جاءت دهشة القائد إكسهام الذى وقف وجنوده الانجليز لتحية النقيب مصطفى رفعت ورفاقه من الذين ظلوا على قيد الحياة أثناء خروج الجثث والمصابين من قسم شرطة الإسماعيلية ليسجلوا صفحة ناصعة وتكون بداية عيد الشرطة المصرية الذى مر عليه 68 عامًا ونحتفل به هذه الأيام.
وهناك صفحات طويلة من بطولات وتضحيات رجال الشرطة عبر المعارك الوطنية منها تعاون الضباط المصريين مع الفدائيين فى معركة بورسعيد الوطنية ضد العدوان الثلاثى عام 1956، كذلك تدريب أفراد الشعب باسم الحرس الوطنى فى كافة محافظات مصر.
كما شهدت معركة كفر أحمد عبده بالسويس تعاون رجال الشرطة الرافضين لهمجية الجنود الإنجليز وقد شهد التاريخ التلاحم بين الشرطة والشعب فى كافة محافظات مصر عبر المعارك ومقاومة الإنجليز والفرنسيين فى محافظات الصعيد والوجه البحري.
ولعل أبهى صورة للشرطة المصرية كانت فى مقاومة القوات الإسرائيلية أثناء محاولاتها اقتحام قسم شرطة الأربعين بالسويس فى أكتوبر 1973 حيث وقفت قوات الشرطة والمقاومة الشعبية ضد الجنود الإسرائيليين وقتلتهم أمام القسم الذى تهدم جزء منه واستشهد بداخله جنود وضباط الشرطة متجاورين مع أبطال المقاومة الشعبية الذين استشهدوا على سور القسم وأمام بواباته فى معركة تعتبر الأهم فى التاريخ المصرى الحديث، هذا غير الشهداء والمصابين من الشرطة المصرية فى معارك الإرهاب والتطرف ومقاومة الجريمة حتى الآن.
وقد عبر الفن خصوصًا السينما المصرية عن الكثير من مواقف الشرطة بين التضحية والإخلاص فى العمل ومقاومة الجريمة والإرهاب والتطرف مبينه الجوانب الإيجابية وأخرى مبينة للجوانب السلبية لبعض رجال الشرطة الذين لهم مواقف مهنية وأخلاقية تبتعد عن الواجب.
ولعل الجميع يتذكر فيلم «حياة أو موت» حينما قام حكمدار العاصمة بتحذير «أحمد إبراهيم» الكائن بدير النحاس والتحذير الشهير «الدواء فيه سم قاتل».
فضلا عن الأفلام الشهيرة مثل «فى بيتنا رجل» من إخراج هنرى بركات الذى قدم نماذج من رجال البوليس السياسي. ورأينا ضابط الشرطة الإنسان فى فيلم «الخطايا» غير أفلام إسماعيل ياسين الشهيرة والمعروفة باسم إسماعيل ياسين فى البوليس والبوليس السرى غير أفلام فريد شوقى «بطل للنهاية» وفيلم صلاح ذوالفقار «الرجل الثانى» وغيرها.
كما عبرت أغنية الأطفال الشهيرة «يا عسكرى يا أبو بندقية» التى كانت تقدم من خلال برنامج الأطفال الشهير «أبلة فضيلة».
عمومًا كان للأفلام والأغانى دور كبير فى تقديم رجال الشرطة سواء ضباط أو جنود أو أفراد فى صور متعددة من خلال المواقف والأحداث وفقا للرؤية السينمائية والأدبية.
لقد أكد الدستور المصرى فى المادتين (206 – 207) «بأن الشرطة هيئة مدنية نظامية فى خدمة الشعب وولائها له وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وهى التى تسهر على حفظ النظام العام والآداب العامة وتلتزم بما يفرضه عليه الدستور والقانون من واجبات مع احترام حقوق الإنسان وحريته الأساسية.. وهو ما ينظمه المجلس الأعلى للشرطة».
والآن ونحن نحتفل بالعيد 68 للشرطة المصرية بتاريخها العريض فى بسط الأمن ومكافحة الجريمة والإرهاب والتطرف وبما قدمته من شهداء ومصابين فإن الأمر يتطلب منا الوقوف على بعض التحديات المهمة لأمن المجتمع منها:
• أهمية التفعيل الأفضل لإدارة حقوق الإنسان على كافة المستويات من الوزارة مرورًا بالإدارات والقيادات وحتى مديريات الأمن بالمحافظات وأقسام الشرطة فى كافة محافظات الجمهورية.
• الاهتمام بنشر التقرير السنوى الإحصائى عن الجريمة والمعروف باسم تقرير مصلحة الأمن العام عن الجريمة فى مصر وهو التقرير الذى طالب به وابتكره «راسل باشا» حكمدار العاصمة فى العشرينيات من أجل الوقوف على حجم الجريمة وتصنيفها وتحليلها لمواجهة تطورها ووضع أساليب لمكافحتها.
• ضرورة عرض التقارير الدورية عن حالة الأمن الجنائى والسياسى على مجلس النواب حتى تتمكن لجنة الأمن فى المساهمة لوضع رؤية سياسية لمواجهة الجرائم وبما يتواكب مع تطور نوعية وحجم الجريمة فى مصر.
• ضرورة التعاون بين وزارة الداخلية والمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية لأنه يصدر المجلة الجنائية القومية ومجلة التعاطى والإدمان هذا غير البحوث الراقية علميًا وعلاقاتها بالأمن الاجتماعي.
• أصبحت أكاديمية الشرطة مركزا علميا ومن هنا لا بد من تطوير مناهجها ودراساتها العلمية وفتح مناقشات للرسائل للجرائم الجنائية والسياسية للباحثين والتعاون مع الجامعات وسوف يساهم كثيرا فى مكافحة الجريمة.
وأخيرا إعادة النظر فى التشريعات القديمة وتحديثها بالتعاون مع مجلس النواب.. وتبقى تحية لكل لشهداء الشرطة ومصابيها ورجالها المحترمين، ورحم الله اللواء مصطفى رفعت الذى توفى بعد أن شغل موقع مدير أمن محافظة السويس فى فترة مهمة فى تاريخ الوطن.