بعد أربعة أيام كاملة متواصلة من ٢٨ إلى ٣١ يناير ٢٠٢٠، وبعد مفاوضات قال المقربون منها إنها كانت «مضنية وشاقة»، هناك في واشنطن، وبرعاية أمريكا والبنك الدولى، انتهى وزراء الخارجية والموارد المائية في مصر والسودان وإثيوبيا من العناوين الرئيسية الخلافية في ملف سد النهضة.. البيان المشترك الذى صدر عن الدول الثلاث أشار إلى توصل الوزراء إلى اتفاق حول ثلاث نقاط أساسية..
الأولى الجدول الذى يتضمن خطة ملء سد النهضة على مراحل.. والثانية ركزت على الآلية التى تتضمن الإجراءات ذات الصلة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء الملء.. أما الثالثة فقد أشارت إلى الآلية التى تتضمن الإجراءات الخاصة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء التشغيل.
نستطيع القول إنه حسب المواعيد المتداولة أن مصر سوف تغلق هذا الملف نهائيًا نهاية شهر فبراير الحالى بالتوقيع النهائى على ما أسفرت عنه سنوات التفاوض المرهقة..ونستطيع بكل وضوح أن نفتخر بما أنجزته دولتنا الرائدة والتزامها الوطني.. نستطيع أن نؤكد الثقة في مدرسة الدبلوماسية المصرية، وكذلك مدرسة الرى المصرية التى تعتبر من أوائل مدارس الرى في العالم.
المدهش في البيان الذى صدر قبل يومين هو تأكيده على أن الجانب المصرى قد قام بالتوقيع على الوثيقة التى أعدها الجانب الأمريكى، التى تشير إلى الاتفاق حول العناوين الثلاثة.. نعم مصر فقط هى التى وقعت على تلك الوثيقة في نهاية الجلسة، بينما راوغ الجانبان الإثيوبى والسوداني.. وفى ذلك تفسير وحيد وهو أن مصر نجحت بامتياز في انتزاع حقوقها التاريخية بحضور شاهدين هما أمريكا والبنك الدولي.. الشروط المصرية التى طالما نادت بها لم تعد نداءات في الفراغ، لكنها أصبحت بنودا ملزمة للجانب الإثيوبي.
صحيح أن اللجان الفنية والقانونية ما زالت تواصل عملها هناك في واشنطن من أجل بلورة الصياغة النهائية للاتفاق، والتى من المنتظر ألا تخرج عن الوثيقة الأمريكية التى وقعتها مصر، وسوف يتأكد ذلك، خلال أيام قلائل، عندما تبدأ جلسة الوزراء الثلاث يومى 12 و13 فبراير الجارى، لإقرار الصيغة النهائية التى ستحتفل بها الدول الثلاث نهاية فبراير بتوقيع الرؤساء في مشهد فاصل يرسخ للحقوق والواجبات بين دول نهر النيل.
النيل صاحب الكلمة الأولى والأخيرة لوحدة شعوب وادى النيل يرفض الحرب والعدوان ويرفض سرقة مقدرات فريق من أبنائه.. ملحمة يمكنها أن تدخل فصول الدرس لتحكى عن كيفية التحكم في الانفعالات والسيطرة على التصريحات وقت الأزمة وتحمل الشدائد من سهام النقد التى انهالت على أجساد المفاوضين.
سلطة النهر هى التى فرضت على الجميع الالتزام.. نهرنا المقدس الذى أقسم المصرى القديم على احترامه والحفاظ عليه.. ها نحن نعود من جديد لنعيد القسم ونلتزم به.. ها نحن نعود إلى العالم بمصر الجديدة التى لا تقبل الظلم على نفسها ولا تحرم جيرانها من حقهم في التنمية.. تعود مصر لتقول جملة واضحة لكل أجهزة المخابرات التى لعبت في ملف سد النهضة.. أعرف أن هناك عواصم سوف تنام حزينة مع التوقيع النهائى لنتائج مفاوضات السد.. ووعدنا هو أننا لن نزيدكم إلا حزنًا.. المصرى القديم الذى احترف البناء سوف يواصل مهنته المفضلة.. أما من احترفوا الهدم فلا شك أن الجدران سوف تسقط على رؤوسهم يوما ما.