الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تطوير التحرير.. والتنسيق الحضاري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستحق الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الحكومة، الشكر لاهتمامه بتطوير ميدان التحرير.. ولكن هناك الكثير من الملاحظات الموضوعية أبداها الكثير من المثقفين والصحفيين والآثاريين وبعض نواب البرلمان من عمليات تطوير ميدان التحرير.
وكلها تنصب حول عملية وضع مسلة صان الحجر المنقولة من بيئتها بالشرقية و4 كباش تم نقلها من الأقصر فى ميدان التحرير.
وأنه لا يتناسب ذلك النقل بين تاريخ مسلة صان الحجر التى كانت بمدينة تايس اليونانية، وكباش منحوتات الأقصر من معبد الكرنك، التى تنتمى إلى رأس «آمون» ومدى علاقتهما التاريخية؛ حيث المسلة تنتمى إلى اليونانية والكباش إلى الفرعونية.
بينما ميدان التحرير ينتمى للقاهرة الخديوية التى بناها الخديو إسماعيل عام 1864، مستعينًا بالطراز المعمارى الأوربى، وقام بتخطيطها مهندسون ومعماريون قاموا بتخطيط مدينة باريس.
فضلا عن عدم وجود أى تناغم بين ميدان التحرير بالقاهرة الذى شهد مظاهرات ثورات 1919، وتحركات الجيش المصرى فى ثورة يوليو 1952، وحتى مظاهرات الحركة الطلابية الرافضة لهزيمة يونيو أو ثورة الشعب المصرى 25 – 30، التى كتبت بأحرف من نور فى مقدمة وثيقة دستور 2014.
فلا رابط بين الآثار اليونانية «المسلة المصرية» أو رأس آمون الفرعونية، ولا ميدان التحرير والربط بينهما أكيد «مشوهًا».
ومن هنا جاءت الانتقادات الموضوعية التى ترحب بالتطوير، ولكن تنتقد أسلوب التطوير بكباش الأقصر ومسلة صان الحجر، وقد عبر الكاتب الأديب إبراهيم عبد المجيد عن ذلك والصحفية عبلة الروينى المهتمة بشئون الثقافة والفنون، وآخرون حول تلك «الخلطبيطة» بين اليونانية والفرعونية ومصر الحديثة.
كما اهتم بعض أعضاء مجلس النواب «د محمد عبد الغنى – هيثم الحريرى وآخرون»، وقدموا طلبات إحاطة حول الموضوع لمناقشة الأمر تحت قبة البرلمان ديمقراطيًا والأمر فعلا عجيب.
• كيف يتم التطوير بطريقة القص واللزق قطعة من الجنوب فى الصعيد وأخرى من الوجه البحرى من الشمال ليس بينهما رابط أو تاريخ أو رمزية أو جمال.
• يحدث ذلك وسط تخوفات حقيقية من تدمير تلك الآثار؛ حيث يتم نقل 4 كباش يزن حجمها ما يزيد على 24 طنا، وسلة أوزانها ضخمة أيضًا، مما يشكل مخاطر أثناء عمليات النقل والتداول، ووسط تكاليف مالية ضخمة تصل بالملايين، ولعلنا نتذكر قيمة تكاليف عملية نقل تمثال رمسيس الثانى الذى كان محاصرا وسط الزحام والدخان والتلوث أمام محطة قطارات مصر فى الميدان المعروف باسم رمسيس، وهى العملية التى تكلفت ملايين من الجنيهات وتمت لحماية التمثال من التلف.
• كما أن نقل الكباش والمسلة سوف يعرض تلك الآثار القيمة إلى التلف والإهلاك بسبب عوامل التعرية والمتغيرات المناخية.
• وهنا أسأل: كيف هان على وزير الآثار المخضرم خالد العنانى نقل تلك الآثار، وهو العالم المخضرم أثريًا.. ولعل المضحك فى الأمر ما صرح به مدير آثار الكرنك للصحف الذى برر عمليات النقل «أن الكباش التى سوف يتم نقلها ستكون من الصفوف الخلفية من المعبد وليس من الصفوف الأمامية فى طريق الكباش»!! وكأنها ليست من بيئة واحدة أثريا، وهو مبرر أن الخلفى فى الصفوف يتم انتهاكه عن الصفوف الأمامية للآثار وهى نظرة نعتقد أنها خاطئة..!!

من هنا جاء الانتقاد الموضوعى المهذب الذى أرسل إلى وزير الآثار من قبل المركز العربى للتراث العالمى التابع لليونسكو، والذى ترأسه الشيخة مى محمد آل الخليفة، والتى قالت فى الخطاب حرفيًا «شغلنى كثيرا ما تناولته وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى حول نقل 4 من تماثيل كباش الأقصر أحد مواقع التراث العالمى» إلى ميدان التحرير، ويعتبر هذا الموقع مهمًا للتراث العالمى، ويعود له الفضل فى تأسيس اتفاقية التراث العالمى 1972.
كما أشار خطاب المركز العربى للتراث، بالتعبير عن الود والاحترام من جانب مديرته التى نوهت لحبها وتقديرها لمصر وإلى أهمية المبادئ التى تؤكدها منظمة «icom» و «icomos» والمادة السابعة من ميثاق فيينا، التى تؤكد أن المنشأة الأثرية جزء من التاريخ التى كانت شاهدًا عليه.. وطالب الخطاب أخيرًا بضرورة عقد اجتماع للتشاور بين الخبراء فى كل من مصر والمركز العربى للتراث العالمى التابع لليونسكو لدراسة الأمر وإيجاد حلول بديلة إذا لزم الأمر.!
وغنى عن البيان ووجهات النظر الاعتراضية فإننا نطرح مجموعة من الأسئلة:
- هل من اللائق وضع كباش الأقصر فى ميدان التحرير على بعد خطوات من ميدان البطل عبد المنعم رياض، وتمثال طلعت حرب، وميدان محمد فريد ومصطفى كامل.. وضريح سعد زغلول وكلها ميادين على بعد خطوات من ميدان التحرير لا يفصلها سوى شوارع فرعية وعلى بعد أمتار منها؟
- أين دور جهاز التنسيق الحضارى التابع لوزارة الثقافة؟
- أين دور كليات الفنون الجميلة والتطبيقية والفنون التشكيلية؟
- أين دور المثّالين والفنانين العظام، وهل تم نسيان تجربة تمثال نهضة مصر وأعمال الفنان الكبير محمود مختار؟
- أين فنانو مصر وأثريوها ومبدعوها من قواتنا الناعمة؟
- أين الأثر التشريعى واحترام القوانين المصرية الخاصة بالآثار والاتفاقيات الدولية للحفاظ عليها؟
- أين خبرات التذوق الحضارى والإنسانى وهم كثر فى بلادنا؟
وأخيرا أقول، إن مراعاة خصوصية ميدان «التحرير» وارتباطه بقدرة الشعب المصرى على التنوير والحق والعدل والخير والحرية، ومتناغمًا مع ارتباط الميدان بكافة التحركات، وما شاهده من رمزية من مظاهرات ضد الاحتلال والأمريكان والصهاينة وضد الفساد والظلم والقهر والإرهاب والتطرف والأفكار الظلامية، وخصوصًا بعد أن سجل الدستور المصرى بأحرف من نور ثورتى 25 – 30 التى انطلقتا من التحرير.
إننا بحاجة إلى التنسيق والتشاور والحوارات الديمقراطية من أجل مصر التى نريدها الأفضل ويستحقها الشعب المصرى العظيم.