إنه تصحيح وتطوير وتصويب الفكر الدينى وليس الخطاب الديني، حيث إن الخطاب هو الأسلوب والوسائل المتعددة التى عن طريقها يتم توصيل وإيصال الفكر الدينى إلى المتلقي، أما الفكر الدينى يختلف أيضًا عن الدين، حيث إن الدين هو صحيح النص الدينى والكتابى المقدس بالنسبة إلى معتنقى هذا الدين، وهذا النص هو المقدس كل التقديس لكل المؤمنين به، أما الفكر الدينى فهو فكر وتفسير وتأويل البشر للنص الدينى المقدس، ولذا يصبح من الطبيعى أن يكون النص مقدسًا، أما الفكر البشرى لتفسير هذا النص غير مقدس، لأن النص «الدين» للمؤمن به هو علاقة بينه وبين الله سبحانه وتعالى، كما أن هذا الإيمان فهو علاقة خاصة بين الرب وبين العبد لا يدرك كنهها ولا درجتها ولا نوعها غير الله والشخص ذاته «لا يعلم الإنسان إلا روح الإنسان الساكن فيه»، هنا يصبح الإيمان شخصيًا وذاتيًا ومتفردًا، فإيمان الأب درجة واجتهاد وتفسير وإحساس روحي غير إيمان الأبناء، هنا يصبح الحكم على هذا الإيمان لله وحده دون سواه، سواء كان هذا الشخص مؤمنًا أو غير مؤمن بالله أو بأى دين كان، هنا يمكن أن نقول إنه لا قداسة لغير النص المقدس ولا قداسة لأى تفسير أو اجتهاد أو تأويل بشري، كما أن الاعتقاد بصحة هذا الفكر يرجع لقناعة الإنسان به قياسًا على الإيمان النابع في الضمير واتساق هذا الفكر مع المقاصد العليا والقيم الحاكمة والنتائج المقصودة إلهيًا للبشر كل البشر. هنا ما هى أهمية هذا الفكر الدينى؟ الدين مهم إلى أقصى درجات الأهمية أيًا كان هذا الدين وأيًا كان مسماه سماوى أو وضعي، فالدين هو الدين والإنسان هو الإنسان سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا أو بوذيًا إلخ، كما أن هذه الأهمية هى نتيجة لإحساس الإنسان عند اقتناعه بالدين أو بأى عقيدة كانت فهو يحقق ذاته وكينونته الشخصية، هنا يصبح الدين لقداسته جزءًا أساسيًا في الفكر والعقل فيرتبط بالحياة الإنسانية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ناهيك عن أن الدين لا ينتهى بانتهاء الحياة، ولكنه يبشر بالحياة ما بعد الموت خيرًا أو شرًا، هنا تنتقل قداسة الدين بشكل ديناميكى إلى كل ما هو مرتبط بالدين سواء كانوا بشرا أو أماكن «دور عبادة» ودليل ذلك هذا التقديس الذى نجده في الأديان ما قبل السماوية خاصة في مصر حيث إن الجينات الدينية للحضارة المصرية تم توريثها للمصريين، فوجدنا عند مجئ المسيحية إلى مصر انتشارها انتشار سريع حيث إن المسيحية قد وجدت الكهنوت الذى تحول إلى كهنوت مسيحى والمعبد الذى تحول إلى كنيسة ومفتاح الحياة الذى أصبح صليبًا، ناهيك عن عقيدة التثليث المصرية التى ساعدت على اعتناق التثليث والتوحيد المسيحي، وبالرغم من عدم وجود كهنوت في الإسلام ولا واسطة بين الإنسان وربه إلا أننا نجد في الممارسات الحياتية الدينية الإسلامية، خاصة في الأوساط الشعبية، شبه تلك الممارسات الكهنوتية، كما أنه قد أصبح شبه تماثل بين دور الكنيسة ودور الأزهر مع العلم أن الأزهر جامع وجامعة. هنا يمكن أن نقول إن تلك الممارسات وتلك القداسة المنسحبة على الأشخاص هى صناعة مصرية، وإن كان هناك درجات تقديسية لرجال الدين أخطر من ذلك في الشيعة وولاية الفقيه، هنا تكون النتيجة النهائية هى سحب هذا التقديس ليس على الأفراد فقط ولكن على أفكارهم وتفسيراتهم بل على أفكارهم الشخصية وقناعاتهم الذاتية، هنا يتم الخلط بين الرجل وفكره وبين فكره غير المقدس بالدين والنص الدينى المقدس فنجد كثيرًا من هذا الفكر يعبر ويهدف إلى أهداف ومصالح شخصية وقبلية واجتماعية وتنظيمية وسياسية فيتحول الدينى لصالح أى شيء يراد منه حتى وإن كان لغرض طائفى يرفض الآخر الدينى وغير الديني، فالمسلم لا يقبل المسلم والمسيحى لا يقبل المسيحى بالرغم من وحدانية القرآن والإنجيل، فتكون الحروب بين المسلمين باسم الإسلام وبين المسيحيين باسم المسيحية، فما بالك بين المختلفين دينيًا؟! ونستكمل بإذن الله. حفظ الله مصر وشعبها.
آراء حرة
لماذا تصحيح الفكر الديني؟
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق