الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الإخوان والعنف بين رسائل البنا وممارسة أتباعه (6)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أشرنا في الحلقة السابقة إلى أن مقتل مؤسس التنظيم، حسن البنا، في فبراير من العام 1949، كان رد فعل على قتل الإخوان المسلمين لرئيس وزراء مصر، محمود فهمي النقراشي؛ فالإقدام على قتل "البنا" جاء كرد فعل عندما مارست الجماعة عبر ذراعها العسكرية عمليات اغتيال وقتل ضد قيادات تنفيذية وشخصيات رفيعة المستوى، وكان على رأس هذه القيادات، المكلف بحقيبة وزارة الداخلية ورئيس وزراء مصر في ذلك الوقت، محمود فهمي النقراشي.
نستعرض في هذه المقالة تبرير اعتراف الإخوان المسلمين باستهداف "النقراشي" وتبريرهم لمقتله حتى ذهبوا إلى أن المتورط في مقتله هو، محمود فهمي النقراشي، أي أن النقراشي قتل النقراشي نفسه!
يقول محمود الصباغ، أحد قادة الذراع العسكرية للجماعة والتي اصطلحت الجماعة على تسميتها بالنظام الخاص: إن اللوم كل اللوم يقع على صاحب القرار، وهنا يقصد محمود فهمي النقراشي، عندما أصدرًا قرارًا بحل الجماعة، ويستطرد قائلًا: وقد حفر قبره بيده، وهو يعلم ذلك يقينًا من قبل أن يوقع قرار الحل.
ويستطرد محمود الصباغ في كتابه حقيقة التنظيم الخاص ودوره في دعوة الإخوان المسلمين قائلًا: إن محمود فهمي النقراشي كان يعلم نتيجة قراره بحل التنظيم، حيث قال وهو يضحك علنًا: إنه يعلم أنه سيدفع ثمنًا لهذا القرار رصاصة أو رصاصتين في صدره!! إنه يعلم أن هذه هي النتيجة الحتمية للمقدمة الشرسة التي فرضها على الأمة، علم اليقين، وقد كان شابًا من نفس هذا النوع من الشباب الذي يغلي الدم في عروقه لا إراديًا، ثورة من أجل مصر.
ويؤكد أنه قُتل على يد عضو النظام الخاص، عبدالمجيد أحمد حسن، ملقبًا إياه بالشاب المسلم، حيث تمت عملية القتل وسط جنده وعساكره وفي مقر مركز قياداته (بهو وزارة الداخلية)، وهذا يؤكد خطورة تنظيم الإخوان المسلمين، والتي لا يمكن اختصارها في ممارسة العنف وإنما في الأفكار التي تنعكس على الممارسة، والخطر الأكبر في تبرير الإخوان المسلمين لهذا العنف تارة بإظهار نُبل من يُمارس العنف وتارة بالحط من قدر من تقتله الجماعة، كما فعلت الجماعة مع محمود فهمي النقراشي.
لك أن تتخيل أن يقتل الإخوان المسلمون رئيس وزراء مصر، وتتم عملية القتل من خلال الذراع العسكرية للجماعة (النظام الخاص) والسبب هو إصدار قرار حل للجماعة، فصدر قرار مقابل باغتيال أعلى رأس في التنظيم، المرشد العام للإخوان المسلمين، فهمت الجماعة الرسالة خطأ، فوجدناها تدافع عن رؤيتها في قتل النقراشي عبر مساحات التبرير التي كتبها الإخوان أو جاء في المرويات الشفهية لهم، رغم صدور بيان من الإخوان المسلمين بعنوان "هذا بيان للناس" ذكر فيه أن القتلة ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين.
وهنا لا يمكن تفهم رفع عناء المسئولية عن مرشد الإخوان أو عن قيادات الجماعة، فالنقراشي قُتل بأيدي الإخوان المسلمين وعبر النظام الخاص، الذي أنشأه حسن البنا، ومات ولم يُحل النظام بما يُعني أنه كان راضيًا بسلوكه وأفعاله، كما أن سلوكيات النظام الخاص كانت انعكاسا لأفكار الجماعة.
ولمزيد من التبرير يمكن الإطلاع على ما ذكره قائد النظام الخاص مواصلًا ما بدأه بالقول: لقد كان عبدالمجيد أحمد حسن ومعاونوه متأكدين وهم يقومون بهذا العمل أنهم يقدمون دماءهم شهداء من أجل مصر، فلم يكن أمامهم وقد اختاروا هذا الموقع لتنفيذ ما استقر عليهم رأيهم.
يصف محمود الصباغ قاتلي رئيس وزراء مصر: إنهم رجال قد تعلموا أن قتل المحاربين للإسلام فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وقد تحقق لهم بعد إطلاعهم على هذا الأمر العسكري أن من وقعه محارب غادر للإسلام والمسلمين دون نزاع، فأقدموا على هذه العبادة المفروضة عليهم من لدن حليم خبير.
لا نحتاج إلى تأكيد بأكثر ما أكدته جماعة الإخوان المسلمين أنها هي من أقدمت على قتل رئيس وزراء مصر، كما أنها بررت هذا القتل معتبرة إياه فريضة وأن مَن قتلوا رئيس وزراء مصر كانوا رجالًا.
شهادة أحد قيادات الذراع العسكرية للجماعة، محمود الصباغ، موجودة في الكتاب المشار إليه، هذا الكتاب قدم له المرشد الخامس للإخوان المسلمين، مصطفى مشهور، وقد اطلع على كل ما جاء فيه متوافقًا مع كاتبه وقد كان مرافقًا معه في رحلة العمل العسكري؛ هؤلاء عسكروا التنظيم أو أنهم عبروا عنه بوضوح بخلاف الآخرين الذين حاولوا التعامل بذكاء أكبر عن طريق إخفاء حقيقتهم.. وللقصة بقية.