السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أنا وياقوت وحكيم القرية المشنوق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صدقني يا ياقوت لم يعد الزمان كما كان، كل شيء بات أسوأ، حتى الأسماء يا ياقوت لم تعد تعطي نفس المعنى، هذه ليست «نُكتة» إنما هي لعبة، لُعبة تبديل الكلمات، أتُحب اللعب يا ياقوت، لو أتقنتها ستكون صاحب مُتعة، هيا نبدأ!.
هل تعرف يا ياقوت أن ياقوت كان وليا حبشيا خلف «المرسي»، ذاك الذي كان هو الآخر وليا خلف «البدوي»، ذاك الذي كان هو الثالث وليا خلف ولي، قبل اختفاء الأثر.
ماذا تقصد.. أتقصد ياقوت العرش؟.
أنا يا ياقوت لا أقصد شيئا مما أكتبه، أشعر أني أرتكب جرما في الحرف لو زجلته أو قيدت أوابده، لكن ياقوت العرش كًلِمٌ يستوجب الذٍكر، كُنا تلاقينا في نُزهة روحٍ، في ليل ملت فيه الجسد، خرجت تتنفس ذٍكرا، كان ياقوت يجلس تحت العرش دعاها فكانت أول مرة تسمع آذان من ملكٍ.
كف يا سيدي.. لا أفهم تلك اللعبة.. لا أعرف كيف أضع الحرف فيُعطي معنى، لخبطت الجملة في رأسي.
اصمت يا ياقوت! أنت لا تفهم هذا الحرف شكله أحدهم تفاحة والآخر صنع منه مشانق في الساحة.
لا تتعجب يا ياقوت.. الأعظم من قدر الإنسان هو الإنسان.
ماذا تقول!؟.
أقول: حكيم القرية مشنوق والقردة تلهو في السوق.
كُف يا هذا لن أُكمل.
بل اسمع يا ياقوت: أدنى ما فينا قد يعلونا فكن الأدنى تكن الأعلى.
كف يا هذا لما أدخلت في اللعبة «فيتوري»، أنت تتحايل؟.
لا يا ياقوت لكن نحن تلاقينا كانت دعوة مفتوحة هناك، كان من بين شروط الدعوة أن تنتظر الأجساد في الأرض، كان الجمع كبيرا جدا، ذٍكرُ بلا ألسنةٍ، سعي بلا ساقٍ، ومصافحة بلا يدٍ، ورؤى بلا تفسير ورؤية بلا عين. 
يا سيدي خذها من ياقوت: «وسد الآن رأسك متعبة.. أمس جئت غريباً.. وأمس مضيت غريباً.. وها أنْتَ ذا حيثما أنت.. تأتي غريباً.. وتمضي غريباً.. وَسِّد الآن رأسك.. في البدء كان السُكُونُ الجليل.. وفي الغد كان اشتعالُك.. وسد الآن رأسك.. كان احتجابُك.. كان غيابُك.. كان اكتمالك.. كأنك لم تكُ يوماً هناك».
ها قد فعلتها يا ياقوت.. تعلمتها.. تعلمت لعبة الكلمات.. ها قد رتبتها على عكسها.. لماذا يا ياقوت يبيعون الحروف في سوق النخاسة؟ لماذا لم يتركوها حرة كما تحب أن تكون؟ مذ أن بدءوا يا ياقوت يصنعون مدادا ويجبرون الأقلام على ارتشافه وبصقه وأنا ألعب تلك اللعبة، أعاود ترتيب الكلمات بما يحقق ذلك لي انتشاء ولو عابرا بأني درويش حر ولو كنت بلا كرامات.
قل لي يا ياقوت: ماذا أمامك؟ في كتب الغيم.. إلاّ الشموس التي هبطت في المحيطات.. والكائنات التى انحدرت في الظّلام.. وامتلاُؤك بالدَّمْع.. حتَّى تراكمت تحت تُراب الكلام؟.
أنا لا أود الاستسلام كما لا أود مغادرة الحياة بكل بساطة وأعرف أن النصر درب من خبال، لكن بعض العابرين يثقلون الأرض إن عبروا.. يا ياقوت.
فلتحكموا بالباطل بيني وبين ياقوت.. من منا كسب اللعبة؟ سئمت الحق.. ما الفرق بين حق لا يتكلم وباطل يتكلم سبع لغات!.. ماذا سيحدث في الكون لو مرة خسر ياقوت واعترف؟