استنكر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري، الهجمة التي تعرض لها مصرف لبنان المركزي وعدد من فروع البنوك والمحال التجارية بمنطقة (الحمراء) بالعاصمة بيروت مساء أمس، وما صحبها من تخريب وشغب على نطاق واسع.
وشهدت منطقة الحمراء قيام مجموعات من المشاغبين والمحتجين بمحاولة الهجوم على مصرف لبنان المركزي واقتحامه، وقيامهم بتحطيم الواجهات الزجاجية لعدد من فروع البنوك المجاورة وكذلك المحال والأسواق التجارية.
وقال الحريري في بيان له اليوم: "الهجمة التي تعرض لها شارع الحمراء غير مقبولة تحت أي شعار من الشعارات، وهي هجمة لا أريد تحميلها لثورة الناس وغضبهم تجاه المصارف، ولكنها كانت لطخة سوداء في جبين أي جهة أو شخص يقوم بتبريرها وتغطيتها".
وأضاف: "الأمر لا يرتبط بالدفاع عن النظام المصرفي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يتعرض لحملة اقتلاع معروفة الأهداف لا أريد الدخول بتفاصيلها، لمعرفتي بما يعانيه المواطنون هذه الأيام على أبواب المصارف، فالأمر يتعلق بكل صراحة بهجمة تستهدف بيروت ودورها كعاصمة ومركز اقتصادي معني بأرزاق جميع اللبنانيين".
وتابع قائلا: "إذا كان المطلوب تكسير أسواق وأحياء بيروت على صورة ما جرى في الحمراء وعلى صورة ما جرى في السابق في وسط بيروت، فإنني من موقعي السياسي والحكومي والنيابي، لن أقبل أن أكون شاهد زور على مهمات مشبوهة يمكن أن تأخذ كل البلد إلى الخراب".
وشدد الحريري على أنه ومن ورائه حكومة تصريف الأعمال لن يكونوا تحت أي ظرف على رأس حكومة "لتغطية أعمال مرفوضة ومدانة بكل مقاييس الأخلاق والسياسة"، مشيرا إلى أن الأمر يستدعي تحرك القضاء لملاحقة العابثين بسلامة العاصمة، بمثل ما يستدعي تحمل الجيش المسئولية في ردع المتطاولين على القانون والمتلاعبين بالسلم الأهلي.
من جانبها، أعربت جمعية مصارف لبنان عن أسفها الشديد لأحداث الأمس التي استهدفت مصرف لبنان المركزي وفروع البنوك، مؤكدة أنها على يقين أن مرتكبي تلك الجرائم "لا يمتون إلى ثوار لبنان الحقيقيين بصلة، وإنما هم جماعة من المدفوعين ومعروفي الأهداف".
ودعت جمعية المصارف –في بيان لها اليوم– جموع الثوار والمنتفضين في البلاد أن يلفظوا هؤلاء الذين يحاولون التغلغل في صفوفهم، وألا يقعوا ضحية مخططات مشبوهة تهدف إلى إبعاد الأنظار عن أهداف الثورة الحقيقية، وعلى رأسها محاربة الفساد والإهدار في القطاع العام "الذي ما زال مستشريا وهو ما أوصل البلاد إلى ما وصلنا إليه"، بحسب الجمعية.
وانتقدت جمعية مصارف لبنان حالة "التباطؤ الكبير وغير المسئول في تشكيل حكومة جديدة"، مشيرة إلى أن هذا الأمر يضع البنوك في المواجهة وكأنها المسئولة عن تردي الأوضاع الراهنة في البلاد.
وشددت على أن تشكيل حكومة جديدة يجب أن يبقى على رأس سلم الأولويات في لبنان، بدلا عن التعرض للقطاع المصرفي الذي يحاول جاهدا ويبذل ما في وسعه في سبيل المحافظة على ما تبقى من الاقتصاد اللبناني.
وناشدت جمعية المصارف أجهزة الأمن اللبنانية أخذ التدابير اللازمة لكشف ومعاقبة كل من حرض وخطط وأسهم في "هذا العمل الهمجي الذي يُصيب قطاعا يجاهد لخدمة الناس والحفاظ على مصالحهم في أحلك ظرف يمر به لبنان"، على حد تعبير البيان.
من جهته، أعلن جهاز قوى الأمن الداخلي، أن التعديات والاعتداءات التي وقعت في منطقة الحمراء مساء أمس، والتي استمرت حوالي 5 ساعات متصلة، أسفرت عن إصابة 47 عنصرا أمنيا من قوى الأمن الداخلي من بينهم 4 ضباط، كما جرى إلقاء القبض على 59 مشتبها به في أعمال شغب واعتداءات.
وأوضح جهاز قوى الأمن الداخلي أن "مثيري الشغب" بدأوا اعتبارا من السابعة مساء، بالاعتداء على عناصر قوى الأمن الداخلي المتمركزين أمام مصرف لبنان المركزي برمي الحجارة والمفرقعات وتوجيه الشتائم، فتسببوا في حدوث إصابات بحق العناصر الأمنية بكسور ورضوض، وعمدوا الى إزالة العوائق الخشبية وتكسير غرفة الحراسة محاولين الدخول باتجاه المصرف، فجرى ردعهم.
وأضاف الجهاز في بيان له اليوم: "وبعد التمادي بالاعتداء وتحطيم وتكسير ممتلكات عامة وخاصة في شارع الحمراء ومتفرعاته، والاستمرار في التعرض والاعتداء على العناصر، أعطى المدير العام لقوى العام الداخلي اللواء عماد عثمان أوامره بالعمل على إطلاق القنابل المسيلة للدموع وتفريق المشاغبين، وذلك خلال قيامه بالإشراف مباشرة على عمليات حفظ الأمن والنظام من غرفة التحكم والمراقبة في وحدة شرطة بيروت".
وأكد أنه سبق وأن تم إصدار أكثر من إنذار لمغادرة المتظاهرين السلميين المكان الذي تحدث فيه أعمال الشغب حفاظا على سلامتهم، قبل إعطاء الأوامر لملاحقة المعتدين وتوقيفهم.