الجمعة 11 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

اقتصاد المستوطنات.. سلاح ذو حدين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعيش الفلسطينيون العاملون في الشركات الإسرائيلية بمستوطنات الضفة الغربية المحتلة نوعا من الصراع النفسي، حيث يعد "حسن الجلايتة" والذي يعمل منذ 18 عاما في إصلاح سيارات الجيب التابعة للجيش الإسرائيلي في الجراج الفرنسي بمستوطنة "ميشور أدوميم" بالضفة نموذجا لهذا الصراع، فتلك السيارات التي يعمل جلايتة على إصلاحها يوميا هي نفسها السيارات التي تقف على المعابر لتعيق مروره ذهابا لعمله، وهي نفسها السيارات التي تجتاح القرى التي يعيش بها أقاربه وأصدقاؤه، ولكن في المقابل فإن إصلاح تلك السيارات يوفر للجلايتة راتبا شهريا قدره 1471 دولارا، وهو راتب يعادل 3 أضعاف الرواتب في المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية، حيث ترتفع معدلات البطالة فيها لتصل الى 19%، إضافة إلى أن انعدام قوانين العمل تجعل من الحصول على عمل لائق مسألة شبه مستحيلة.
ويقول الجلايتة، 47 سنة وأب لخمسة أبناء، اثنان منهم في الجامعة لصحيفة الـ"نيويورك تايمز" "لم أعد انسانا، فنحن نخدم الاحتلال، إني مرغم على العمل هنا لأني مسئول عن أسرة ومنزل، أما غدا إذا توفر لدي عمل في مكان أخر، إذا توفر العمل في فلسطين فاني ساترك العمل لأذهب للعمل في فلسطين"
من هنا تعتبر معظم دول العالم أن المصانع الإسرائيلية المقامة في المستوطنات على أراضي الضفة الغربية المحتلة غير قانونية، وعقبة على طريق السلام، الذي أصبح مؤخرا في بؤرة الاهتمام الدولي، خاصة بعد تصاعد حملة المقاطعات التي تستهدف الشركات والمؤسسات الإسرائيلية في مستوطنات الضفة الغربية.
وكان أكثر ما سلط الأضواء على هذه المسألة الممثلة "سكارليت جوهانسون" التي استقالت من منصبها في اوكسفام مجموعة مكافحة الفقر 30 يناير الماضي عقب انتقادات اوكسفام لها بسبب توقيعها كمتحدثة باسم شركة "صودا ستريم" التي تمتلك أكبر مصانع مواد البناء في مستوطنة ميشور أدوميم.
من هنا يتسم المشهد الاقتصادي والسياسي تجاه المصانع والمزارع بالتعقيد كونها تعمل على ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي، كما أنها تساعد الفلسطينيين على العمل رغم معارضتهم للاحتلال، حيث يعمل حوالي 25 ألف فلسطيني بمستوطنات الضفة الغربية، بل ويعملون في عمليات بناء المستوطنات التي يأملون في تفكيكها قريبا .
الثابت أن أكثر من 15 منطقة صناعية أخرى تقع على أراضٍ فلسطينية احتلتها اسرائيل عام 1967، تضخ حوالي 300 مليون دولار للاقتصاد الفلسطيني من خلال الرواتب، الأمر الذي تعتبره السلطة الفلسطينية ودعاة المقاطعة استغلالا للعمالة الفلسطينية الضعيفة، وأن الاحتلال هو المسئول عن حالة الاقتصاد الفلسطيني المحتضر. 
في المقابل يقول القادة الإسرائيليون وأصحاب المصانع إنها تقدم ما في وسعها لمساعدة الفلسطينيين وتوفر العديد من الفرص في سبيل لتعايش بين الشعبين. حيث قال "يهودا كوهين" الرئيس التنفيذي لمصنع "ليبسكي" للبلاستيك "أنا لست مستوطنا، بل نحن نمنح الأمل للناس، فاذا تم التوصل لتسوية فستكون هذه المنطقة الصناعية ضمن الدولة الفلسطينية فلا ينبغي تدمير المناطق الصناعية بل يجب علينا زيادتها".
وقالت "ديانا بوتو"، محامية وعملت على دراسة ظروف العمل بالضفة الغربية، أنصار المقاطعة يعرفون أن العمل في المستوطنات يوفر فرصا اقتصادية مهمة للفلسطينيين، رغم اعتبارها تحديا لتطلعاتهم الوطنية. وأوضحت أن المشكلة أعمق فالحد الأدنى للأجور الفلسطينية كان 410 دولار شهريا، أما الحد الأدنى للأجور الإسرائيلية 1217 دولار، ويفتقر معظم العمال الفلسطينيين لمعاشات التقاعد، وأيام الإجازات والتأمين ضد العجز.
أنشأت إسرائيل أول منطقة صناعية على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد حرب 1967 بوقت قصير، في حي القدس شرق عطروت بمستوطنة ميشور أدوميم، التي أنشئت عام 1976، ويعمل بها الآن 250 شركة، وبنيت حديقة باركان في عام 1982، حيث قدمت إسرائيل الإغراءات المالية لتعزيز الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث يعيش540 الف يهود الآن.
كانت السلطة الفلسطينية قد بدأت مقاطعة منتجات المستوطنات منذ أواخر 2009، من دون معاقبة العاملون القائمون على إنتاج تلك المنتجات، حيث اعتبر "محمد مصطفى" نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الفلسطينية، أن مسالة مصانع المستوطنات جزء من استغلال الاستعمار للعمال لتعجيز الاقتصاد الفلسطيني، مشيرا بذلك لمصادرة الأراضي، والسيطرة على مياه الري التي انخفضت معدلاتها للحد الأدنى، وكذلك تستهدف إسرائيل الصناعات الفلسطينية من خلال منع دخول المواد المطلوبة للصناعات بحجج أمنية، كما حدث مع مصنع نابكو للألومنيوم التابع للحكومة الفلسطينية، وقال مصطفى "عندما تعود أرضنا ومواردنا ونتمتع بالاستقلال والسيطرة على اقتصادنا، سنقدم فرص للعمال، نعم إسرائيل تدفع لهم أكثر، لكن كلهم يعملون في المستوطنات كارهين".