فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية متمسك بل مُصر على أن يلعب بقضية ليبيا وشعبها خارج مصالح أمته، ويبدو أنه لا يدرك المخاطر التى تواجه ليبيا، والارتماء في أحضان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ويبدو أيضًا أنه لا يعلم أن الأردوغانى الحالم بعودة الدولة العثمانية من قاع التاريخ، يسعى لاستخدام ليبيا أداة لتحقيق أحلامه، فربما النفط الليبى يساعده في ذلك.
ويبدو أن الجميع يفهم ما يهدف إليه العثمانلى الجديد «أردوغان»، إلا أن السراج يصر على موقف مختلف كليًا ليضع يده في يد شخص يطمع في كل شيء، بما فيها ليبيا، وسيكون السراج بنفسه وروحه أول من سيباع من أردوغان، لتحقيق أحلامه الواهية.
المبعوث الأممى في ليبيا غسان سلامة كشف قبل أيام عن رصد الأمم المتحدة عناصر من مرتزقة من دول أخرى بينها سوريا على الأراضى الليبية في مؤشر خطير وتطور في مفاهيم الصراع، خصوصًا أن سلامة أكد أن تلك العناصر قادمة عن طريق تركيا.
ومما يشكك في نوايا أردوغان، أن توقيعه على اتفاق برلين لم يأت طواعية، بل وحسب تصريحات المبعوث الأممى أن القادة المشاركين في مؤتمر برلين أجبروا أردوغان بالتوقيع على بيان المؤتمر الذى تتضمن بندًا يلزمه بعدم إرسال قوات أو مرتزقة إلى ليبيا.
بل قال: إن سبب حضور الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مؤتمر برلين حول ليبيا هو تهديده الصريح بإرسال مرتزقة يقاتلون ضد الجيش الليبي، وترى الأمم المتحدة، وبعد التوقيع على بيان المؤتمر، أنها تمتلك ورقة، يمكن محاسبته وحسب تعبير غسان سلامة «لدى ما أحاسبه عليه، وقبل ذلك هذا الأمر لم يكن متوفرًا.. ولدى الآن تعهد منه».
هذا يكشف عن نوعية خاصة من رؤساء الدول يتم التعامل معها في قضية تتعلق بمصير دول وشعب، بل دول وشعوب، فما يحدث في ليبيا لا يخص هذا البلد فقط، بل يخص العديد من دول المنطقة والجوار الليبي، وأولها مصر، بخلاف السودان وتونس والجزائر وتشاد والنيجر، علاوة على دول أخرى شركاء في الحدود البحرية.
وهذا ما دفع الأمم المتحدة للتعامل بحزم مع تركيا في تدخلاتها في الشأن الليبي، بعدما أصبح لديها يقين بمعلومات، عن وجود أكثر من 2000 من المرتزقة على الأراضى الليبية المدعومين من قطر، بينما يصل العدد إلى 8000 مسلح، موجودين حاليا على الأراضي الليبية وفقا لتصريحات المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، من بين 11 ألف يخطط أردوغان ارسالهم إلى ليبيا.
ورغم ما تم التوصل إليه من اتفاقيات، إلا أن تهريب وإدخال المرتزقة عن طريق أنقرة أكدته الأيام الأخيرة، بظهور شعارات سورية في الأرضى الليبية ضد نظام الأسد، وهى لغة لم تكن موجودة من قبل، بل أحد المستجدات في طبيعة الصراع على الأرض.
ومن المهم أن يدرك فايز السراج أنه يتعاون مع شخص، هدفه الرئيسى ليس إلا تحقيق طموحه في إعادة عجلة الزمن إلى الخلف، وإحياء «الدولة العثمانية» من القبور،!!، وهذا في كل علوم الدين والدنيا من المستحيلات، وستكون ليبيا هى الضحية، وسيتم استنزاف ثرواتها في حلم ليست ليبيا وشعبها طرفًا فيه ولا أى حصاد منه.
وهذا يتضح من أن مذكرة التفاهم التى وقعها أردوغان مع فايز السراج في شقها البحرى والخاص بالتنقيب عن الغاز في مياه شرق البحر المتوسط، فتحدده محكمة العدل الدولية؛ لأن ليبيا وتركيا لم توقعا على معاهدة اتفاق البحار، فهل يدرك السراج ذلك؟!، بينما الاتفاقية الأمية والتى أوصلت الأزمة لمرحلتها الخطيرة الحالية، تحتاج لتوافق من «دولة ليبيا الموحدة»، لتتأكد أو تلغى... لا أردوغان يلعب بالسراج بطريقته الخاصة.
**وتبقى ملاحظة مهمة في التواصل مع أردوغان «تلك الزيارة التى قام بها مرزوق على الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي، إلى أنقرة، صحيح أنها جاءت بدعوة من رئيس البرلمان التركي، وفى إطار برلماني، إلا أن أردوغان استغلها والتقى بالغانم، ليؤكد أن هناك من يؤيده في المنطقة، وفى دول الخليج خصوصًا، بل الغريب أنه لم يصدر بيان عن تلك اللقاءات.. فهل من توضيح حتى لا يتم التفسير بشكل يقلق الجميع؟!.