هل أخطأت الدول الأربع التى حاصرت الإمارة المارقة المسماة قطر حين سمحت بنزول قوات تركية على الأراضى العربية لتدنسها بأحذيتها القذرة بعد أن استدعاها الأمير تميم، الذى خان بلده ووطنه العربى الأبى وبنى جلدته من أهل الخليج الأحرار الذين تربطهم بقطر صلات الدم والعرق والنسب والمصاهرة والتاريخ المشترك حين كانت قطر تتبع إمارة «قطر ودبى»؟!.. لقد عادى الأمير المهووس بالزعامة، ليس فقط أشقاءه الخليجيين بل عادى المنطقة العربية برمتها، الجميع من دول الخليج المجاورة التى تعد قطر عضوًا في «مجلس التعاون الخليجى»، فإذا به ينقلب عليها ويخرج من القمقم ليحاول أن يتولى زعامتها في وجود دول خليجية كبرى ذات ثقل على الساحتين الخليجية والعربية والدولية مثل الإمارات والسعودية، كما عادى مصر عداءً سافرًا بعد ثورة الشعب على حكم جماعة الإخوان الإرهابية ووصول الرئيس السيسي إلى الحكم وأوقفه عند حده.
كان حصار قطر جيدًا لأنه كان حصارًا اقتصاديًا وجويًا لم تطلق فيه رصاصة واحدة على إخواننا القطريين، لكن هذا الحصار كشف عن الوجه القبيح لتميم أمير قطر، حين استعان اقتصاديًا بإيران، وحين استعان عسكريًا بتركيا. وكان يجب على الدول المحاصرة أن توقف هذه الإمارة المارقة عند حدها بحصارها بحريًا حتى لا تستطيع تأمين الإمدادات اللوجستية والتموينية من إيران، كما كان يجب أن تستهدف أى إمداد عسكرى تركى للإمارة المارقة، لأن ترك الحبل على الغارب لأردوغان جعله يتوهم أنه شرطى المنطقة وخليفتها المنتظر، يستطيع أن يصول فيها ويجول كما شاء.
إن مواجهة تركيا يجب أن تكون بجعلها تحت ضغط مستمر، حتى لا تتمدد في المساحات التى نتركها لها، ولكن حسنًا فقد أملت العنجهية والصلف والغرور على رجب طيب أردوغان أن يوعز إلى فايز السراج ذى الأصول التركية ليطلب رسميًا من تركيا الحصول على دعم عسكرى جوى وبرى وبحرى لمواجهة الجيش الوطنى الليبى الذى يشن عملية عسكرة لاستعادة طرابلس من الميليشيات المسلحة، وقال أردوغان في وقت سابق: إن بلاده سترسل قوات إلى ليبيا استجابة لطلب من طرابلس، وبالفعل استصدر أردوغان من البرلمان التركى قرارًا بإرسال قواته إلى ليبيا، في سابقة هى الأولى من نوعها في الدول العربية في شمال أفريقيا، وفى خيانة واضحة من السراج الذى يستعين بالخارج لمحاربة بنى جلدته من الليبيين والاقتتال مع الجيش الوطنى لبلاده.
ومَن الثابت أن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبى يُسيطر على كل ليبيا عدا طرابلس التى يسيطر عليها فايز السراج، وكان حفتر يَعُدُ العُدة لتحرير طرابلس من السراج الذى سقطت شرعية حكومته منذ زمن وثبتت خيانته بالاستعانة بقوات أجنبية تركية لحرب جيش بلاده، وقد حشد السراج حوله في طرابلس عناصر من الميليشيات الإرهابية التى تدعى الدفاع عن الإسلام، وكانت تركيا وقطر تقدمان الدعم المالى والعسكرى للوقوف في وجه الجيش الوطنى الليبى، وعندما اقترب وقت المعركة الفاصلة تحرك السراج ليستدعى حليفه التركى ليقف إلى جانبه قبل أن تسقط طرابلس وتسقط معه قوى الإسلام السياسى في المنطقة كلها، وهى القوى التى تدعمها تركيا وقطر، وتعاديها القوى الوطنية التى ذاقت الأمريْن من هذه القوى المارقة في مصر والإمارات والسعودية.
إذًا دعونا نقول: إن المعركةَ القادمة على أرض ليبيا هى معركةٌ بين أنصار الحق المتمثلين في الجيش الوطنى الليبى تسانده مصر والإمارات والسعودية وبين كتائب الإسلام السياسى المارقة التى لا تؤمن بالأوطان وتراها حفنة من التراب العفن، إنها المعركة الأخيرة التى يخوضها الإسلام السياسى في المنطقة العربية.
إنها معركةُ الشعوب العربية ضد قوى الإسلام السياسى التى أضرت بصورة الإسلام في الوطن العربى والعالم، ضد القوى التى حاولت القفز على السلطة في كل بلدٍ عربى من المغرب وتونس والجزائر غربًا وحتى سوريا واليمن شرقًا. والأسوأ من ذلك أن هذه القوى كانت تحلم بعد وصولها للحكم في بعض البلدان العربية أن تقوم بالسيطرة على منابع البترول في الخليج، في مشهد لا يعكس إلا الحقد والضغينة على دول الخليج العربية التى تمد يدها لوطنها العربى بالخير والنماء.
إن المعركةَ القادمة على أرض ليبيا معركةٌ صعبة ستُستخدم فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة والقذرة من قبل قوى الإسلام السياسى، لأنها كما قلت تخوض معركتها الأخيرة، وتعرف جيدًا أن هزيمتها تعنى سقوط مشروعهم في الهيمنة على الوطن العربى للأبد، ولهذا تم فتح الأراضى الليبية على مصراعيها للمرتزقة السوريين التركمان (ذوى الأصل التركى)، وهو ما يؤيده تسريب مقطع فيديو لبعض عناصرهم المقاتلة الذين تم جلبها لمواجهة الجيش الوطنى الليبى وهم يتوعدون الجنود الليبيين ويُكَبّرون بالنصر على قائد الجيش المشير خليفة حفتر.
ونشرت صحيفة «المرصد الليبية» مقطع فيديو توضح فيه الموقع الذى التقط فيه التسجيل داخل الأراضى الليبية، مستعينة بموقع «خرائط جوجل» الذى يوضح المعالم والمواقع الجغرافية عبر الأقمار الصناعية، والتى أوضحت فيه جميع المعالم التى ظهرت في الفيديو مطابقة إياها بصور الأقمار الصناعية.
وأكد عمر أوزكيزليك، رئيس تحرير صحيفة «تركيا الجديدة» وعضو القسم الأمني في مؤسسة «سيتا» للدراسات السياسية المقرب من حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، عبر حسابه على موقع «فيسبوك» صحة مقاطع العناصر الإرهابية ذى الجنسية السورية، مؤكدا أنهم دخلوا بالفعل إلى ليبيا وهم موجودون في الجبهات بالعاصمة طرابلس لامتلاكهم قدرات قتالية تساعد قوات «الوفاق»، وهم مجموعات قتالية يصل قوامها إلى 1000 مقاتل مسلح تتبع ما يسمى «الجيش السورى الحر» و«لواء المعتصم»، وهم مَن حاربوا سلفًا في صفوف تنظيم «داعش».
كما نقلت صحيفة «حرييت» التركية الأربعاء قبل الماضى، عن رجب طيب أردوغان قوله، إن تركيا أرسلت 35 جنديا إلى ليبيا دعما لحكومة طرابلس لكنهم لن يشاركوا في المعارك. وكتبت الصحيفة نقلا عن أردوغان أن «تركيا ستتولى مهمة التنسيق... لن يشارك الجنود في أعمال قتالية».
إن مصر لن تقف مكتوفة الأيدى هى وحلفاؤها في الوطن العربى وحلفاؤها في حوض البحر المتوسط أمام مطامع أردوغان وطموحاته التى قادته إلى الأراضى الليبية لتكون هى نقطة النهاية لصعوده إلى الهاوية.
إن مصر كلها تقف صفًا واحدًا خلف القائد لاتخاذ ما يراه ضروريًا في مواجهة تتار أو مغول هذا العصر، وفى وضع حد لطموحات السلطان الواهم والخليفة الحائر والإمبراطور البائس الذى يحاول إعادة ليبيا إلى حظيرة الدولة العثمانية في طبعتها الجديدة والباهتة في آنٍ واحد.
لقد آن الأوان لكى تثأر مصر لسلطانها الفارس الشجاع طومان باى من أحفاد سليم شاه.. مِمَن مدوا أيديهم للاتفاق مع «خاير بك» و«فايز السراج».