وأنا في طريقي إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب، وصل إلى مسامعي أن بعض الأئمة اصطفوا لينالوا من الدكتور محمد عثمان الخشت في خطبة الجمعة، المنوط بها أن تكون منهلا لكل سائل ومرجعا لكل أواب.. ذلك الوقت الذي أمر الله به أسبوعيا لجمع الفرقة لا الشتات.
نخرج وفودا لبيوت الله لتستريح النفس وتسمو الروح، لنتعلم التسامح وتقبل الآخر لنتدبر ونعقل ونشحن الأرواح من جديد ليزول ما علق بها من شوائب.
لكن البعض ممن حملوا الأمانة، ممن قدمناهم للإمامة، غرهم موضع أقدامهم فاحتكروا القول، وبات محرمًا على كل مأموم أن ينطق بكلمة واحدة، فقط السمع والطاعة وإلا سيلقى هجوما ضاريا كذلك الذي يتلقاه "الخشت" الآن.
فإلى هؤلاء أتوجه بسؤالي: لصالح مَن تنفثون في الرماد؟ لصالح مًن تحولون نقاش فكري إلى فتنة؟ لصالح مَن تأججون خلاف في الرأي وتصلون به إلى حد الارتداد؟
مُبتلى هذا الوطن بتجار الدين ما إن تخرس ألسنة فرقة إلا خرجت أخرى تعوي كالذئاب، وكأن الله خصَّها بالدين دون غيرها، وكأن الله نصبهم أولياء لهم في الأرض.
هل جاء "الخشت" ببدعة حينما طالب بإعمال العقل؟ هل حرف آية من القرآن؟ هل تجرأ وحاشاه أن يفعل ذلك أن يشكك في آية.
ما فعله "الخشت" هو فقط إعمال العقل في النقل، فيما قاله بشر تواتروا النقل، أليس لكل واحد منّا في نفسه هوى؟ أمن نقلوا معصومين من الخطأ؟ هل مؤلفاتهم قرآنا؟
ألم يقتل علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان والحسين بن علي بفتوة قالها إحداهم! ألم تتداعى علينا الأمم تترا وكل منها كانت تشرع لسلطانها؟ وأخيرا ألم يميزنا الله بالعقل؟ هو قال جل في علاه ذلك وأمرنا بإعماله، فلم تجرمون الفكر حتى وإن خالفكم، أليس لكم حجة أم أن كل ما تملكونه الهجوم وكأنكم بشر وما عداكم دواب.
استقيموا يرحمكم الله، فما عاد هذا زمان بيعة ولا إمامة ولا مرشد لكنه عصر العقل فيه هو السلطان.
وإنني كواحدة من أبناء جامعة القاهرة أطلب من رئيسها أن يتقدم بدعوة لكل من أراد الحوار في قضية تجديد الخطاب الديني، على أن يكون النقاش سجالا ليتعلم هؤلاء المأججون أن خلافنا في الرأي لا ينتقص شيئا من فضيلة شيخ الأزهر ولا يشكك في علمه، لكن لنعتبر أننا نحن السائلون وهو المجيب بالتفنيد.
أيفهم هؤلاء أن آيات القرآن في مجملها قبل أن تضع حكما كان يسبقه حوار.. أنتم أفضل من الله؟