تواجه مصر في الفترة الراهنة تحديات صعبة ومصيرية.. تحتاج إلى توحد الجميع وتكاتفهم وطرح أى خلاف جانبا إلى أن نتجاوز تلك التحديات والصعوبات.. ونعبر ببلدنا إلى بر الأمان.. وسط هذه الأحداث الملتهبة والأجواء المتداخلة.. فنحن لسنا ببعيدين عما يحدث في ليبيا وسوريا والعراق وغيرها من البلدان العربية.. التى شهدت طوال عقد من الزمان.. أحداثا وتغيرات وتحولات كبيرة وكثيرة.
ومن أصعب التحديات التى تواجهنا منذ سنوات.. محاربة الإرهاب.. فبعد أن كنا نواجهه من الشرق.. أصبحنا نواجهه من الغرب أيضا.. بعد أن أصبحت ليبيا مرتعا للجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة.. التى أتت إليها من كل حدب وصوب.. بعد أن أنهت مأموريتها في أفغانستان وسوريا والعراق.. بدعم من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.. راعى الإرهاب الأول في العالم.وإذا كانت المؤشرات الأخيرة تشير إلى إمكانية حل المشكلة الليبية على طاولة المفاوضات.. فإننا لا بد أن نكون حذرين.. ولا نأمن جانب تركيا أو غيرها من الدول داعمة الإرهاب.. ونحن بطبيعتنا نجنح للحلول السلمية، فنحن لسنا دعاة حرب ولسنا من المعتدين.. ولكن التجارب أثبتت أنه لا يمكن أن نأمن جانب من يدعم الإرهاب ويرعاه.
لقد خطت مصر خطوات كبيرة.. نحو التعافى من الكبوة التى ألمت بها عقب أحداث يناير ٢٠١١.. واستعادت أمنها واستقرارها.. وبدأت الأوضاع الاقتصادية تستقر.. وبدأنا نجنى ثمار صبرنا وتحملنا لفاتورة الإصلاح الصعبة.. فالعملة المصرية تتقدم بثبات أمام العملات الأجنبية.. وإن كان تقدما بسيطا.. إلا أنه أفضل مما كنا عليه منذ أعوام.. وبدأت أسعار السلع في التراجع.. ونحتاج إلى استقرار أكثر للأوضاع.. لنحقق ما نستهدفه من تطور وتنمية.
وخطت مصر أيضًا خطوات واسعة نحو استرداد مكانتها كدولة رائدة ومحورية ومؤثرة على المستويين الإقليمى والعالمي.. رغم كل الصعوبات والمعوقات التى واجهتها في السنوات الأخيرة.. من مؤمرات ودسائس وحروب إعلامية وإلكترونية.. وذلك بفضل وعى الشعب المصرى وإدراكه لما يحاك له.
كانت مصر وستظل كبيرة العرب.. وقوتهم التى يحتمون بها.. وكان اجتماعهم حولها يزيدهم قوة وعزة.. إلى أن تطاول الأقزام وتشرذموا.. جعلهم يظنون أن لهم قيمة ووزنا.. ودعموا أعداءنا ضدنا.. فضاعت هيبتهم.. وبعثرت كرامتهم.. وأصبحوا أذنابا وتابعين لأسيادهم.. يحركونهم كيفما أرادوا.. وحيثما شاءوا.. فأضعفوا أنفسهم.. وتبقى مصر قلبهم النابض.. تمرض ولا تموت.. وسرعان ما تتعافى.. وتعود لمكانتها في الصدارة.. التى لم ولن تفقدها أبدا.
لقد وضعتنا الظروف والأحداث المحيطة بنا.. في تحديات جسام.. تحتاج إلى وقفة جادة مع النفس.. وصفوف موحدة.. والتفاف حول قيادتنا.. طارحين اختلافاتنا في التوجه والفكر جانبا.. مغلبين مصلحة بلدنا.. على أى مصالح خاصة مهما كانت.. فسلامة بلدنا واستقرارها ووحدة شعبها وأرضها.. أهم من السلامة الشخصية والخاصة لأى فرد أو جماعة.
هذه التحديات فرضت علينا فرضا.. ولم نسع إليها.. فقد استغل خصومنا.. تلك الأحداث التى تشهدها منطقتنا.. والفوضى التى أصابتنا في وقت من الأوقات.. وحاولوا الإضرار بنا وإيذاءنا.. ولولا أننا تماسكنا في الوقت المناسب لضاعت بلدنا وغرقت في الفوضى والخراب.. فإثيوبيا استغلت انشغالنا فيما يسمى بالربيع العربي.. والخلافات والفوضى والصراعات.. وبدأت في إنشاء سد النهضة.. الذى لم تكن تجرؤ على وضع لبنة واحدة فيه.. لو لم يحدث عندنا ما حدث في أعقاب يناير 2011.. والآن نعانى من تبعات تلك الأيام.. التى ندعو الله ألا يعيدها علينا.
لقد فرضت علينا حرب المياه.. كما فرضت علينا حرب الإرهاب.. وعلى العالم أجمع أن يعلم.. أن مسألة مياه النيل.. هى مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا.. وأن حقوقنا التاريخية والطبيعية والقانونية.. تمنحنا كل الحق في أن نحمى مصلحتنا وحياتنا.. وأن إثيوبيا لولا أنها تجد دعما من أعدائنا.. لما جرؤت على أن تتخذ هذا الموقف العدائى المستفز.. وتسوف وتماطل.. حتى تكسب الوقت.. وتنفذ ما قررت تنفيذه.
وما كان لإثيوبيا أن تتعنت وتماطل.. لولا أنها تجد دعما من خصومنا وأعدائنا.. للإضرار بنا.. ولكن عند الضرورة.. فمصر قادرة على الحصول على حقها.. طواعية أو بالقوة.. وليس غصبا.. فنحن لسنا دعاة حرب وعدوان.. ولا نغتصب حقوق الآخرين.. وإنما قادرون على حفظ حقوقنا والدفاع عنها.