الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بدل السكوت.. "تكلم ومت"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

“,”الصمت موت.. إن التزمت الصمت ستموت، وإن تكلمت ستموت.. إذن تكلم ومت“,”، هكذا هتف الروائي والشاعر الجزائري الطاهر جاووت قبل شهور من اغتياله، كان الطاهر جاووت يسير في أحد شوارع حي باينام بالعاصمة الجزائرية عندما اقترب منه بائع متجول يعرفه تمامًا، وأخرج غدارته وأطلق رصاص النهاية على رأسه.
وبعده بأيام دخلت جحافل الموت منزل الشاعر الجزائري يوسف سبتي، والناس نيام وحاكموه سرًّا وقاموا بشنقه بحبل ربطوه في سقف حجرة نومه، كان “,”سبتي“,” يدعو الناس إلى التسامح، ويحاول رسم زهرة بنفسج فوق الأسفلت الحمر.
في جزائر التسعينيات كان دوي الرصاص يغطي على ألحان الموسيقى، ومرأى الدماء يشوه مشاهد الطبيعة الخضراء، كانت الكلمة محاصرة.. مرصودة.. مطاردة.. معتقلة.. مقيدة، ثم تحولت إلى مشنوقة ومذبوحة على أيدى رجال الحسبة الدينية.
بموت جاووت وسبتي اتسعت الرعشة لتغادر عصافير الإبداع مرغمة إلى حيث لا تعصب وجهل ونصال وفزع وإرهاب.
أذكركم بذلك وأنا أتابع ما يقال كل يوم عن المبدعين والكتاب والفنانين في مصر المأسورة والمحتجزة، تحت لافتات انتهازية تستخدم الدين لقمع الآخر وقهر الغير.
يتحدث الشيخ ياسر برهامي بوضوح وهو يؤكد أن المعركة القادمة ستكون مع الإعلام، ويكشف خالد عبد الله عن وجهه الكريه وهو يصف الفضائيات والصحف المعارضة للإخوان بإعلام المسيح الدجال، ويحذر ناجح إبراهيم الإرهابي التائب من قوائم يتم إعدادها لاستهدافها من الكتاب والمبدعين.
بين الحسبة الدينية والوصاية العقائدية تُبهت الفنون، وتتحجب الكلمات، ويحدد الخيال إقامته، لا عصافير ستزقزق كي لا تلفت أنظار الرصاصة الراصدة، ولا قوس قزح سترسمه الطبيعة في بلاد خائفة، ولا أمطار خير ستهطل على أمة يحكمها الجهل.
في دولة اللاعقل، واللاعلم، واللاحرية ينمو الخوف، وتتسع شلالات إيثار السلامة، فيصمت كثيرون ويتوارى كثيرون ويتحوّل كثيرون.
يفاجئني طبيب مثقف كان مؤرخًا حياديًّا ومحللاً سياسيًّا بمجاملات واضحة، وتصفيق مدوٍ للرئيس وجماعته رغم وصفه السابق لهم بالفاشست، أعاتبه فيرد بدعاوى المواءمة والمواربة ومبررات القنوط، يزعجني رئيس تحرير كان مدافعًا عنهما عن حرية الصحافة وتعرَّض للاعتداء على أيدي بعض رجالهم، فتراجع وانقلب لمبشّر ومروّج لما يفكرون ويكتبون.
لهولاء أكتب..
أعيد عليهم ما خطَّه الطاهر جاووت “,”لا تصمتوا، فالصمت موت“,”، أكرر لهم مقولة الفيلسوف “,”نيتشة“,”: “,”قل كلمتك وانفجر“,”، أغني لهم من رباعيات صلاح جاهين: “,”يا عندليب ما تخافش من غنوتك .. كتم الغنا هو اللي هيموتك“,”.
أذكرهم بما فعله بابلو نيرودا عندما وقع الانقلاب العسكري في تشيلي عام 1973 ضد حكم الرئيس المحبوب سلفادور الليندي ودخل جنود الانقلاب إلى بيته يفتشوه بحثًا عن السلاح، بعد أن تلقوا وشاية ضده، يومها فاجأهم “,”نيرودا“,” بأنْ قادهم إلى دفاتر شعره المبعثرة في إحدى الغرف، وقال لهم: هذا هو سلاحي.
أدعوهم لإعادة قراءة أحمد مطر، وهو يغرد:
“,”لقد شيعت فاتنة.. تسمى في بلاد العرب تخريبًا وإرهابًا.. وطعنًا في القوانين الإلهية.. ولكن اسمها في الأصل حرية“,”.
[email protected]