في حياة الشعب المصرى لحظات اصطفاف لا تنسى، لحظات تاريخية مُعلقة في الذاكرة تتناقلها الأجيال، لحظات مُشرفة تؤكد عُمق الانتماء لأرضنا الغالية ولوطننا الغالى وتكشف عن معدن الشعب المصرى الأصيل، في التاريخ الحديث لا ننسى هتاف «عاش الهلال مع الصليب» في ثورة ١٩١٩، وفى ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ خرج الشعب عن بكرة أبيه مؤيدًا للضباط الأحرار، وبعد نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧ أعلن الرئيس «جمال عبدالناصر» التنحى، لكن الشعب ضرب أروع الأمثلة في صموده وخرج للشوارع ليقولها بصوت عالٍ «لا تتنحى» ثم انطلق شعار «هنحارب»، ليأتى الرئيس السادات ويجمع شمل الأمة ويعد العُدة ويُخطط ويحارب وينتصر الجيش، ونتذكر كيف اصطف الشعب رفضًا للإرهاب في ١٩٩٧ بعد حادث الأقصر، ونماذج كثيرة لاصطفاف الشعب حتى كان «الاصطفاف العظيم» في ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
الآن نحن في أشد الحاجة للاصطفاف مع بعضنا البعض، للاصطفاف مع جيشنا ورئيسنا، وحدتنا سر من أسرار قوتنا، عودتنا إيد واحدة أصبحت ضرورة لحماية الوطن، نحن نرى الأوضاع في «ليبيا» وقد اشتعلت وتأزمت بعد الاتفاق الأمني والعسكرى الذى تم توقيعه بين «فايز السراج وأردوغان» الذى يقضى باستقدام قوات عسكرية تركية لـ«ليبيا» رغم عدم موافقة البرلمان الليبى، ونحن نرى- أيضًا- انتشار الميليشيات المسلحة في «طرابلس» العاصمة، وكيف تتحالف هذه الميليشيات الإخوانية شديدة التطرّف مع «قطر»، وكيف تنتشر ميليشيات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة في الأساس- مثل «الجماعة الإسلامية المقاتلة»- وتُهيمن على القرار في «طرابلس».
«دقت ساعة الاصطفاف» وعلينا الوقوف مع جيشنا ورئيسنا لكى نحمى مصر من الخطر الذى يُداهمنا من حدودنا الغربية مع ليبيا، نُقوى من عزيمة قواتنا المسلحة وقياداتها وضباطها وجنودها، ونشُد من أزر الأبطال الأُمناء على مصر، نقف خلف الرئيس عبدالفتاح السيسي ونُدعمه- بكل قوة- ونتكاتف معه للتصدى للمخاطر التى تُحيط بِنَا، نعى جيدًا بأن منطقة الشرق الأوسط اشتعلت أكثر عن أى وقت مضى، ويومًا بعد يوم تزداد اشتعالًا، فالعالم لا يعترف بالضعفاء، والصغار لا مكان لهم في منطقة أصبحت مُلغمة، صراعات تتجدد، تحالفات تتبدد، دِول تضعف وأُخرى تسقط، مناطق البترول محور الصراعات، البحث عن النفوذ هو الشغل الشاغل لقوى إقليمية، ولأن منطقتنا العربية محط أنظار الجميع فهى الأكثر تأثرًا.
«دقت ساعة الاصطفاف» وعلينا الوقوف مع جيشنا ورئيسنا، لأننا نعيش في منطقة ملتهبة واستقرارنا مطلوب واستمرارنا في حماية وبناء دولتنا ما زال هدفنا الأسمى، فمن ينظر لما يحدث من حولنا يقول: «نحن في أمس الحاجة للإصطفاف»، لأن الأمن القومى يتعرض للخطر من سخونة الأحداث في «ليبيا» وموافقة البرلمان التركى على إرسال قوات عسكرية لـ«ليبيا» ويريد «أردوغان» السيطرة على بترول ليبيا، والذى يُعد خامس أكبر احتياطى بترولى في العالم، ولأن الاستمرار في بناء «سد النهضة» الإثيوبى دون التوصل لاتفاق نهائى يحمى الحقوق التاريخية المصرية من مياه النيل يمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المصريين، ولأن هناك تحركات سريعة في شرق البحر المتوسط لعدد من القوى الإقليمية التى تطمع في الهيمنة على الثروات الطبيعية به، لأن الشرق الأوسط بعد مقتل «قاسم سليمانى- قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى» بعد استهدافه بطائرة مسيرة أمريكية لم يعد كما كان قبل مقتله، لأن «لبنان» يشهد حالة من «الفوران السياسى» والقوى المُتصارعة لا تلقى قبول لدى الشارع واقتصادها مُهدد ومصيرها لا يعلمه إلا الله، لأن المستور انكشف في «سوريا» و«محمد علوش» الذى كان يُسمى نفسه ثائرًا وناشطًا وأسس ما أسماه بـ«جيش الإسلام» قد نقل محل إقامته إلى «تركيا» واستقر بها وافتتح مطعما كبيرا وأصبح رجل أعمال واعتزل السياسة ولَم يعد عضوًا في وفد المعارضة السورية خلال المباحثات التى تتم بين المعارضة والنظام برعاية أممية في جنيف.
«دقت ساعة الاصطفاف مع جيشنا ورئيسنا» لأن «قطر»- دولة وأمير وحكومة وإعلام- ما زالت تتبنى سياسة مُعادية لمصر ولَم تتراجع حتى الآن وما زالت تُساند جماعة الإخوان الإرهابية وتمدها بالأموال والدعمين اللوجستى والإعلامى، وما زالت تُمول منظمات حقوقية مشبوهة للطعن والتشهير بمصر، وما زالت تُصعِد من تحريضها ضد مصر، وكل تحركاتها السياسية هدفها دعم الإخوان ضد الدولة المصرية، وتؤيد «أردوغان» في تدخلاته في الشأن الليبى لتثبيت أركان الميليشيات الإخوانية المُسيطرة على «طرابلس»، فالطيور على أشكالها تقع وجميعها تساعد جماعة الإخوان وتستخدمها لتحقيق أهدافها في الدول العربية، وللأسف نجح مخططهم في الهيمنة على القرار في بعض الدول.
«مصر» ثابتة على موقفها من كل قضايا المنطقة ولن تُغير موقفها مهما تعرضت لضغوط من أطراف دولية معروفة، وحقوقها وثرواتها في البحر المتوسط لا أحد يستطيع الاقتراب منها، وإذا حاول أحد الاقتراب سيجد رجال مصر الأشداء ليُذيقوه ما لا يتوقعه، وحدودنا الممتدة لما يقرب من (١٢٠٠) كيلو متر مع ليبيا مُصونة وقادرون على حمايتها فقط اصطفوا لكى تظل الجبهة الداخلية قوية وتظل «مصر» عصية على من يريد لها سوءًا.