما تبقى للإنسان من إنسانيته.
ستنتقل عبر جولات جيشنا تاريخًا ومكانًا نخلق من تلك الحلقات المتوالية جسرًا موصولًا بين فرساننا على مدى التاريخ وشبابنا الحالى ساعد هذه الأمة وعقلها وصانع مستقبلها.
..................................................
قائد الجيش المصرى يطلب بضم أضاليا وقبرص لأهميتهما الإستراتيجية لمصر الحلقة «30»
جاءت الأوامر من المحروسة إلى القائد إبراهيم بالتوقف عندما وصلت إليه سنابك الخيول ويتمسك بالأرض حتى تنتهى المفاوضات التى بدأتها روسيا القيصرية عندما أرسلت الجنرال مورافيف إلى والى مصر، وهذا الأخير تصرف بحنكة سياسية فجيوش مصر على أعتاب الباب العالى ولا يعترضها عسكرى واحد من عسكر السلطان المهزوم في كل معاركه، لذا إمعانًا في إظهار نوايا السلم من جانب مصر وقع والى مصر أمام مورافيف مكتوبه إلى الجيش بالتوقف عند بورصة، وقبيل مغادرة رسول روسيا وتركيا وصل مندوب السلطان العثمانى خليل رفعت باشا يحمل عفوا عن والى مصر ومباركة السلطان بتوليه إلى جانب مصر عكا وملحقاتها على البحر المتوسط، لكن مسألة العفو تلك لم يكترث بها والى مصر فهو المتحكم في مصائر الباب العالى وهو وحده من يستطع خلع السلطان التركى وتولية ابنه رغم صغر سنه، لذا لم يلق بالًا للغطرسة التركية الجوفاء، وتحدث إلى رسول السلطان العثمانى، وهذا الأخير يحمل ولاء وإخلاصا تجاه والى مصر لم يتوقعه سلطانه التركى، وبالفعل تناقش والى مصر وخليل باشا في التسليم بولاية مصر على الشام وأدنة، وأن تُبرم معاهدة أو محالفة بين والى مصر وخسرو باشا تقضى بأحقية مصر على الشام وتضع حدا للنزاع بينهما وأن يكونا الاثنين والى مصر وخسرو باشا قيمين على أملاك الدولة التركية الأول من القاهرة والثانى من إسطنبول.
وعلى الجانب الآخر كانت رسائل دبلوماسية ذات أهداف غير معلنة تذهب إلى القائد إبراهيم فكانت الأولى من السلطان والثانية من روسيا وكلتاهما تخبراه بتفاوض رسول روسيا مع والده، والثالثة من فرنسا التى أعلن عنها روى بودوليا سفير فرنسا إلى قائد الجيش المصرى على أعتاب إسطنبول: «وجدت إبراهيم باشا يعيش في معسكره عيشة بسيطة وليس معه حريم ولا له حرم» وقد طلب منه توقف الزحف إلى استامبول فكان رد القائد إبراهيم: «أنا لست سوى قائد عام مُوكول إليه القيام بأعمال عسكرية، أما ما عدا ذلك فإنى أرجع فيه إلى السلطة التى أنا تابع لها، فأنا من أجل ذلك سأتابع زحفى، ولكنى أرجع في الأمر إلى والدى في الإسكندرية».
وبالفعل راسل القائد إبراهيم والده في مصر عندما علم بمفاوضات الرسولين مورافيف وخليل: «أرى أن الاستقلال يكون مقدما على كل شىء في المناقشات.. وبعد الاعتراف بالاستقلال يجب أن نطلب أضاليا وأدنة وجزيرة قبرص، وأن يضم إلى مصر - إن كان ذلك في الإمكان - تونس وطرابلس، ذلك أقل ما يجب». ويسترسل القائد في شرح وجهة نظره في الاستقلال عن الباب العالى وعرض مطالبه وهى ضرورة الحصول على أضاليا لسبب كونها مصدرا كبيرا للخشب الذى له من الأهمية في بناء الأسطول المصرى العسكرى والتجارى والنهرى، ويذكر القائد والده بطلبه سابقا بالسيطرة على أضاليا لذات السبب عندما رفضت انجلترا وبعدها النمسا طلب مصر بشراء الخشب منهما، ويطلب أيضا ضم قبرص ليقطع الطريق على الاسطول التركى في اعتراض مصالح مصر بالبحر المتوسط، وتكون قبرص مركزا للأسطول المصرى بالبحر المتوسط، ومن الممكن أن تطلب ضم بغداد، على أن تتنازل عنها فيما بعد لارتفاع تكلفة إدارتها من مصر.
وهنا تتضح وجهة نظر القائد إبراهيم في أهمية توسيع رقعة السيطرة المصرية في حين يرى والى مصر في ضم الشام والحجاز والسودان وفقط، والاختلاف يرجع لطبيعة العسكرية للقائد إبراهيم والسياسية لوالى مصر، ولكن السلطان التركى لا يلتزم بوعوده الدبلوماسية مع مصر وطالب على الفور من روسيا إرسال 25 ألف جندى إلى إسطنبول للتصدى للجيش المصرى، وطالب تدخل إنجلترا وفرنسا والنمسا لصالحه ضد الجيش المصرى، ولكن انجلترا وفرنسا عرضتا على تركيا الصلح ذلك المنحى الذى جاهر به والى مصر تجاه تركيا وطلبا منه سحب طلبه الدعم الروسى لأن القائد إبراهيم توقف بالفعل عند كوتاهية كما طلب منه والى مصر ووالده، إلا أن السلطان التركى رفض الطلبين الإنجليزي والفرنسى واستمر في طلب الدعم الروسى حتى تحرك الأسطول الروسى من سيبستابول في منتصف فبراير وصدر الأمر إلى الجنرال كليسليف باجتياز الرومللى بجيشه إلى الآستانة وأمرا آخر إلى فومندان أوديا بحشد جيشه، وتتصارع وتيرة الأحداث وتتضارب الأوامر العسكرية والدبلوماسية عند تركيا، وفى التالى إن شاء الله سنوالى استعراض أحداث كوتاهية.