في أتون الحرب العالمية الثانية ظهرت مقالة في إحدى المجلات المصرية كان لها مفعول النار في الهشيم.. قال الكاتب في مقاله النارى «علمنا أن إيطاليا واليابان وألمانيا قررت أن تتجه إلى الإسلام.. وأنها سوف تقوم بتدريس الإسلام واللغة العربية.. وعلينا تشجيعها لأن تتجه للإسلام.. وأن يقوم الأزهر الشريف بمدهم بكل مايحتاجونه من علماء لنشر الدين الحنيف »!!!!
المقال المذكور نشرته مجلة النذير التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في العدد رقم ٣٠ بتاريخ ٤ ذى القعدة ١٣٥٧.. أما كاتب المقال فهو الإمام حسن البنا الساعاتى المرشد العام ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين!
كانت مقالة حسن البنا بذرة الشائعة التى انتشرت في كل أرجاء مصر المحروسة بفضل جهاز الاتصال التابع للجماعة.. وأصبحت الشائعة كأنها الحقيقة.. وصدق العامة أن الزعيم النازى أدولف هتلر قد أشهر إسلامه وقام بتغيير اسمه إلى الحاج محمد هتلر.. وسافر إلى مكة.. وأدى فريضة الحج، ولذلك أنجاه الله من محاولة اغتياله!
وانطلقت المظاهرات بقيادة رجال الجماعة تهتف في الحوارى والأزقة والشوارع والميادين «الله حى.. الله حى.. الحاج محمد هتلر جاى».. وهو ما سجله في مذكراته مفتى القدس الشيخ محمد أمين الحسينى.
في تلك الفترة سطع نجم جوزيف جوبلز وزير الدعاية السياسية في حكومة الحاج محمد هتلر.. وكان شعاره في الحياة «اكذب.. اكذب.. حتى يصدقك الناس.. ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك»..
تأثرت جماعة الإخوان بفكر الحاج محمد هتلر وعاشت مخاصة لشعار الشيخ جوبلز حتى صدقت نفسها انها بالفعل جماعة.. وإخوان.. ومسلمين.. لا ينطقون عن الهوى ولا يأتيهم الباطل من أى جانب..
كان تأثر الجماعة واضحا بفكر الحاج محمد هتلر خاصة نظريته عن ديمقراطية المرة الواحدة.. فقد وصل الحاج محمد هتلر إلى مقعد المستشارية الألمانية عبر الانتخابات في ٣٠ يناير ١٩٣٣ ولم يتركه إلا مع تدخل عزرائيل وإعلان وفاته وانهيار نظامه بانتصار الحلفاء عليه منتصف عام ١٩٤٥.
ومن المفارقات أن الحاج محمد هتلر قدم إلى البرلمان الألمانى «الرايخستاج» مشروع قانون أطلق عليه «قانون التمكين» وقد منح هذا القانون هتلر وحكومته سلطات تشريعية مطلقة جاوزت الدستور وكل القوانين المستقرة قبل مجىء الحاج هتلر إلى السلطة..
وبعد ستين عاما من قانون تمكين الحاج محمد هتلر من كافة السلطات في ألمانيا، اقتحمت قوات الأمن المصرية عام ١٩٩٣ مقر شركة سلسبيل لبرمجيات الكمبيوتر التابعة للمهندس صفوت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة إياها،وعثرت أثناء التفتيش على وثيقة بخط يد الشاطر نفسه بعنوان مثير للدهشة «خطة التمكين».. وقد تم نشر الخطة ذات العنوان الهتلرى في الصحف عام ٢٠٠٥.. وكان أبرز ما فيها لتمكين الإخوان من الاستيلاء على السلطة هو:
١- تشويه الإعلام بشتى الطرق وإخراجه تماما من المشهد.
٢- تحييد الجيش واحتواء الشرطة
٣- اختراق المخابرات العامة والحربية
٤- السيطرة على المجتمع عن طريق الدين وإقناعه بأن الجماعة تمثل صحيح الدين الإسلامى وتكفير المخالفين واغتيالهم معنويا.
٥- العمل على إيجاد بنية دستورية وقانونية لتكوين ميليشيات مدربة على فنون القتال.
أيضا من المفارقات الغريبة الأخرى أن الجماعة ظلت مخلصة لفكر الحاج محمد هتلر وفى الوقت نفسه نجحت في بناء جسور قوية مع النظم التى قضت عليها.. وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والأغرب أن النواة الحقيقية للتنظيم الدولى للجماعة كانت في دولة الحاج محمد هتلر وفى ظل نظام آخر لا يمت له بصلة، ففى أعقاب تصادم عبدالناصر مع الجماعة (١٩٥٤) هاجر العديد من قادتها إلى بلدان عدة لكن كثيرين منهم اتجهوا إلى ميونيخ بألمانيا سافر سعيد رمضان حيث أقام بتمويل مثير للدهشة المركز الإسلامى الذى أصبح النواة التنظيمية بل والميلاد الفعلى للتنظيم الدولى للإخوان (د. رفعت السعيد – الأهرام ١٤ أبريل ٢٠٠٧).
ومن المفارقات التى ليست غريبة أن الحاج محمد هتلر لم يسمح لأحد أيا كان أن يعارضه باعتباره رمزا للحقيقة المطلقة تماما مثلما يعتقد أعضاء الجماعة إياها.. وقد استطاع الحاج هتلر بالقانون – التمكين إياه – أن يقضى على كل خصومه ومعارضيه.. لدرجة أنه في أسبوع واحد قام بإعدام ٣٢٥٠٠ شخص ممن ينتمون للأحزاب الاشتراكية والشيوعية..
صحيح أننا لم نصل بعد لهذا المشهد لكن عندما سأل مذيع بإحدى القنوات الفضائية عن موقف الإخوة إذا خرج الناس للتظاهر احتجاجا على طريقة حكمهم للبلاد، قال شيخهم بمنتهى البساطة « هذا خروج عن الشريعة.. وسوف نعاملهم مثل الخوارج.. وحلال قتلهم.. مثل مافعل سيدنا على بن أبى طالب».
هكذا يرى مولانا الأمر بمنتهى البساطة.. التظاهر ضد الإخوة خروج على الشريعة وليس الشرعية.. وحلال قتلهم دون محاكمة أو تحقيق أو حتى سماع كلمة منهم لمعرفة مطالبهم.. الحكم جاهز.. ولا مجال لإضاعة الوقت حتى يتفرغ شيوخنا الأجلاء لشئون الشريعة التى لا يعرفها سواهم.. الشريعة هى كلمة السر وهى قدس الأقداس.. وإذا أعلنت مخالفتك لرأى أحد من الإخوة عليك أن تتحمل فورا عقوبة الخوارج.. وعليك أن تقدم دمك فداء لحكم الإخوة..
.. وبعد لقد دفعت البشرية ثمنا باهظا لحكم الحاج محمد هتلر تراوح بين ٦٢ و٧٨ مليون قتيل ناهيك عن الجرحى والمفقودين والمجاعات والتهجير ودمار البنية التحتية والمنشآت الخ..
وفى بلادنا كانت وما زالت نظرية النازى في الحكم هى نبراس حياة الجماعة حتى هذه اللحظة.