الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رسائل واشنطن من تصفية قاسم سليماني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بمقتل قاسم سليمانى ، قائد فيلق القدس ذراع الحرس الثورى الإيرانى فى العراق فى عملية عسكرية أمريكية دقيقة تفقد طهران أحد أهم قياداتها وسيؤدى إلى تغييرات متسارعة، واختلال بين صفوف عناصر الفيلق فى كل مكان، وخصوصا فى العراق، بالرغم من السرعة فى تعيين بديل له وهو إسماعيل قاآني خلفا له.
قاسم سليماني، هو رجل إيران الذى كان بين يديه مختلف خيوط أذرع الحرس الثورى فى الخارج، وهو الذى دبر وقاد من غرفة عمليات محاولة اقتحام السفارة الأمريكية فى بغداد، وفتح بوابات المنطقة الخضراء المحصنة فى العاصمة العراقية، فى محالة لتكرار ما جرى فى العام ١٩٧٩، والذى شهد اقتحام سفارة واشنطن فى طهران، وتم تهريب طاقم السفارة، فى عملية شهيرة فى هذا الوقت، ونتج عن الاقتحام أزمة دبلوماسية لا زالت تداعياتها قائمة حتى اللحظة.
أهمية قاسم أنه كان رجل الملالى الأول فى الخارج، والذى كان يُسند إليه العديد من المهام لتنفيذ خطط طهران التوسعية خارج الحدود الإيرانية، ومن هنا جاء الاختيار الأمريكى لقتله، بعد الحصول على معلومات دقيقة عن تحركاته، حتما أنها من داخل صفوفه ومن بين رجالاته، فى اختراق أمريكى واضح لدائرة المحيطين بكل المستهدفين فى خطط التصفية والاغتيال.
كافة المعلومات تشير إلى أن قاسم سليمانى كان يعد لمنصب آخر داخل دائرة الحكم فى السنوات المقبلة، مع اتساع نفوذه والتى فاقت سياسيين بارزين، وتنفيذيين داخل دائرة حكم الملالى فى طهران، ومن هنا تأتى أهمية التأثير السلبى لغيابه على خطط طهران الخارجية.
الضربة الأمريكية التى استهدفت وبدقة سليماني، لم تقتصر عليه فقط، بل ضمت عددا من قادة الحشد الشعبى فى العراق، وقتله وسط مؤيدية ومرؤسيه، فى رسالة أمريكية واضحة لتؤكد من خلالها أن النفوذ الأمريكى هو الأقوى فى العراق وما زال وسيظل الأقوى، وتوجيه رسالة أخرى للنظام الإيرانى أن تكرار السيناريوهات القديمة أمر محال، والرسالة الثالثة تتمثل فى ردع كل المخططات الإيرانية ضد التواجد الأمريكى فى المنطقة وخصوصا فى العراق، وهذه المنطقة من العالم، وإفشال كافة الخطط التى عكف عليها سليمانى طيلة الفترة الماضية، خصوصا استهداف أمريكيين.
العملية الأمريكية والتى أسفرت عن مقتل قاسم سليماني، تحمل فى طياتها رائحة قتل أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم داعش الإرهابي، ومن قبله أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، وتقول الولايات المتحدة الأمريكية من خلالها، إنه تصفية بقرار رئاسى وبخطة محكمة، مثلها مثل باقى عمليات التصفية الأخرى، حيث صدرت بأمر من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لتقول أيضا من خلالها أن أى عدو للأمريكيين فى المنطقة والعالم، سيكون مصيره نفس المصير، علاوة على حرمان طهران من رجل كان من بين الأقرب للمرشد الإيرانى على خامئني، بل هو من كانت تعوّل عليه طهران فى إعادة تشكيل التواجد الإيرانى فى منطقة الدول الناطقة بالعربية، والذى نجح فى جزء منه فى الفترة الأخيرة.
والمؤكد أن مقتل قاسم سليمانى هو استمرار للصراع فى اللعبة الأمريكية الإيرانية، ومحاولات إثبات الذات بينهما على من هو الأقوى فى المنطقة، بعيدا عن أصحاب المصلحة الحقيقيين، وسيستمر الصراع بهذا المفهوم، إلى أن يأتى من يُحجم كليهما بقوة الدافع الوطني، وإبراز مصالح الشعوب أولًا وأخيرًا، وليس مصالح دول أخرى طامعة سياسيًا واقتصاديًا فى هذه البقعة المهمة من قلب العالم.