عاد الهدوء إلى المنطقة الغربية من العاصمة اللبنانية بيروت، بعد اشتباكات وأعمال عنف وشغب واسعة شهدتها أمس، لا سيما في نطاق منطقتي كورنيش المزرعة، ومار إلياس اللتين شهدتها مواجهات وعمليات كر وفر بين المتظاهرين والقوى الأمنية، في حين بدأت منذ الصباح الباكر أعمال الصيانة والإصلاح لواجهات فروع البنوك وماكينات الصراف الآلي التي تضررت.
وبدت حركة السير والمرور طبيعية في المنطقة وشرعت الأجهزة البلدية (المحليات) منذ الصباح الباكر، في رفع أثار الشغب والتحطيم التي وقعت بالأمس، لاسيما الأحجار الكثيفة والزجاج المتناثر في الشوارع جراء تحطم واجهات العديد من البنوك والمحال التجارية، خاصة في منطقة كورنيش المزرعة.
وحضر العمال والفنيون منذ الصباح إلى مقار البنوك التي تضررت جراء أعمال الشغب، حيث بدأوا في إعادة تركيب واجهات ولافتات جديدة للبنوك والتي كانت قد أزيلت وجرى تحطيمها، وإجراء الإصلاحات الفنية اللازمة.
ولم يتسن لعدد من فروع البنوك في منطقة كورنيش المزرعة على وجه الخصوص، مزاولة أعمالها الطبيعية، في ضوء التعديات وأعمال التكسير والتحطيم الشديد الذي تركز على الواجهات وماكينات الصراف الآلي، كما تعرض بعض الفروع إلى الاقتحام وبعثرة محتويات المكاتب وتحطيم أجهزة الكمبيوتر والمكاتب.
ومن ناحية أخرى، تواصلت الحركة الاحتجاجية في عموم البلاد دون أن تشهد- حتى ظهر اليوم الخميس- ثمة مواجهات أو اشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية خلافا للمواجهات التي وقعت أمس، خاصة في المنطقة الغربية من بيروت ومدينة صيدا (جنوبي لبنان) .
وقام المتظاهرون منذ الصباح بقطع عدد من الطرق، مستخدمين العوائق والإطارات المشتعلة، كما نظموا في عدد من مناطق محافظات بيروت والشمال وجبل لبنان تجمعات احتجاجية أمام مقار المؤسسات العامة مثل شركات الكهرباء والاتصالات ومصلحة المعاينة الفنية للسيارات وبعض شركات صرافة العملات الأجنبية، حيث حاصروها مانعين إياها من مباشرة العمل.
وأعرب المحتجون عن غضبهم إزاء تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية، مشيرين إلى أنهم يرفضون حالة "التعنت" لدى قوى السلطة وإصرارها على تشكيل حكومة لا تتفق والمعايير التي حددتها الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ قرابة 90 يوما في عموم لبنان، والتي أجمعت على وجوب تشكيل حكومة من الإخصائيين (تكنوقراط) المستقلين عن الأحزاب والتيارات والأحزاب السياسية.
كما نظم الصحفيون والإعلاميون اللبنانيون وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الداخلية بمنطقة (الصنائع) في بيروت، احتجاجا على التعرض لهم من قبل القوى الأمنية لدى قيامهم بتغطية أحداث أمس في منطقتي كورنيش المزرعة ومار إلياس، مؤكدين أنه تعرضهم لاعتداءات أمنية وتكسير لمعداتهم وكاميرات التصوير والتعرض لهم على نحو يخالف أحكام القانون.
وكانت وزيرة الداخلية ريا الحسن قد سارعت إلى استنكار وإدانة الاعتداءات التي طالت الصحفيين والإعلاميين، ومؤكدة تضامنها معهم كونهم يمثلون صوت الشعب اللبناني، مشددة على أن ما حدث أمس هو استثناء ولا يمثل قاعدة التعامل الأساسية، ومشيرة إلى أنها اتصلت بنقيب محرري الصحافة اللبنانية معربة له عن رفضها القاطع أي اعتداء طال الإعلاميين والصحفيين وأنه ستكون هناك مساءلة ومحاسبة بحق مرتكبي تلك الاعتداءات.
وكان محتجون قد احتشدوا مساء أمس أمام ثكنة إميل الحلو (قسم شرطة مركزي بمنطقة مار إلياس) وحاصروها بالكامل مطالبين بالإفراج عن الشباب الذين ألقي القبض عليهم في أحداث العنف والشغب التي وقعت مساء أمس الأول الثلاثاء في محيط مصرف لبنان المركزي بمنطقة الحمراء التجارية، وما صاحبها من تحطيم واجهات فروع البنوك والمحال التجارية.
وتوترت الأجواء، أمس الأربعاء، بصورة مفاجئة لتندلع اشتباكات عنيفة ومواجهات وعمليات كر وفر، حيث قام المحتجون برشق القوى الأمنية في مناطق مار إلياس وكورنيش المزرعة (غربي بيروت) بالحجارة والعبوات المياه، وأطلقوا المفرقعات والألعاب النارية بصورة كثيفة صوبها، وحطموا واجهات عدد من البنوك وماكينات الصراف الآلي الملحقة بها، في ما ردت قوات مكافحة الشغب بإطلاق وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع لحمل المتظاهرين على التفرق، ليتحول الوضع إلى عمليات كر وفر مستمرة حتى الساعات الأولى من صباح اليوم.