يوم أن كنا تلاميذًا صغارًا كان هناك درس في مادة القراءة، اسمه «الحياة سنة 2000»، كان يتحدث على شكل الحياة والتكنولوجيا والاختراعات الحديثة في سنة 2000، وكنا نسرح بخيالنا حول هذه الحياة، والآن أراد الله بنا أن نعيش في سنة 2020، ورأينا من الاختراعات الكثير ومن التكنولوجيا مالم لو قرأناه في الدرس لما كنا صدقناه، إنها طبيعة الحياة الواقع يبدأ بفكرة والفكرة تبدأ بحلم.
ونحن على أعتاب عام جديد يجب أن نحلم بغدٍ أفضل، متوكلين على الله ومعتمدين على الأمل فيه، فمعادن الناس تصدأ بالملل، وتتمدد بالأمل، وتنكمش بالألم، فالأمل حلم، والأحلام لا تموت.. والتفاؤل سنة نبوية، ووصفة صحية للنفس البشرية، يمنحها السلام والهمة ويزرع فيها العزيمة والقوة، ويحفزها على العمل والإنتاج وبناء الأوطان.
فالتفاؤل بهجة الحياة، به تزداد جمالًا، ونورًا وطمأنينة وراحة، وفى مقابل ذلك إذا ما غاب الأمل وحل التشاؤم، تنتشر معه الكثير من المظاهر السلبية وضعف الهمة والإنتاج بل والتخريب للنفس والمجتمع والأوطان.
ونحن في مصر حبانا الله بنعم كثيرة، نعرف بعضها ونجهل الآخر، فمصر يعنى 100 مليون إنسان ومليون كيلومتر مربع و9 ملايين فدان زراعي.. بها نحو 200 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى الصخري.. و1800 مليار برميل بترول.. واحتياطياتها من الحديد تقدر بنحو 400 مليون طن.. ويحوى جبل الذهب في منجم السكرى نحو 5 ملايين أوقية وهو الموقع الوحيد المعلن من بين قرابة 270 موقعًا آخر في انتظار أن يخرج منها الذهب.. وبها مخزون من الفوسفات يصل إلى 10 آلاف مليون طن.. ومخزون من المنجنيز في سيناء يقدر بنحو 175 ألف طن.. ومخزون من الرمال البيضاء يقدر بـ 20 مليار طن.. وتملك مصر أكبر مخزون من الرخام والجرانيت على مستوى العالم.
وتبلغ أصول مصر بشركات القطاع العام والبنوك وقناة السويس والهيئات والمعادن والأراضى القابلة للزراعة من المياه الجوفية طبقا للأقمار الاصطناعية نحو 15 ألف مليار دولار.. مصر يعنى موقع جغرافى فريد يتوسط العالم تطل على بحرين وتحتضن نهر النيل.. وتقع في قارتين.. وتمتد تاريخيًا لأكثر من 7 آلاف عام.. مصر هذه لديها ثروات تكفى لمساعدة 50 دولة على مستوى العالم.. مصر هذه تمرض ولا تموت.
وإذا ما قارنا بينها وبين اليابان التى ننبهر بها، سنجد أن الأخيرة «اليابان» تعنى ٣٧٨ ألف كيلومتر مربع فقط، وعدد سكانها ١٢٧ مليونًا.. وتشغل الجبال ثلاثة أرباع مساحة البلد، أما المساحة المتبقية فهى من السهول والبحيرات.. وتتكون اليابان من سلسلة طويلة من الجزر تمتد إلى 3000 كيلومتر مربع من الشمال إلى الجنوب.. والأربع جزر الرئيسية هى هوكايدو، وهونشو، وشيكوكو، وكيوشو.. وبها 47 ولاية لكل منها لهجتها الخاصة وعاداتها وأعرافها الحياتية والثقافة التقليدية والتى تتناقض مع بعضها البعض في كل شيء بدءا من مذاق الأطعمة حتى نوع الفنون التمثيلية التقليدية.. وغالبًا ما يعانى البلد من الكوارث الطبيعية الخطيرة مثل الإعصارات والانفجارات البركانية والزلازل.. ويستخدم اليابانيون أحدث التقنيات لتصميم مبان مقاومة للزلازل، وأيضًا لتتبع سير الرياح بمنتهى الدقة.. ورغم قلة مواردها الطبيعية والتى تكاد تقتصر على صيد الأسماك، تعد اليابان من الناحية الاقتصادية واحدة من أكثر البلاد تقدمًا في العالم، حيث يحتل الناتج القومى الإجمالى لها المرتبة الثانية على مستوى العالم كما تمتلك العديد من العلامات التجارية الكبرى في صناعات متعددة.. ويبلغ الناتج المحلى الإجمالى للبلاد 524 تريليون و664 مليار ين ياباني، وتحل في المركز الثالث من حيث معدل النمو الاقتصادي.. وتصدر 75 تريليونا و631 مليارا و600 مليون ين ياباني.. وتتحرك القطارات السريعة المسماة «شينكانسن» أو القطارات الرصاصة، بسرعات فائقة السرعة تصل سرعتها بين 250 و300 كيلو متر في الساعة ويعتبر النظام الأكثر أمانًا للسكك الحديدية فائقة السرعة على مستوى العالم.
كل ذلك صنعه اليابانيون من خلال تمسكهم بالأمل، بعدما ضربت بلادهم بالقنابل النووية التى يمكن أن تدخل أى شعب تحت مظلة الإحباط واليأس والتخلف.. لكنهم انتصروا على واقعهم بالأمل والتفاؤل ومزيد من الإنتاج.. وكم من دول دمرتها الحروب ثم قامت من جديد بفضل الأمل والعمل.
والشاهد في الأمر، أنه ما دام في نفوسنا أمل وتفاؤل وثقة في الله وفى أنفسنا، فسنهزم كل التحديات وسنحقق كل الأحلام، وسنمضى في طريقنا إلى الأمام، ولن تقف أمامنا المعوقات، والآمال العظيمة تصنع العظماء، سواء كان ذلك على المستوى الفردى أو الجماعى كالشعوب والأمم.. فلا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس كما قال الزعيم العظيم «مصطفى كامل».
وفى الختام، نتمنى لمصرنا الغالية ولأمتنا العربية والإسلامية في هذا العام الجديد، تحقيق نهضة ذاتية في كل مجالات الحياة، لنعود من جديد قادة للأمم والحضارات.. وكل عام وأنتم بخير..