سوف تخسر الحكومة المصرية الكثير بسبب تأخير انتخابات المحليات وغياب المجالس الشعبية باعتبارها حقا دستوريا ولمدة تزيد على 12 عاما حيث إن آخر انتخابات محلية كانت فى أبريل 2008 ونحن الآن فى عام 2020 وهنا لا بد من الإشارة إلى المخالفة الدستورية للمادة 242 والتى تنص على أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدرج خلال 5 سنوات من تاريخ نفاذه ودون إخلال بأحكام المادة 180 من الدستور التى تتحدث عن انتخابات المحليات.
يضاف إلى ذلك عدم مخالفة الحكومة للمواد «27 – 29 – 217 – 218 – 219» التى تتحدث عن أهمية الشفافية والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وغنى عن البيان أن قانون الإدارة المحلية هو من القوانين المكملة للدستور.
وقد كشف غياب المجالس المحلية عن مجموعة من المظاهر الخطيرة التى تخسر بها الحكومة والشعب تكلفة مالية عظيمة فضلا عن تدنى مستويات الخدمات وقد تجلى ذلك فى مجموعة من المظاهر.
أولًا:
• تراكم القمامة بما يزيد على «24 مليون طن سنويًا» غير مخلفات الردم والمخلفات الزراعية.
• ارتفاع عدد المشاريع المتعثرة بالمحافظات.
• ظاهرة العقارات والمبانى الآيلة للسقوط التى تهدد المواطنين.
• التعديات على الأراضى الزراعية بما يزيد على 4 ملايين فدان و4.5 مليار متر مربع من أراضى البناء.
• انعدام الثقة وزيادة الفجوة بين المواطنين والحكومة فى موضوع تقنين الأراضى بالإهمال والتراخى فى سرعة حل مشكلات المواطنين والمغالاة فى تسعير الأراضى أو عدم إطالة مدد الأقساط وتحصيل قيمة الأراضى من المواطنين وهى بالمليارات.
• ويكفى الإ شارة إلى تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، فضلا عن الأحكام القضائية التى صدرت ضد الفاسدين من بعض المحافظين وبعض نوابهم وبعض السكرتير العموم ورؤساء بعض الوحدات المحلية وهو ما كشفت عنه تقارير الرقابة الإدارية.
• بالإضافة ارتفعت تكلفة الفساد على المواطنين فى ظل عدم استخدام الأراضى.
• بالإضافة إلى ما تتحمله الحكومة من تكلفة مالية وبشرية بسبب حملات الإزالة.
• مع تحميل الشرطة المصرية أعباء إضافية مع مواجهة الإرهاب والتطرف والجريمة اليومية.
ثانيًا:
• تحملت الحكومة أعباء الحكم بالمركزية الشديدة فى إدارة 27 محافظة منها 4 محافظات بسيطة و23 محافظة مركبة بها آلاف من القرى والنجوع فضلا عن المدن والمراكز والأحياء، مع تبنى سياسات خاطئة تحتاج إلى إعادة نظر.
• خسرت الحكومة وأصبحت عاجزة عن إدارة ملفات المشروعات المتعثرة أو إيجاد تنمية محلية حقيقية فى المحافظات سواء فى الزراعة – الصناعة – التجارة والدليل فشل المناطق التنموية والصناعية فى المحافظات.
إن كل تلك الخسائر لم تعد الحكومة تدرجها إلا بمشاركة المجالس المحلية المنتخبة وإدماجها سواء فى المشاركة بالرأى وحقها الرقابى فى صناعة القرارات المحلية.
ثالثا:
حتى مجلس النواب فهوخاسر أيضا بسبب انشغال أعضائه بالتفاصيل الخاصة بمشكلات المحليات وهو ليس دوره على الإطلاق ولكن الضرورة والواقع قد شغلته عن القيام بدوره بشكل أفضل فى التشريع والرقابة.. والمرسوم له دستوريًا.
أما عن المكاسب التى سوف تجنيها الحكومة والنواب والشعب من انتخابات المحليات فإنها تتمثل فى الفوائد التالية:
• تمكين ما يقرب من 56 ألف شاب وشابة للفوز بمقاعد المجالس المحلية على مستوى الجمهورية وهو التمكين الحقيقى للشباب المصرى للمشاركة فى إدارة شئون البلاد.
• إن عملية الانتخابات للمحليات سوف تجرى بين ما يزيد على نصف مليون مرشح إذا ما كان التنافس على المقعد الواحد بـ« 10 مرشحين فقط» وبذلك سوف تتم انتخابات المحليات فى مناخ تنافسى وديمقراطى.
• إن فوز ما يقرب من 60 ألف شاب وشابة سوف يحصلون على خبرات عالية خلال 4 سنوات عمر المجالس المحلية تجعلهم الصف الثانى المؤهل للبرلمان باعتبار أن المحليات هى المدرسة الأولى للبرلمان وهو ما يعنى ضخ دماء شابة فى الحياة السياسية والحزبية.
• تخفيف الأعباء على أعضاء مجلس النواب حتى يتفرغون لمهام التشريع والرقابة ورسم السياسات العامة.
• تحسين ظروف الحياة للمواطنين من خلال تطوير الخدمات التى فى أمس الحاجة إليها.
• مواجهة الفساد واستكمال تفعيل استراتيجية مكافحة الفساد ووجود آليات للمحاسبة والرقابة والمتابعة للوحدات المحلية.
• إشاعة مناخ ديمقراطى فاعل نحو اللامركزية.
وهنا نتساءل:
• أيهما أفضل لبلادنا أن تبقى سنوات بدون مجالس محلية منتخبة تمارس حقها الدستورى؟.
• أيهما أفضل زيادة حجم الفساد أم مواجهته لصالح التنمية؟.
• أيهما أفضل الاستخدام الأفضل لأراضى الدولة أم التعديات على الأراضى الزراعية والبناء؟.
• أيهما أفضل انخراط الشباب المصرى وتمكينه فى أوسع مشاركة أم تركهم للسلبية والجريمة والبطالة والانحراف « 63.8 % من مجموع الشعب المصرى شباب؟».
• أيهما أفضل خلق مجتمع ديمقراطى تحكمه اللامركزية أو يخضع لسياسات المركزية الشديدة؟.
ولعل ذلك ما يطرحه المواطنون والمهتمون بالمحليات من اسأله منها لماذا لم يتم تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن عام 2016 هو عام انتخابات المحليات؟ لماذا لم يتم تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء السابق بأن عام 2017 سوف تجرى فيه الانتخابات؟ كذلك إعلان رئيس مجلس النواب بأن عام 2018 سوف يصدر قانون الإدارة المحلية؟
إن الأمر أصبح الآن بيد الإرادة السياسية للحكومة ومجلس النواب معا من أجل قانون المحليات التى نريدها من أجل تطوير بلادنا للأفضل ومن أجل حياة كريمة.