الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وتحولت المأساة إلى ملهاة عن مؤتمر التجديد "لرفض التجديد"!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• أن يقرر الأزهر وشيخه أن يعقد مؤتمرًا عالميًا دوليًا من أجل «تجديد الخطاب الديني»، فهذا ما ننتظره من تلك المؤسسة العريقة طوال سنوات مضت، عشنا فيها على أمل علَّه يحدث، فقد قُتل في تلك السنوات أفضل أبائنا في الجيش والشرطة، وخطف فيها وطننا، وقوضت فيها مؤسساته وحوصرت واحترق بعضها وهدم بعضها الآخر، وأُرهب المصريون بالأحزمة الناسفة والقنابل وأطنان المتفجرات، وهدمت الكنائس، وقتل العابدون في المساجد والكنائس على حد سواء على مدى الساعة، من خلال إرهابيين توسلوا برافعة دينية نصية بشرية وبآراء فقهية قديمة، قال بها عرب القرن الثانى والثالث الهجرى، وجعلوا منها دينًا مقدسًا مثل الدين!! 
• أن يقرر الأزهر وشيخه الدعوة لمؤتمر عالمى دولى لتجديد الخطاب الدينى بعد انتظار له دام لسنوات، وفُقد الأمل في عقده بعد أن بح فيه صوت الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، من أجل إنقاذ الدين، ومن أجل إنقاذ الوطن، ومن أجل تصحيح المفاهيم الخطأ، التى يستند عليها الإرهابيون، ومن أجل أن تتحمل المؤسسة الدينية مسئوليتها التاريخية الدينية والوطنية في تفنيد وإسقاط الرافعة النصية التراثية البشرية، التى يتوسل بها تنظيم الإخوان الإرهابى ومناصروه وكل ميليشيات الإرهاب التى ولدت وخرجت من عباءته. 
• أن يقرر الأزهر أن يقود معركة التجديد بنفسه ويتحمل مسئولياته التاريخية بعد كل هذه المعاندة وبعد كل هذه المكابرة والرفض، وبعد أن عاود السيد الرئيس المرة تلو المرة، والكرة تلو الكرة مناشدة الأزهر وشيخه وعلمائه أن يتحملوا مسئولية الدفاع عن الدين وأن يتصدوا لأفكار الإرهاب القطبية وغيرها، وأن يفندوا ويراجعوا ويردوا ويصححوا ويوضحوا ويبينوا للناس. 
• ورغم أن الأزهر وشيخه قد ضيعا فرصة تاريخية على الوطن مصر وعلى الأزهر العتيق ذى التاريخ المجيد، في أن يقدما نفسيهما للعالم كله روادًا للتجديد الدينى بعد أن طال الإرهاب كل أطراف المعمورة، أزهق الأرواح وروع الأمنين وقتل الناس في الشوارع والميادين ودور العبادة وغيرها، وأن يقولا للعالم إننا في مصر نملك «ميزة نسبية» نباهى بها ونفاخر وأن لدينا المؤسسة الدينية الإسلامية الأكبر والأعرق في الكوكب، والتى ستتصدى بعلمائها ومفكريها وستدافع عن الإنسان في كل بقاع الأرض وستدافع عن الدين الإسلامى وستقدمه في صورته الحقيقية جليًا بعيدًا عن كل تلك التفسيرات البشرية، التى ألبسته رداءً بدويًا محليًا عربيًا صحراويًا رجعيًا غير إنسانى وغير عالمى، وهو الدين الذى جاء رحمه للعالمين، والذى تضمن الشريعة الخاتمة. 
• ورغم أن الأزهر وشيخه قد قررا ذلك بعد كل هذا التأخير الطويل، لكننا رحبنا للغاية بالمبادرة التى جاءت بعد سنين عجاف، وبعد انتظار طال، وبعد صبر صبور كان قد نفد، وبعد جهد جهيد كان قد فقد الأمل في الاستجابة للانخراط في معركة الدين ومعركة الوطن من قبل تلك المؤسسة، التى نعرف تاريخها جيدا ونفاخر بأدوارها الدينية والوطنية عبر التاريخ. 
• وتابعنا المؤتمر على مدى يوميه، وتابعنا جلساته ونقاشاته فإذ بنا نجد مؤتمر تجديد الخطاب الديني، مؤتمر «التجديد»، وقد تحول إلى مناسبة وفرصة عظيمة لفضيلة الإمام مجددًا رفض التجديد ولمدح القديم، وتمجيد التراث وآراء الموتي، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل راح فضيلته يسهب ويؤكد ويشرح ويبين فضل ذلك القديم البشرى الفقهى على العرب «الفاتحين» الذين وضعوا نتيجة له- حسب رأى الشيخ- قدمًا في الصين وأخرى في الأندلس، وراح الأزاهرة يصفقون بحماس منقطع النظير لشيخهم المنتصر للقديم وللقدامة ولذلك التراث، وكادوا يهتفون له في مشهد عبثى رث وغير لائق ودعائي، بعيد كل البعد عن العلم وجلساته والفكر وحلقاته والبحث العلمى وأدبياته وتقاليد أروقته، وبعيد كل البعد عن جدية علمية ورصانة فكرية، كانت المفروض أن تكون صنو ذلك المؤتمر العالمى العلمى الكبير، حيث تحول المؤتمر العلمى العالمى إلى مبارزة، استل فيها الشيخ بنفسه سيف الدفاع عن القدامة وكل ما هو قديم وراح يمجد في القديم وآراء الموتى وراح يستهجن كل محاولات التجديد ويصفها بالمؤامرة على الدين والخروج على الدين ويخلط بين الرث منها والرصين، وراح يرد على ضيفه، رئيس جامعة القاهرة، الذى صدق وذهب إلى ذلك المؤتمر وحاول أن يقول بتجاوز التراث وحاول أن يطرح فكرة تغيير الأدوات المعرفية القديمة، وراح ينادى بتفكيك العقل التراثى، وراح يطالب بتجاوز المدارس الفكرية، التى انتجها العصر العباسى الأول من أشاعرة وماتريدية ومعتزلة وجهمية ومرجئة وغيرهم، فانبرى الشيخ يرفع راية تمجيد التراث وعدم تجاوزه، واعتبر أن الانقطاع مع التراث هو هدم للدين وتضييع له، رغم أن ضيفه لم يقل بالانقطاع التام مع التراث، بل دعا لهضمه وتجاوزه فقط، إلا أن الشيخ راح يرد على كل دعاة الحداثة، وكل دعاة الانقطاع مع آراء الموتى وانبرى في معركة ضروس ضد التجديد والتحديث والحداثة، وراح يدافع عن الأشاعرة وفهمهم والماتريدية ومعتقداتهم وسط تأييد رجاله وحفاوتهم وترحيبهم وتصفيقهم وتهليلهم لكل هذا الجمود والعبث، وهذا الموقف الغريب الذى دعا فيه الشيخ إلى مؤتمر عالمى علمى «للتجديد» من أجل تكرار كلامه عن رفض التجديد!! 
• ويبدو أن ضغوط الواقع وفقدان السيطرة وخسارة الأزهر مساحات واسعة على أرضيه الفكر الدينى الرصين هى ما أضرت المسئولين فيه إلى تنظيم ذلك المؤتمر، على سبيل إبراء الذمة وسد الذرائع والتحلل من المهمة وثقلها. 
• لقد جاء المؤتمر العالمى الكبير مخيبًا للآمال وكاشفًا للعالم عن ذلك الموقف الغريب من التراث وآراء الموتي، متجاهلًا كل المشروعات الفكرية الجادة والرصينة، التى طرحت الجديد ونجحت في الإضافة وقدمت المختلف ونجحت في إعادة قراءة النص المقدس وإطلاق سراحه إلى عالميته وإنسانيته ورحابته ورحمته وأعادت تقديمه في ثوب عالمى إنسانى جديد.
• والواضح والجلى في حديث الشيخ أن «التجديد» الدينى هو محض مؤامرة غربية يحيكها الغرب ويديرها ببراعة للقضاء على الدين أو للقضاء على التراث، الذى هو دين مثل الدين لدى الشيخ، وعليه فإن كل من يحاول التفكير والتجديد هو عميل غربى بامتياز ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونقول للدين رب يحميه وكان الله في عون مصر وشعبها ورئيسها، وإنا لله وإنا إليه راجعون وبالله وعلى الله نستعين ونتوجه وهو نعم المولى ونعم النصير.