حرصت «البوابة» هذا العام كعادتها على إصدار عدد تذكارى فى عيد الشرطة تقديرا واحتراما لهذه المؤسسة الوطنية العريقة، حاملة لواء الدفاع عن أمن وأمان المصريين.
نقدم من خلاله تحية إعزاز وتقدير لتلك المؤسسة التى تعرضت فى مثل تلك الأيام من تسع سنوات لمحاولة هدم لم تتعرض لها مؤسسة فى التاريخ، لكنها استطاعت، بفضل عزيمة أبنائها، ومساعدة أشقائهم فى القوات المسلحة ودعم أهليهم من شعب مصر العظيم، من إعادة البناء والتأهيل والتطوير، حتى وصلت اليوم إلى ما يغيظ أعداء مصر وما يجعلنا نفخر بهم.
عام بعد عام تتكشف حقائق جديدة حول ما حدث فى ٢٥ يناير ٢٠١١، تسع سنوات كاملة مرت على أكبر وأخطر محاولة لهدم الدولة المصرية، كان التخطيط كبيرا، استغل أصحابه طموحات وأحلام مشروعة لقطاع من الشباب يحمل نوايا طيبة، ليقفزوا على أحلامه ويستغلوا غضبه مستخدمين مجموعات ارتبطت ارتباطا مباشرا بهم تدريبا وتمويلا لينفذوا مخططهم الشيطانى.
لم يكن الهدف النهائى تغيير نظام الحكم، بل كان ذلك خطوة أولى نحو تحقيق الهدف الأكبر، إسقاط الدولة المصرية وإعادة تقسيمها، ولم يكن بالطبع لمخطط كذلك أن يمر إلا عن طريق هدم المؤسسات الوطنية للدولة، وفى مقدمتها مؤسسة الشرطة المصرية، ظلوا سنوات عديدة يسعون لتعميق الفجوة بين المواطن البسيط ومؤسسته الأمنية، التى تحميه، من خلال إطلاق الشائعات وتعميقها حول وجود سجون سرية لأجهزة أمنية تستخدم للتعذيب، وحول قتل خارج إطار القانون، وأشياء كثيرة من هذا القبيل، ربما كان هناك بعض الأخطاء والممارسات الفردية التى وقعت بالفعل فى ذلك الوقت، ولكنها لم تكن أبدا بهذا الحجم الذى صوروه عن طريق حملاتهم الإعلامية الداخلية والخارجية المسمومة والمفبركة- والتى اكتشف الشعب المصرى زيفها فيما بعد- عندما بدءوا فى إشعال الحرائق الصغيرة والحرائق الكبيرة، ثم اقتحموا السجون، وهدموا المبانى الحكومية، وأحرقوا أقسام الشرطة، وسرقوا السلاح، واعتدوا على الرجال والنساء وخطفوا الأطفال.
ساعتها فقط استفاق المصريون وعرفوا حجم الجريمة التى سمحوا بها، فسرعان ما علت المطالب بعودة رجال الشرطة وهيبة القانون والأمن، وكم كانت الفرحة كبيرة، ونحن نستقبلهم بالورود فى الشوارع والميادين، لنعقد معهم ذلك العقد الاجتماعى الجديد الذى أقسمنا على ألا ينفك أبدا ما حيينا.
لن ينسى المصريون أبدا مشهد عودة يوسف القرضاوى، مفتى قطر وحلف الناتو، وهو يعود متمثلا الخمينى ليصلى فى ميدان التحرير وليؤم صلاة (الثوار) فيه، بل ويدعو أبناء الوطن من المصريين والمسيحيين للصلاة خلفه!
هنا أدرك المصريون بشكل واضح حجم الخدعة، لقد قفزت جماعة الإخوان الإرهابية على المشهد متسربلة برداء المدنية والحرية واعدة الشباب بتحقيق آمالهم وطموحاتهم، لقد نجحوا فى اقتناص السلطة بمساعدة شرذمة من السياسيين معدومى الضمير.
لقد كان العام الذى حكم فيه الإخوان بالفعل، أسوأ عام فى تاريخ مصر، عاش فيه الشعب المصرى أسوأ أيامه، ولكن الحقيقة سرعان ما بدأت تظهر وتتكشف، فأين السجون التى ادعى الإخوان وحلفاؤهم وجودها تحت الأرض؟ ولماذا لم يتم الإعلان عن واحد منهم؟ وأين الضباط الذين طالما ادعت جماعة الإخوان الإرهابية أنهم يقومون بتعذيب كوادرهم أثناء التحقيقات؟ ولماذا لم يقدم واحدًا منهم للمحاكمة وقد كانت الجماعة فى قمة السلطة آنذاك؟
إنه الكذب والتدليس الذى انطلى على بعض البسطاء وقتها.
لقد اتضحت المؤامرة بكل تفاصيلها أمام أعين المصريين، فهبوا مرة أخرى، لكن هذه المرة فى وجه حكم المرشد وجماعته وأكاذيبهم.
وذهبت الجماعة إلى مزبلة التاريخ وذهبت خطط أعداء مصر وأهل الشر أيضا إلى مزبلة التاريخ، ولكن ظل الدرس شاخصا أمامنا، نعلمه لأبنائنا وأحفادنا جيلا بعد جيل، وطن بدون درع تحمى شعبه فى الداخل وتبعث روح الطمأنينة والأمان هو وطن قابل للانهيار وقابل للعبث به من قبل ألد أعدائه، وطن بدون درع تحمى مقدراته وحدوده الخارجية وأمنه القومى هو وطن لا يستحق أن يوجد أصلا.
لقد تعلمنا جميعا الدرس، أن الجيش والشرطة هما درع الوطن وحماته وعموده الفقرى، وأن أى مساس بهما سيكون على جثتنا كمصريين.
تعلمنا أن الغضب يجب أن يقنن من خلال أطر قانونية ودستورية وأن التغيير يجب أن يتم وفقا لآليات سلمية حددها الدستور والقانون.
لقد وعى المصريين الدرس جيدًا، ولن يستطيع أحد أيا كان أن يغرر بهم أو يخدعهم مرة أخرى، مهما كانت شكل الشعارات أو حجم الأشخاص.
تحية إعزاز وتقدير، فى العيد الثامن والستين للشرطة المصرية، لكل شرطى مصرى فى أى بقعة على أرض الوطن يعمل بكل طاقته للحفاظ على أمن بلده وحمايتها.
ونعدكم دوما، أن تظلوا محل احترام وتقدير فى عيون المصريين جميعا، نفخر بكم وبجهودكم فى حماية الأمن الداخلى للوطن، ودمتم حراسا مؤتمنين، وكل عام وأنتم بخير.