الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أمواج سياسية.. وحدة العرب.. وحدة المصير والهدف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعيش عالم اليوم متغيرات عدة تستوجب من الدول العربية النظر مرة أخرى في مسارها التنموى والأمني والسياسي، حيث أصبح من المستحيل أن تحقق دولة متطلباتها بجهد منفرد دون أن تلجأ إلى غيرها من الدول لتبادل وتقاسم المنافع المشتركة، كما أن هذه المتغيرات العالمية المتلاحقة لا تخلو من بعض المخاطر والمخاوف ولا تستطيع الدولة بمفردها تحمل تلك المخاطر، بل إن المخاطر تقل كلما كان التعاون هو السائد بين الدول. لذا نجد التوجه الدولى نحو الإقليمية يتزايد يوما بعد يوم، وأصبحت الدول الكبرى تلوذ بمحيطها الإقليمى وتوسعه؛ حيث نجد الولايات المتحدة تنشئ منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (النافتا)، وتدعو لإنشاء منطقة تجارة حرة للأمريكتين، وتجعل من المحيط الباسيفيكى امتدادًا إقليميًا لها من أجل الدخول في تكتل مع بعض الدول الآسيوية وأستراليا. وفى أوروبا بعد تحقيق الحلم الأوروبى الكبير في الاتحاد -بدأ الكلام عن «مبادرة العمالقة» عبر الأطلسى بين الأوروبيين والأمريكيين.
في المقابل نجد أن ضعف التعاون بين البلدان العربية والتفكك أديا إلى إخطار محدقة بأمن المواطن وحرية الأوطان، فجعل المنطقة العربية أكثر المناطق استباحة من القوى الأجنبية. ففلسطين ما زالت ترزح تحت استعمار استيطاني، خلافًا لجميع المواثيق الدولية، كما أدى ضعف التعاون العربى إلى وجودٍ عسكرى ونفوذٍ أجنبى ضخم في المنطقة يرسّخ تبعية بعض البلدان العربية إلى القوى الأجنبية. وأدى تدهور الأمن القومى إلى استفحال مشكلات اللجوء والتهجير القسري، حتى تجاوز نصيب العرب نسبة ٥٣٪ من مجموع اللاجئين في العالم، في حين أن العرب لا يشكلون سوى ٥٪ من مجموع سكان العالم. التكامل بين البلدان العربية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية هو المخرج من هذه الأزمات. ومما ييسِّر هذا التكامل اشتراك ما يزيد على ٣٥٠ مليون إنسان عربى في تراث تاريخى وثقافى وروحى واحد، وتقاربهم جغرافيًا، واستعمالهم لغة واحدة. ولكنهم بحاجة إلى إرادة سياسة مستقلة، ومعرفة مبدعة، وقدرة فعليه لاستئناف دورهم التاريخى في مسيرة الحضارة الإنسانية.
والتكامل العربى ليست فكرة طارئة أو بدعة مستحدثة، بل كانت الفكرة متأصلة وتجسدت بعد «استقلال» الدول العربية نحو منتصف القرن الماضى، عندما أسست جامعة الدول العربية ووقعت اتفاقياتها لإقامة وحدة اقتصادية ودفاع مشترك. ويعتبر تعميق التكامل الاقتصادى وتنفيذ الاتفاقيات المتعلِّقة بتوحيد التعريفة الجمركية، والوحدة الاقتصادية، وحرية انتقال العرب في البلدان العربية، تعتبر من أهم الأهداف المرجوة في ظل الظروف الدقيقة التى تمر بها الأمة العربية، ومن هنا أصبح لزاما على الأمة العربية التقارب وتعزيز التكامل والتعاون الاقتصادى، كذلك تطوير التعاون في المجال الصناعى والمناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في قطاعات الطاقة والبنية التحتية وإعادة الإعمار، إضافة إلى زيادة التبادل التجاري.
فالتحديات الراهنة التى تتعرض لها الدول العربية، تكشف عن محاولات حثيثة لتقسيمه وتفكيكه، خاصة بعد أن باتت معظم الدول العربية عاجزة عن تحقيق التقدم وفرض نفسها ضمن معادلات النظام العالمى.. من هنا باتت مواجهة مخططات ومشروعات إعادة التقسيم ضرورة، وذلك من خلال إستراتيجية عربية متكاملة للنهوض السياسى والاقتصادى والعسكرى والاجتماعي، وكذلك بالعمل العربى المشترك في إعادة التوحيد بعد مواجهة موجات الانفراط، وإعادة التوافق العربى على أجندة عمل عربية ذات أولويات محددة: يأتى على رأس أولوياتها الدفاع عن وحدة وتماسك الدول العربية، وخلق إرادة عربية واحدة ومتوازنة وثابتة بديلا عن تعدد الإرادات المتناثرة والمتعارضة في حل القضايا والمشكلات التى تتعرض لها المنطقة العربية، لاستعادة الاستقرار في المنطقة، والعمل على إيجاد حلول لمجموعة الأزمات التى تواجه عددا من البلدان العربية، مع التأكيد على ضرورة استثمار الإمكانات التى يتيحها تواصلها الجغرافى وتكامل المصالح الإستراتيجية والاقتصادية، في ظل الظروف الدقيقة التى تمر بها الأمة العربية والتحديات غير المسبوقة التى تواجه الأمن القومى العربى.... وللحديث بقية.