الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يوم في حياة المصريين غير التاريخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
٢٥ يناير عام ١٩٥٢، سنتوقف وسيتوقف معنا التاريخ عنده كثيرا، فهو اليوم الذى كان إيذانا ببدء شرارة الثورة المصرية، التى قامت في يوليو عام ١٩٥٢.
في ذلك اليوم، قدمت قوات الشرطة المصرية في الإسماعيلية، نموذجًا مشرفًا للوطنية الخالصة والكبرياء المصرى الذى لايرتضى الهوان والذل.
ففى ذلك الوقت تسجل الأحداث تزايد العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال الإنجليزي في مدن قناة السويس الثلاث، فضلا عن قيام الحكومة المصرية بفتح مكاتب لتسجيل أسماء العمال المصريين، الذين يرغبون في ترك أعمالهم في معسكرات الإنجليز فاكتظت السجلات بالأسماء حتى وصلت الأعداد إلى ما يربو على واحد وتسعين ألف عامل.. كما امتنع متعهدو المأكولات والأطعمة عن التوريد لمعسكرات الإنجليز التى ضمت ثمانين ألف جندى بريطانى
استشاط الإنجليز غضبًا وجن جنونهم فقام القائد البريطانى، (إكسهام) في الإسماعيلية باستدعاء ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بإخلاء مبنى المحافظة من قوات البوليس وتسليمه للقوات الإنجليزية.
رفضت القوات الإنذار وأيد وزير الداخلية فؤاد سراج الدين القرار وتحصن الجنود ببنادقهم (اللى انفيلد) القديمة بمبنى المحافظة وتقدمت القوات البريطانية وكان قوامها ثمانية آلاف جندى يتسلحون بمدافع الميدان وتحت حماية الدبابات (السينترون) والمدرعات وحاصرت المبنى ودارت معركة غير متكافئة في العدد والتسليح والتدريب.
أثارت إعجاب ودهشة الأعداء أنفسهم فلم تتمكن القوات البريطانية من اقتحام المبنى إلا قبل غروب الشمس ولم تكن ستسقط المحافظة في أيديهم لولا نفاد الذخيرة مع القوات القليلة المتبقية فقد سقط من الجانب المصرى ٥٠ شهيدا وأصيب ٨٠ جريحًا مقابل ٢٠ قتيلًا في صفوف العدو و٣٠ جريحًا.. لم تكن هذه المعركة غير المتكافئة مجرد عملية عسكرية قامت بها قوات عسكرية مدربة ومسلحة بمعدات الحرب القتالية أمام قوات نظامية بسيطة عددا وعتادا مهمتها حفظ الأمن فقط مجرد نزهة بسيطة ولم يكن يتخيل القائد الإنجليزي هذه المقاومة العنيفة من بلوكات النظام المكلفة فقط بحفظ الأمن..كان يعتبر أن قواته ذاهبة إلى عملية بسيطة وسريعة وأن المصريين سيستسلمون حتمًا بمجرد رؤية قواته وعتاده.. وكما أثار ذلك دهشته وإعجابه أثار أيضا داخله احترامًا وتقديرًا لقوات الشرطة المصرية الباسلة.. فأمر باصطفاف قواته وهو على رأسها وأداء التحية العسكرية للمتبقى من قوات الشرطة الباقية عند خروجهم من مبنى المحافظة وعلى رأسهم اللواء أحمد رائف.
لم ينته الأمر ولم تتوقف الأحداث ففى اليوم التالى مباشرة خرجت طلاب جامعة القاهرة في مظاهرات حاشدة وانضم إليهم قوات حفظ النظام تندد بالعدوان الإنجليزي وترفض الاحتلال وتطالب بالاستقلال. 
استشعر الإنجليز الغضب وفى اليوم التالى كان حريق القاهرة المدبر، وهو الأمر الذى عجل بقيام ثورة يوليو المجيدة وتحرك ضباط الجيش المصرى في التنظيم السرى والاتفاق على تقديم موعد قيام الثورة وتنفيذ الخطة الموضوعة لها وذلك بسبب الحالة المتردية التى وصلت لها البلاد.
سيبقى يوم الخامس والعشرون من يناير هو يوم كل المصريين وليس رجال الشرطة فقط.. سيبقى ذلك اليوم رمزًا للوطنية المصرية والبطولات الشامخة.
وها هى الشرطة المصرية تواصل جهودها المضنية في حماية الأمن الداخلى للبلاد والحفاظ على مكتسبات الوطن والسهر على أمنه وأمانه. 
في ذلك اليوم نحتفل ونهنىء رجال الشرطة ونذكرهم ونتذكر معهم أجدادهم الأبطال ليكونوا نبراسًا ومثالًا يقتدوا ويقتدوا به.
تحية للأبطال وتحية لشهداء الشرطة على مر العصور والأزمان.