تستمر الدولة التركية في إثارة القلاقل وافتعال الصخب في كوكب تضرر من آثار الحروب وبشرية عانت ويلاتها، ما زال مصير الشعب التركى ومستقبله أولوية ثانية في يد من يتحكم به.
لتبقى الأولوية الأولى ومرجعية القرارات المصيرية التي تتخذ في دوائر صنع القرار للدولة التركية تخدم مصالح النفوذ والتحكم في العالم لا التنمية الداخلية.
ينتظر أردوغان عام 2023م ليمر مائة عام على معاهدة لوزان زاعمًا أن بمرور مائة عام تنتهى تلك المعاهدة!، وينتظر أيضًا ذلك العام ليعلن عن اكتمال مشروع «قناة إسطنبول» وهو الحلم التركى الآثم الذى أعلن عنه وبدأت تركيا بالفعل الترويج له كمشروع قومي، وبدأت حوله حملة دعاية ضخمة باللغة العربية أيضا ! تدعو المستثمرين إليه. فقناة إسطنبول ليست قناة السويس التى افتتحت في عهد الخديو إسماعيل وليست قناة ملاحة بحرية تقلل زمن مرور السفن في مضيق البوسفور كما يدعى، فذلك المشروع مشروع سياسى من الطراز الأول وليس اقتصاديا على الإطلاق، وبالفعل قد قوبل بالرفض من رئيس بلدية إسطنبول وكثير من المحللين السياسيين الأتراك. تكمن خطورة ذلك المشروع في تبعاته البيئية والسياسية، ففى الوقت الذى يواجه العالم فيه أزمة مناخ، صدر تقرير صادم من بلدية إسطنبول الكبرى يقول إن تلك القناة ستدمر بحيرات سازلى بوسنا وتيركوز وسيهدد ذلك المشروع الزراعة والمياه العذبة في المنطقة عوضًا عن التغييرات الجغرافية التى ستلحق بالبحر الأسود إثر نتائج الحفر وتغير درجات الحرارة ومستوى الرطوبة ومعدلات التبخر إثر الاحتباس الحرارى بسبب الأبنية التى ستلحق بالمشروع والمطار الضخم المزمع بناءه بجوار المشروع، ولأن العالم في غنى عن مزيد من الكوارث المُناخية على المنظمات الدولية النظر إلى ذلك المشروع والتبعات البيئية التى سيسببها.
أما عن الناحية السياسية لذلك المشروع، فإن أردوغان يتوهم أنه سيصبح لديه ورقة سياسية جديدة إذا اكتمل مشروع القناة، وهى ورقة الالتفاف حول اتفاقية «مونترو» التى تنظم حركة الملاحة في المضايق التركية في حالة الحرب والسلم، وأعطت الدول المطلة على البحر الأسود فقط حرية نقل السفن الحربية بدون معايير معينة. ولكن باكتمال قناة إسطنبول التى لن تخضع لاتفاقية مونترو سيضع أردوغان القوانين المنظمة للملاحة في تلك القناة التى تروق له، قد يغازل بتلك الورقة السياسية حلف الناتو الذى حاول بالفعل سابقا الالتفاف حول تلك الاتفاقية أو يخطب ود الولايات المتحدة في مقابل مرور سفن عسكرية أمريكية ذات أطنان ثقيلة لا تسمح بها اتفاقية مونترو أو حتى ورقة ضغط على أوروبا يستخدمها حين يريد لفرض مزيد من التحكم في المنطقة. فهذا الرجل لم يحسن استخدام ورقة اللاجئين السوريين وشن حربًا في المنطقة كلها مستخدمًا تلك الورقة فكيف للعالم أن يأمن مزيدا من الأوراق في جعبة ذلك العثمنالى؟.. نتوقع أن أوهام أردوغان سوف تسقط تمامًا خلال الأعوام المقبلة.