تُعرف عملية التنمية في أى بلد، على أنها ارتقاء بالمجتمع نحو حياة أفضل من خلال استغلال موارده الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية، على الوجه الأفضل، مستعينا في ذلك بالتجارب البشرية في البلدان المشابهة.. وفى السطور التالية نستعرض تجربة التنمية في جمهورية أذربيجان نظرا للتشابه الكبير في عدد من النواحى الجغرافية والتاريخية والبشرية مع مصرنا الغالية.
أذربيجان.. واحدة من 6 دول مستقلة في منطقة القوقاز في أوراسيا.. تقع في مفترق الطرق بين أوروبا الشرقية وآسيا الغربية، ويحدها بحر قزوين إلى الشرق وروسيا من الشمال وجورجيا إلى الشمال الغربى وأرمينيا إلى الغرب وإيران في الجنوب.. وبعد انهيار الإمبراطورية الروسية خلال الحرب العالمية الأولى، أصبحت أذربيجان جنبًا إلى جنب مع أرمينيا وجورجيا جزءًا من الجمهورية القوقازية الاتحادية الديمقراطية، وعندما أعلن حل تلك الجمهورية في مايو 1918، أعلنت أذربيجان استقلالا باسم جمهورية أذربيجان الديمقراطية، قبل أن تنضم إلى الاتحاد السوفيتى.
بعد انفصالها عن الاتحاد السوفيتى في عام 1991، أصبحت أذربيجان عضوًا في صندوق النقد الدولى والبنك الدولى والبنك الأوروبى للتعمير والتنمية والبنك الإسلامى للتنمية وبنك التنمية الآسيوي.
عملت أذربيجان على تشكيل اقتصاد وطنى متنوع يتماشى مع سياسة السوق الحرة والتنمية الذاتية، والاندماج في النظام الاقتصادى العالمى ما أدى إلى استقرار الاقتصاد الكلى للبلاد، وتنمية الحقول والمناطق غير النفطية، والاستخدام الجيد لاحتياطيات العملة الإستراتيجية، واستقرت العملة الوطنية، ودعمت الدولة ريادة الأعمال، والرعاية الاجتماعية للسكان ونفذت الحكومة برامج خمسية في الفترة 2004 - 2013 من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية - الاقتصادية والحد من الفقر ونجحت البلاد على مدى سنوات عشر، في زيادة الناتج المحلى الإجمالى 3.4 مرة، والقطاع غير النفطى 2.7 مرة، وارتفعت الاحتياطيات النقدية الأجنبية للبلاد بمقدار 30 مرة لتصل إلى 50 مليار دولار، وتحسنت حياة السكان تحسنا ملحوظا، وتوفرت 1.2 مليون وظيفة.. وتراجع مستوى الفقر بنسبة 6% كما انخفض معدل البطالة إلى 5.2 % واستقبلت البلاد استثمارات جديدة بـ 132 مليار دولار، وارتفعت التجارة الخارجية 6.4 مرة، والصادرات غير النفطية 4.5 مرات، وبلغت حصة القطاع الخاص من الناتج المحلى الإجمالى 83%، وارتفعت إيرادات ميزانية الدولة 14.2 مرة، وزادت الأصول المصرفية 18 مرة.
وخلال السنوات الأخيرة نشطت الدبلوماسية الاذربيجانية، حيث تمتلك جمهورية أذربيجان علاقات دبلوماسية مع 158 دولة، وتحمل عضوية 38 منظمة دولية، وصفة مراقب في حركة عدم الانحياز ومنظمة التجارة العالمية ومراسل في الاتحاد الدولى للاتصالات.. كما توجد جاليات أذربيجانية في 42 بلدا.. ويعيش في أذربيجان العشرات من الأقليات العرقية، وهى دولة ذات تراث ثقافى وتاريخى قديم.
وسبقت أذربيجان، بريطانيا وأمريكا، والكثير من البلدان، في منح المرأة حق التصويت، وكانت سباقة في إنشاء جامعة باكو الحكومية التى كانت أول جامعة حديثة تأسست في الشرق الإسلامي، في عام 1920.
وتُعد مصر في مقدمة الدول التى اعترفت باستقلال أذربيجان عام 1991، وتبادل الطرفان التمثيل الدبلوماسى عام 1992، كما تدعم مصر أذربيجان في جميع المحافل الدولية والمؤتمرات والمنظمات العالمية، وكذلك تفعل أذربيجان.. ومازالت العلاقات بين القاهرة وباكو ممتازة للغاية في جميع المجالات، الاقتصادية والسياسية والثقافية.. ووصل التبادل التجارى بين الدولتين في بعض السنوات إلى 5 مليارات دولار، وهناك طلاب من أذربيجان يدرسون بالأزهر الشريف، وفى جامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس.
والعلاقات المصرية الأذربيجانية، ممتدة بجذورها في عمق التاريخ، فالعلاقات المشتركة قوية وشعبا البلدين تربطهما ثقافة مشتركة وعادات وتقاليد متقاربة، وموقع جغرافى واستراتيجى مهم لكل منهما في منطقته، كما تجمع الصداقة والأخوة قيادتى البلدين.. واللافت للنظر أن الحياة في باكو عاصمة أذربيجان ومدنها الأخرى، تشبه كثيرا القاهرة والمدن المصرية، فشعب أذربيجان يمارس عادات وتقاليد شرقية، ووجباته تشبه الموائد المصرية، وهناك إقبال كبير على الصلوات بالمساجد وخاصة صلاة الجمعة حيث يشكّل المسلمون 92% من سكان البلاد.. وشعب أذربيجان البالغ عدده 10 ملايين نسمة محب للسلام بطبعه، وهناك إمكانيات كبيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية مع أذربيجان.
وخلال 16 عامًا من رئاسة إلهام علييف للبلاد، عمل تعزيز الاستقرار الاجتماعي السياسى الداخلى معتمدا على الوحدة الوطنية التى وضع حجرها الأساسى الزعيم القومى حيدر علييف، ووفر الأمان للأهالى وضمن الحقوق والحريات الرئيسية للناس، وزيادة مستوى الرفاهية للمواطنين.
وتحتل أذربيجان حاليًا، قائمة الدول التى تتسم بالاكتفاء الذاتى في المنطقة، من خلال الاستفادة من احتياطاتها الطبيعية وموقعها الجغرافى ومواردها المادية والمعنوية والبشرية، وتنفيذ مشروعات مهمة في مجالات النقل والمواصلات والطاقة، واستقلالية السياستين الداخلية والخارجية.. وهى بلد غنى بالغاز والنفط، كما تتمتع بموقع استراتيجى ممتاز، ولديها مناخ متنوع يساعد على زراعة جميع المحاصيل الزراعية، ويصر الشعب والحكومة على تحقيق اكتفاء ذاتيا من المنتجات الزراعية.. وبسبب انخفاض أسعار البترول عالميا، بدأت أذربيجان في تنويع مصادر دخلها القومى، وعملت على دعم الصناعة والصادرات.
ويوجد حاليا في أذربيجان 55 حزبًا سياسيًا، وأكثر من 3 آلاف منظمة غير حكومية، وأكثر من 5 آلاف وسيلة إعلام، واتحادات نقابية تضم في عضوياتها نحو مليونى شخص.