يبدو أن الولايات المتحدة تحاول جاهدة الحفاظ على وجودها العسكري في العراق رغم الضغوط والمطالبات الشعبية والسياسية المتكررة لها بسحب قواتها من هناك، وذلك عبر بوابة الحرب على تنظيم" داعش" الإرهابي، والتحذير من أن هذا التنظيم رغم هزيمته العسكرية، لا يزال يشكل خطرا كبيرا على الاستقرار والأمن في العراق خصوصا في حال انسحبت القوات الأمريكية التي تشارك في الحرب عليه.
فقد أفاد تقرير حديث للجيش الأمريكي بأن القضاء على زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، في عملية للقوات الأمريكية الخاصة بإحدى قرى إدلب السورية في أكتوبر الماضي، لم يُوقف عمليات التنظيم الإرهابية، ولم يؤد إلى تدهور فوري لقدراته.
وحذّر التقرير من أن الانسحاب المحتمل للقوات الأمريكية من العراق- كما تطالب بعض القوى السياسية الحزبية العراقية- قد يؤدي إلى عودة ظهور عناصر التنظيم مرة أخرى.
ونقل التقرير عن القيادة الأمريكية الوسطى - المسؤولة عن القوات الأمريكية في الشرق الأوسط - أن تنظيم داعش لا يزال متماسكاً ولديه قيادة وتحكم سليم، وشبكات سرية، ووجود لمسلحيه في الكثير من المناطق الريفية في سوريا.
وكانت المطالبات العراقية برحيل فوري للقوات الأمريكية من العراق ، قد تصاعدت بشكل لافت عقب قيام الولايات المتحدة باغتيال رجل إيران القوى الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في بغداد في الثالث من يناير الماضي، وأدت هذه العملية إلى تصاعد التوتر بشكل غير مسبوق بين واشنطن وكل من طهران وبغداد.
وقد شهدت العديد من مدن العراق مظاهرات حاشدة تدعو لخروج القوات الأمريكية والأجنبية من الأراضي العراقية، وهي المظاهرات التي رأى مراقبون أن وراءها جماعات وتنظيمات عراقية موالية لإيران وعلى رأسها الحشد الشعبي الذي قتل أحد قادته الكبار في الغارة الأمريكية التي استهدفت موكب سليماني.
وقد انعكست كل هذه الأجواء السياسية والأمنية المتوترة خصوصا عقب الهجوم الصاروخي الإيراني على قواعد أمريكية في العراق ردا على اغتيال سليماني، على مجمل العمليات العسكرية التي تنفذها قوات التحالف الدولي في العراق بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، خصوصا بعد أن علقت القوات الأمريكية عملياتها ضد التنظيم، بهدف التركيز على حماية قواتها الموجودة على الأراضي العراقية والتي تقدر بنحو 5200 عسكري.
ويقدم التحالف الدولي التدريب والدعم الجوي للقوات العراقية منذ 2014 لمساعدتها في الحرب على داعش، لكن تعليق عمليات التحالف أدى إلى وقف العمليات وشن الضربات الجوية بشكل مؤقت.
وفي خضم هذه الأجواء السياسية والأمنية المتوترة، وتحت وطأة الضغوط الشعبية العراقية المعادية للوجود العسكري الأمريكي ،صوت مجلس النواب العراقي في جلسة طارئة قاطعها النواب العرب السنة الأكراد على قرار يقضي برحيل القوات الأجنبية، بما فيها القوات الأمريكية من العراق فورا.
وبعيدًا عن شبهة عدم الدستورية في هذا القرار، الذي قاطعه مكونان أساسيان من مكونات الشعب العراقي ( السنة العرب والأكراد) ، وفضلا عن عدم صلاحية حكومة تصريف الحالية لاتخاذ قرارات استراتيجية بحجم قرار رحيل القوات الأجنبية، فإن واشنطن رفضت قرار البرلمان العراقي، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في العاشر من يناير الماضي أن الولايات المتحدة لا تنوي مناقشة انسحاب القوات الأمريكية مع السلطات العراقية، رغم طلب رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي من وزير الخارجية مايك بومبيو إرسال وفد لتنظيم انسحاب آمن لهذه القوات، في حين لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على العراق في حال طرد القوات الأمريكية من البلاد.
غير أن هذا التوتر السياسي في العلاقات بين بغداد وواشنطن لم يحل دون استمرار التنسيق العسكري بين الجانبين فيما يخص الحرب على الجماعات الإرهابية، حيث استأنفت القوات العراقية - في نهاية الشهر الماضي - عملياتها ضد عناصر تنظيم داعش بدعم وإسناد عسكري أمريكي.
وقبل يومين - أول أمس الثلاثاء- استقبل عادل عبد المهدي رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية ،الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية الأمريكية، حيث أكد على أهمية علاقات الصداقة بين البلدين والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والحرص على إبعاد العراق من أن يكون ساحة للصراع والعدوان على أي طرف كان ورغم أن عبد المهدي أكد في الوقت نفسه على أهمية قرار مجلس النواب الخاص بانسحاب القوات الأجنبية من العراق ، والذي قال إنه يسهم بحفظ الأمن والاستقرار وتلبية المتطلبات والاحتياجات المتجددة للعراق وشعبه، فإن المسؤول العسكري الأمريكي لم يعلق على هذا الأمر واكتفى بتأكيد استمرار الولايات المتحدة في دعم وتدريب القوات العراقية ومساعدتها في الحرب على الإرهاب ، وهو ما اعتبره محللون إشارة إلى استبعاد أي انسحاب عسكري أمريكي وشيك من العراق.
ويشير خبراء قانونيون وسياسيون إلى أنه لا يوجد حاليا إطار قانوني يحكم وينظم الوجود العسكري الأمريكي الحالي في العراق، حيث كان الجانبان العراقي والأمريكي قد وقعا اتفاقيتين في الماضي لتنظيم عمل القوات الأمريكية هناك ، لكن أحكام الاتفاقيتين قد انتهت منذ مدة.
الاتفاقية الأولى كانت اتفاقية وضع القوات "Status of Forces Agreement"، وتُعرف اختصارًا باتفاقية "SOFA"، وقد وقّعها الطرفان العراقي والأمريكي في 17 نوفمبر 2008،بشأن الانسحاب من الأمريكي من العراق وفي هذه الاتفاقية تم تحديد الأحكام والمتطلبات الرئيسة التي تنظّم الوجود المؤقت للقوات الأمريكية في العراق الذي يبدأ من تاريخ دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في يناير 2009، ولمدة ثلاثة أعوام ولم تتضمن الاتفاقية أي مادة تتيح تمديدها، وهو ما يعني أنها انتهت مع الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من جميع الأراضي والمياه والأجواء العراقية، وهو الأمر الذي تحدد بتاريخ لا يتعدى 31 ديسمبر 2011.
أما الاتفاقية الثانية، فهي اتفاقية الإطار الاستراتيجي وتعرف اختصارًا بـ"SFA"، وتتعلق بالصداقة والتعاون بين العراق والولايات المتحدة، وفقا لإعلان مبادئ علاقة التعاون والصداقة طويلة الأمد بين البلدين والذي تم توقيعه في 26 نوفمبر 2007، وينص على التعاون في المجال الدفاعي والأمني، دون الإجحاف بسيادة العراق على أرضه ومياهه وأجوائه، لكن الاتفاقية لم تحدد آليات هذا التعاون.
وبغض النظر عن الجدل القانوني حول وجود القوت الأمريكية الحالية في في العراق، وبغض النظر عن التحذيرات الأمريكية من عودة خطر داعش في حالة انسحاب هذه القوات، فإن المراقبين السياسيين يتفقون مع هذه المخاوف الأمريكية من أن يؤدي الانسحاب "المبكر" لهذه القوات لإعادة سيناريو عام 2014 مجددا، أي عودة تنظيم داعش، ومن ثمّ تشكيله خطرًا حقيقيًا على الاستقرار في العراق.
كما أن أي قرار سياسي حاسم بشأن رحيل القوات الأمريكية ودون توافق بين مكونات الشعب العراقي قد يهدد وحدة البلاد، لاسيما في ظل رفض الأكراد، ومعهم العرب السنة لهذه الخطوة حاليا، كما أن أي انسحاب أمريكي من العراق، قد يؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية على العراق، خاصة مع عجزه عن الالتزام بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران ، حيث يحظى العراق باستثناء أمريكي مؤقت من الالتزام بهذه العقوبات فيما يخص وارداته من الغاز والكهرباء من إيران، وهو إعفاء يتم تجديده حاليا كل ثلاثة أشهر ، الأمر الذي سيزيد من الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها العراق حاليا.
فقد أفاد تقرير حديث للجيش الأمريكي بأن القضاء على زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، في عملية للقوات الأمريكية الخاصة بإحدى قرى إدلب السورية في أكتوبر الماضي، لم يُوقف عمليات التنظيم الإرهابية، ولم يؤد إلى تدهور فوري لقدراته.
وحذّر التقرير من أن الانسحاب المحتمل للقوات الأمريكية من العراق- كما تطالب بعض القوى السياسية الحزبية العراقية- قد يؤدي إلى عودة ظهور عناصر التنظيم مرة أخرى.
ونقل التقرير عن القيادة الأمريكية الوسطى - المسؤولة عن القوات الأمريكية في الشرق الأوسط - أن تنظيم داعش لا يزال متماسكاً ولديه قيادة وتحكم سليم، وشبكات سرية، ووجود لمسلحيه في الكثير من المناطق الريفية في سوريا.
وكانت المطالبات العراقية برحيل فوري للقوات الأمريكية من العراق ، قد تصاعدت بشكل لافت عقب قيام الولايات المتحدة باغتيال رجل إيران القوى الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في بغداد في الثالث من يناير الماضي، وأدت هذه العملية إلى تصاعد التوتر بشكل غير مسبوق بين واشنطن وكل من طهران وبغداد.
وقد شهدت العديد من مدن العراق مظاهرات حاشدة تدعو لخروج القوات الأمريكية والأجنبية من الأراضي العراقية، وهي المظاهرات التي رأى مراقبون أن وراءها جماعات وتنظيمات عراقية موالية لإيران وعلى رأسها الحشد الشعبي الذي قتل أحد قادته الكبار في الغارة الأمريكية التي استهدفت موكب سليماني.
وقد انعكست كل هذه الأجواء السياسية والأمنية المتوترة خصوصا عقب الهجوم الصاروخي الإيراني على قواعد أمريكية في العراق ردا على اغتيال سليماني، على مجمل العمليات العسكرية التي تنفذها قوات التحالف الدولي في العراق بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، خصوصا بعد أن علقت القوات الأمريكية عملياتها ضد التنظيم، بهدف التركيز على حماية قواتها الموجودة على الأراضي العراقية والتي تقدر بنحو 5200 عسكري.
ويقدم التحالف الدولي التدريب والدعم الجوي للقوات العراقية منذ 2014 لمساعدتها في الحرب على داعش، لكن تعليق عمليات التحالف أدى إلى وقف العمليات وشن الضربات الجوية بشكل مؤقت.
وفي خضم هذه الأجواء السياسية والأمنية المتوترة، وتحت وطأة الضغوط الشعبية العراقية المعادية للوجود العسكري الأمريكي ،صوت مجلس النواب العراقي في جلسة طارئة قاطعها النواب العرب السنة الأكراد على قرار يقضي برحيل القوات الأجنبية، بما فيها القوات الأمريكية من العراق فورا.
وبعيدًا عن شبهة عدم الدستورية في هذا القرار، الذي قاطعه مكونان أساسيان من مكونات الشعب العراقي ( السنة العرب والأكراد) ، وفضلا عن عدم صلاحية حكومة تصريف الحالية لاتخاذ قرارات استراتيجية بحجم قرار رحيل القوات الأجنبية، فإن واشنطن رفضت قرار البرلمان العراقي، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في العاشر من يناير الماضي أن الولايات المتحدة لا تنوي مناقشة انسحاب القوات الأمريكية مع السلطات العراقية، رغم طلب رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي من وزير الخارجية مايك بومبيو إرسال وفد لتنظيم انسحاب آمن لهذه القوات، في حين لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على العراق في حال طرد القوات الأمريكية من البلاد.
غير أن هذا التوتر السياسي في العلاقات بين بغداد وواشنطن لم يحل دون استمرار التنسيق العسكري بين الجانبين فيما يخص الحرب على الجماعات الإرهابية، حيث استأنفت القوات العراقية - في نهاية الشهر الماضي - عملياتها ضد عناصر تنظيم داعش بدعم وإسناد عسكري أمريكي.
وقبل يومين - أول أمس الثلاثاء- استقبل عادل عبد المهدي رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية ،الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية الأمريكية، حيث أكد على أهمية علاقات الصداقة بين البلدين والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والحرص على إبعاد العراق من أن يكون ساحة للصراع والعدوان على أي طرف كان ورغم أن عبد المهدي أكد في الوقت نفسه على أهمية قرار مجلس النواب الخاص بانسحاب القوات الأجنبية من العراق ، والذي قال إنه يسهم بحفظ الأمن والاستقرار وتلبية المتطلبات والاحتياجات المتجددة للعراق وشعبه، فإن المسؤول العسكري الأمريكي لم يعلق على هذا الأمر واكتفى بتأكيد استمرار الولايات المتحدة في دعم وتدريب القوات العراقية ومساعدتها في الحرب على الإرهاب ، وهو ما اعتبره محللون إشارة إلى استبعاد أي انسحاب عسكري أمريكي وشيك من العراق.
ويشير خبراء قانونيون وسياسيون إلى أنه لا يوجد حاليا إطار قانوني يحكم وينظم الوجود العسكري الأمريكي الحالي في العراق، حيث كان الجانبان العراقي والأمريكي قد وقعا اتفاقيتين في الماضي لتنظيم عمل القوات الأمريكية هناك ، لكن أحكام الاتفاقيتين قد انتهت منذ مدة.
الاتفاقية الأولى كانت اتفاقية وضع القوات "Status of Forces Agreement"، وتُعرف اختصارًا باتفاقية "SOFA"، وقد وقّعها الطرفان العراقي والأمريكي في 17 نوفمبر 2008،بشأن الانسحاب من الأمريكي من العراق وفي هذه الاتفاقية تم تحديد الأحكام والمتطلبات الرئيسة التي تنظّم الوجود المؤقت للقوات الأمريكية في العراق الذي يبدأ من تاريخ دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في يناير 2009، ولمدة ثلاثة أعوام ولم تتضمن الاتفاقية أي مادة تتيح تمديدها، وهو ما يعني أنها انتهت مع الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من جميع الأراضي والمياه والأجواء العراقية، وهو الأمر الذي تحدد بتاريخ لا يتعدى 31 ديسمبر 2011.
أما الاتفاقية الثانية، فهي اتفاقية الإطار الاستراتيجي وتعرف اختصارًا بـ"SFA"، وتتعلق بالصداقة والتعاون بين العراق والولايات المتحدة، وفقا لإعلان مبادئ علاقة التعاون والصداقة طويلة الأمد بين البلدين والذي تم توقيعه في 26 نوفمبر 2007، وينص على التعاون في المجال الدفاعي والأمني، دون الإجحاف بسيادة العراق على أرضه ومياهه وأجوائه، لكن الاتفاقية لم تحدد آليات هذا التعاون.
وبغض النظر عن الجدل القانوني حول وجود القوت الأمريكية الحالية في في العراق، وبغض النظر عن التحذيرات الأمريكية من عودة خطر داعش في حالة انسحاب هذه القوات، فإن المراقبين السياسيين يتفقون مع هذه المخاوف الأمريكية من أن يؤدي الانسحاب "المبكر" لهذه القوات لإعادة سيناريو عام 2014 مجددا، أي عودة تنظيم داعش، ومن ثمّ تشكيله خطرًا حقيقيًا على الاستقرار في العراق.
كما أن أي قرار سياسي حاسم بشأن رحيل القوات الأمريكية ودون توافق بين مكونات الشعب العراقي قد يهدد وحدة البلاد، لاسيما في ظل رفض الأكراد، ومعهم العرب السنة لهذه الخطوة حاليا، كما أن أي انسحاب أمريكي من العراق، قد يؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية على العراق، خاصة مع عجزه عن الالتزام بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران ، حيث يحظى العراق باستثناء أمريكي مؤقت من الالتزام بهذه العقوبات فيما يخص وارداته من الغاز والكهرباء من إيران، وهو إعفاء يتم تجديده حاليا كل ثلاثة أشهر ، الأمر الذي سيزيد من الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها العراق حاليا.