ما أشبه اليوم بالبارحة، فقد أعطى مَنْ لا يملك وهو رئيس الحكومة الليبية المؤقت فايز السراج، إلى مَنْ لا يستحق وهو الرئيس التركى أردوغان الذى يسعى إلى وهم إحياء الاحتلال العثمانى وتوسعاته في الدول العربية.
مثلما حدث من قبل في وعد بلفور لصالح الكيان الإسرائيلى والذى بمقتضاه أعطى مَنْ لا يملك لمن لا يستحق وكانت النتيجة وجود الكيان الصهيونى الاستيطانى على أرض فلسطين المحتلة حتى الآن، وهكذا يسعى أردوغان إلى احتلال ليبيا تحت مزاعم كثيرة أبرزها أنها تعد إرثا قديما لدولته تركيا أو الدولة العثمانية التى كانت تسمى رجل أوروبا المريض، وتركيا تسعى إلى التدخل في شئون ليبيا وعقد اتفاقيات أمنية بين البلدين واتفاقية لترسيم الحدود البحرية وكل هذا حدث بشكل غير شرعى، وبعيدا عن مجلس النواب الليبى، والأخير اجتمع وقرر إلغاء الاتفاقيات بين حكومة السراج وأردوغان بل تجريد السراج من الجنسية واتهامه بتهمة الخيانة العظمي.
لاسيما أن مجلس النواب الليبى قد عقد جلسة تاريخية أكد فيها رفضه للاتفاقيات الأمنية الموقعة بين حكومة السراج وأردوغان، وكذلك إلغاء اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين البلدين كما أن استمرار حكومة «فايز السراج»؛ بالتأكيد سيسهل من عملية ترسيم الحدود البحرية، ومساعدة تركيا على توسيع مناطقها الاقتصادية الحصرية، وتعزيز قوتها في المنافسة للسيطرة على موارد الطاقة وطرق الإمداد في شرق البحر المتوسط، وهذا وهم كبير يحلم به الأردوغان علاوة على تهديده للأمن القومى المصرى من ناحية الغرب!
ربما يسعى أردوغان لأهداف جمة وعبر مسارات مختلفة، للاستفادة من أجواء الحرب الليبية المتوقعة، للخروج بحزمة مكاسب تمكنه من رسم خريطة البلد الغنى بالنفط والاقتصاد والغاز، والموارد الطبيعية الأخرى على نحو يخدم مصالح تركيا.
وتزعم أن ليبيا هى امتداد لجغرافيتها وإرثها القديم العثماني، بعد مضى أكثر من ثلاثة قرون من الاستعمار العثمانى لليبيا، تتهيأ أنقرة الآن للعودة رسميًا إلى البلاد، لكن هذه المرة تود دخولها بعدتها وعتادها، بغطاء من الوفاق وبأهداف براجماتية تستهدف توسيع النفوذ، وبيع وتجريب السلاح، والاستحواذ على أكبر قدر من النفط الليبى الكبير مستقبلًا.
ويذكر أن تركيا قامت مؤخرا بترحيل 25 ألف عامل خلال الانتفاضة الشعبية التى دعمها حلف شمال الأطلسي، والتى أنهت حكم معمر القذافى لليبيا الذى دام أربعة عقود في عام 2011، وتعيش ليبيا في حالة من الاضطراب منذ ذلك الحين، مع وجود حكومات متنافسة في الشرق والغرب وعشرات الميليشيات التى تقاتل من أجل السيطرة على الدولة التى تُعد موطنًا لأكبر احتياطيات النفط في أفريقيا، وبعد ثمانى سنوات، ارتأت أنقرة أن تجد لها موطئ قدم في ليبيا من جديد، وتوجه دعمها لحكومة طرابلس، التى تتصدى لحملة القائد العسكرى القوى خليفة حفتر شرقى البلاد للاستيلاء على طرابلس والسيطرة الكاملة على البلد العضو في منظمة «أوبك» للبترول.!
وبات السؤال الأهم وهو العملة الخضراء والأزمة الاقتصادية والنفط وتاريخ الأجداد المزعوم عوامل أخرى هى السبب في تفكير الإرهابى أردوغان وشططه نحو احتلال ليبيا؟
الأمر الذى جعله يخاطر بجنرالاته وجنوده وجيشه ويرسلهم إلى المعارك في ليبيا ويمد الميليشيات المتطرفة بالسلاح في انتظار عوائد شخصية، أو على دولته، يستحق المجازفة التى ربما ستكلفه حياته ووضع دولته وصورتها أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولى الذى اخترق قوانينه وحقوقه الإنسانية.
لاسيما أن ثروات ليبيا من النفط كافية لإثارة لعاب الديكتاتور الجائع لأى حفنة غاز تساعده في حل أزمته الاقتصادية الصعبة التى تعانى منها تركيا وانهيار قيمة الليرة أو العملة التركية أمام العملات الأجنبية الأخري.
من جانب آخر فلا بد للدول العربية أن تتيقظ لهذا العمل الإرهابى الأردوغانى البغيض وتمنع شراء منتجات تركيا وتجمد اتفاقيات التجارة الحرة مع تركيا وتوقف التعاملات للدبلوماسية أيضا عبر إغلاق السفارات التركية في البلاد العربية، ولابد من ضغط قوى عربى ليس لإنقاذ ليبيا وحدها بل لإنقاذ للعالم العربى من وهم التوسعات الاستعمارى التركى المزعومة الذى يسعى إليه هذا الأردوغان المعتوه على حد وصف المشير حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية!