الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف نفهم ما حدث يوم 25 يناير 52؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• إذا أردنا أن نفهم ماحدث يوم ٢٥ يناير ٥٢ أو ما نطلق عليه تاريخيًا (عيد الشرطة المصرية)، فعلينا أن نعود إلى الخلف ٣٨ عامًا وبالتحديد عام ١٤.
• ففى العام ١٩١٤ اندلعت الحرب العالمية وفرضت بريطانيا الحماية على مصر وهو ما أنهى التبعية المصرية للدولة العثمانية تمامًا وتم عزل الخديو عباس حلمى الثانى تأكيدًا لانتهاء ولايه الدولة العثمانية على مصر، كما ألغيت وزارة الخارجية، ثم كان من نتائج ثورة ١٩ في العام ٢٢ أن ألغت بريطانيا الحماية على مصر واعترفت بمصر دولة مستقلة وعادت وزارة الخارجية وسمح للمصريين أن يكون لهم دستور يحكمهم وبرلمان منتخب يمثلهم وحكومة منتخبة تدير شئونهم، ولكن استمر منعهم من أن يكون لهم جيش وطنى أو شرطة وطنية كاملة كما منعوا من سيادة القانون المصرى على الأجانب، ومنعوا من أن ينضموا لعصبة الأمم كما منعوا من إدارة السودان.
• وفى العام ٣٠ ألغى الملك فؤاد الدستور وزورت الانتخابات وتم الالتفاف على كل مكاسب الثورة، وحدثت ثورة عارمة أدت إلى عودة الدستور مرة أخرى ثم انتخابات حرة عادت بالوفد إلى مقاعد الحكم.
• وفى يوم ٣ أكتوبر ١٩٣٥ حدث احتلال إيطالى غاشم للحبشة (لإثيوبيا) ومنابع النيل وحصار مصر من الجنوب عن طريق موسوليني، 
• ثم ما تلاه من حصار مصر شمالًا وتحرك الأسطول الإيطالى في المتوسط، وحضوره إلى شمال مصر، لتصبح مصر تحت وطأة خطر احتلال إيطالى فاشى من الجنوب والشمال في أى لحظة. 
• ثم استشعار الزعيم مصطفى باشا النحاس وهو خارج الحكم بالخطر الإيطالى الداهم على مصر وإمكانية وقوعها تحت حكم الفاشيست الطليان، ونجاحه في إقناع بريطانيا العظمى في الجلوس والاتفاق مع مصر واضطرار بريطانيا لعقد معاهدة «الصداقة» و«التحالف» بين بريطانيا ومصر في العام 1936. 
• حيث نجح النحاس باشا في إقناع الإنجليز بخطورة الأوضاع وبضرورة الدخول إلى مفاوضات مباشرة مصرية بريطانيه تأسيسًا على الخطر الإيطالى الداهم الذى استجد على مصر.
• ثم بدأت المفاوضات في ٢ مارس ٣٦ واستمرت حتى توقيع المعاهدة في 26 أغسطس في قصر الزعفرانة، بين كل من رئيس الوزراء المصرى مصطفى النحاس ووزير الخارجية البريطانى أنتونى إيدن،. وصُدق عليها في 22 ديسمبر. وتم تسجيلها في سلسلة معاهدات عصبة الأمم في 6 يناير 1937.
• ثم وفاة الملك فؤاد أثناء المفاوضات في 28 أبريل 1936 بقصر القبة.
• ثم تولى مجلس الوصايه الذى تكون من عم الملك الجديد محمد على توفيق وخاله شريف صبرى شقيق الملكة الأم نازلى ووزير الخارجية على باشا عزت الذى كان أول سفير للمملكة المصرية في المملكه المتحدة مدة ١٥ شهرًا كاملة حتى أتم الملك الشاب (فاروق) ١٨ عامًا كاملة في ٢٩ يوليو ١٩٣٧. 
• ثم ما ترتب على المعاهدة من أوضاع قانونية جديدة تصب في استقلال مصر، من إنهاء كافة مظاهر احتلال مصر عسكريًا ودخولها كدولة مستقلة عضوًا في عصبة الأمم والنص على حقها في إقامة جيش وطنى وحقها في إلغاء الامتيازات للأجانب وسحب الإنجليز من البوليس المصرى وإلغاء إدارة الأمن الأوربية من البوليس المصرى وعوده الجيش إلى السودان والقبول بالإدارة الثنائية، وتبادل السفراء مع بريطانيا، مع حصر الوجود العسكرى الإنجليزي في مصر في قاعدة عسكرية شمال الإسماعيلية مدة ٢٠ سنة بها ١٠ آلاف جندي
بريطانى وبموافقة البرلمان المصرى بالإجماع لحماية مصر حتى تتمكن من بناء جيش وطنى لها في خلال ٢٠ عامًا بعد أن كان الإنجليز يجيبون ربوع البلاد. 
على أن تجلو تلك القاعدة في العام ٥٦. 
• كانت مصر قد عاشت دون جيش وطنى منذ تسريح ما تبقى من الجيش المصرى (١٢ ألفا ) إبان احتلال إنجلترا لمصر في العام ١٨٨٢ إبان حكم الخديو توفيق، وهو ما تبقى من الجيش المصرى الذى أسسه محمد على باشا في العام ١٨٢٢ وكان قوامه ٢٧٦ ألف جندى والذى تم تخفيضه في العام ١٨٤٠ إلى ١٨ ألفا فقط وفقًا لمعاهدة لندن الشهيرة والظالمة لمصر. 
• ثم ما ترتب على معاهدة «الصداقة» و«التحالف» التى عقدها النحاس باشا من دخول مصر إلى عصبة الأمم كدولة مستقلة وحقها في التمثيل الدبلوماسى وتبادل السفراء مع بريطانيا وغيرها، وحقها في المطالبة بإلغاء الامتيازات الأجنبية للأجانب على أراضيها وخضوع الأجانب للقانون وللمحاكم المصرية وحقها في إبرام المعاهدات كدولة مستقلة وعودة الجيش المصرى إلى السودان والإدارة الثنائية. 
• ثم تاليا سقوط وانهيار عصبة الأمم في العام 1937. 

• ثم اندلاع الحرب العالمية الثانية في الأول من سبتمبر في العام ١٩٣٩ بين «الحلفاء» بقيادة بريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتى والصين ودخول أمريكا معهم فيما بعد، ودول «المحور» بقيادة ألمانيا وإيطاليا واليابان والمجر ورومانيا وبلغاريا. 
• ثم نهايتها في ٢ سبتمبر من العام 1945 وهزيمة إيطاليا وتحرير إثيوبيا وزوال الخطر الإيطالى على مصر. 
• ثم إقامة الأمم المتحدة في ٢٤ أكتوبر من العام 1945.
• ثم شعور مصر والمصريين بانتفاء الغرض من وجود القاعدة العسكري البريطانية الموجودة لحماية مصر بموافقة البرلمان المصرى وإلحاح مصر ومطالبتها طوال ٦ سنوات من ٤٥ وحتى ٥١ بجلاء القاعدة العسكرية البريطانية التى وافق على إقامتها البرلمان المصرى بالإجماع عام ١٩٣٦ ورفض بريطانيا تسريح القاعدة إلا في الميعاد المحدد لذلك وهو ٢٠ عامًا من العام ٣٦ أى عام ١٩٥٦.
• ثم اندلاع المظاهرات الطلابية والعمالية والشعبية بقيادة الزعيم الوطنى مصطفى موسى للمطالبة بتسريح القاعدة البريطانية بداية من العام ٤٦، وحتى ٥١. 
• ثم انتخابات يناير ١٩٥٠ وعودة حزب الوفد إلى الحكم بعد غياب استمر ٦ سنوات منذ إزاحته عن الحكم في العام ١٩٤٤ ونجاح مصطفى موسى ورفاقه (الطليعة الوفدية)، ودخولهم إلى البرلمان ومطالبتهم بضرورة تسريح القاعدة البريطانية. 
• ثم دخول الوفد في مارس 1950 في مفاوضات جديدة مع الحكومة البريطانية من أجل جلاء القاعدة والتى استمرت 9 شهور ظهر فيها تشدد الجانب البريطانى وعدم موافقته على الرحيل إلا في الميعاد المتفق عليه في المعاهدة.
• ثم قرار النحاس باشا في ٨ أكتوبر ١٩٥١ إلغاء معاهدة الصداقة والتحالف مع بريطانيا من طرف واحد وتصديق البرلمان المصرى على ذلك. 
• ثم عدم اعتراف بريطانيا بإلغاء المعاهدة، وهو ما اضطر النحاس باشا إعلان الكفاح المسلح ضد القاعدة البريطانية ومساعدة الفدائيين لضرب الإمدادات لها.
واشتداد أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكرات الإنجليز وجنودهم وضباطهم في منطقة القنال فقد كانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة.
• ثم قرار حكومة الوفد سحب العمال المصريين من القاعدة البريطانية وشلها، وإيجاد وظائف لهم بديلة في الداخل.
• ثم توقف المتعهدين عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة الإنجليز داخل القاعدة الإنجليزية.
• وصولًا إلى تأكد بريطانيا من أن حركة الفدائيين تشرف عليها وزارة الداخلية المصرية نفسها وخصوصًا محافظة الإسماعيلية وصولا إلى يوم ٢٥ يناير ٥٢. 
• ثم ما تلاه يوم ٢٦ يناير ٥٢ من عقاب لحكومة النحاس والتآمر لإسقاطها بحريق القاهرة، حيث تم إزاحة وإقالة حكومة النحاس إلى غير رجعة.