أعلنت شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، اليوم الأربعاء الأول من يناير، فوز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بلقب "القائد العربي الأبرز" لعام 2019.
والشيخ محمد بن زايد ليس فقط قائدا إماراتيا يعمل ليل نهار في محاولة لأن تتبوأ بلاده مكانة مميزة وبارزة على ساحة العالم المتقدم، ولكنه أثبت وما زال يثبت كل يوم اهتمامه الكبير والعميق بقضايا المنطقة والعالم، لمست ذلك بنفسي في العديد من اللقاءات التي جمعتني بسموه على مدار السنوات الماضية.
فما زلت أذكر كلماته في أول لقاء جمعني به وجها لوجه في عام 2007، كانت المرة الأولى التي يقام فيها مؤتمر لقادة أجهزة مكافحة الإرهاب، خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت مدينة أبو ظبي هي الوجهة المختارة.
استقبلنا سمو الشيخ كعادته في الترحيب بضيوفه، وفي الجولة التي أخذنا فيها لمشاهدة عرض للقوات الخاصة الإماراتية، بادرني سموه بسؤال أدركت بعده أنه دعابة، قال لي: ألن تكف عن دعمك لتنظيم الإخوان طوال الوقت؟ والحقيقة أنني ذُهلت للحظة وتشتت انتباهي، قلت في نفسي ربما اختلط على سمو الشيخ الاسم، وظللت صامتا لبرهة.. حتى بادرني وهو يضحك: انت صدقت أنا أعرفك جيدا لكنني أمزح معك.. منذ ذلك الحين استطاع سمو الشيخ، بهذه الكلمات البسيطة، أن يذيب المسافات فيما بيننا، اكتشفت بعدها أنها قدرة خاصة لديه يدخل بها القلوب من أوسع أبوابها.
في المساء دعاني سموه للقائه، وتطرق الحديث إلى مصر وأطماع تنظيم الإخوان، وإذا بي أسمع منه تلك الجملة التي ما زالت ترن في أذني منذ ذلك الحين: أطماع هذا التنظيم الإرهابي لن تتوقف لحظة تجاه مصر تحديدا، سيحاولون المرة تلو الأخرى، لكننا لن نسمح بذلك وسنبذل أقصى جهدنا لمنعهم، وعليكم أنتم المصريون بالطبع مهمة كبيرة، لأن مصر في اعتقادنا "عمود الخيمة" بالنسبة للأمة العربية إذا سقطت، سقطت المنطقة بالكامل.
هكذا يرى سمو الشيخ محمد بن زايد، مصر.. لن أتحدث بالطبع عن حبه للمصريين فمَن ذهب إلى الإمارات يدرك حب هذا الشعب الفياض للشعب المصري وتقديره لهم باعتبارهم الأساتذة والمدرسين والمهندسين والأطباء الذين ساهموا في نهضة منطقة الخليج بالكامل.. ليس هذا فقط، ولكنهم الشعب الذي يشبه الدماء التي تسري في شرايين الأمة العربية، فإذا توقف سريان هذه الدماء ماتت الأمة.
أذكر عقب انتصار الشعب المصري العظيم في 30 يونيو وظهور المساندة الإماراتية الكبيرة والواسعة لثورة المصريين، شكلنا وفدا شعبيا ضم نخبة من الوطنيين المصريين لمقابلة سمو الشيخ محمد، وتقديم الشكر له لما قام به شخصيا، وهو ما لم يُكتب بعد، وما قامت به الإمارات لصالح مصر والمصريين في نضالهم المشروع للتخلص من حكم تلك الجماعة الإرهابية.. لقد ذهبنا نشكره، فوجدناه هو الذي يشكرنا فردا فردا لما قام به كل واحد فينا دفاعا عن الأمة العربية.. هكذا قال لنا: أنتم لم تدافعوا عن بلادكم فقط أنتم دافعتم عن الأمة جمعاء، وردد نفس الجملة التي سبق أن رددها على مسامعي مرارا.. إن مصر "عمود الخيمة" إذا سقطت، لا قدر الله، سقط الوطن العربي كله.
لن أستطيع، بالطبع، في هذه المساحة الوجيزة أن أعدد ما فعله سمو الشيخ محمد بن زايد لمصر والمصريين، كما للإنسانية جمعاء، وعلاقة الصداقة المتينة التي تربطه بالرئيس عبدالفتاح السيسي، وحديثه العذب عنه كقائد فذ جاء في الوقت المناسب لينقذ مصر من براثن المجهول.. لكنني فقط أردت أن أحييه كمواطن مصري على اختياره القائد العربي الأبرز لعام ٢٠١٩، مؤكدا أن اختياره يسعدنا كمصريين لأنه شقيق قائدنا الرئيس عبدالفتاح السيسي، فالرجلان من وجهة نظري ونظر كل المتابعين لشئون المنطقة فكر واحد واستراتيجية واحدة وأهداف مشتركة.. يظهر ذلك جليا من خلال كل اللقاءات التي جمعت بين الزعيمين سواء هنا في القاهرة أو هناك في أبو ظبي، ومقولة السيسي التي كان يعنيها جيدا عندما لاحت لحظة خطر تتعلق بالخليج بشكل عام ودولة الإمارات بشكل خاص، عندما أكد أن أمن الخليج هو أمن قومي لمصر، والمسألة مسافة سكة.. لقد لخص السيسي وقتها بجملة واحدة عمق العلاقة بين البلدين وقبلها بين الزعيمين .
ونحن إذ نهنئ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بهذا الاختيار نهنئ أنفسنا أيضا كمصريين، ونهنئ قيادتنا السياسية باعتبار هذا الاختيار هو اختيار للاستراتيجية المشتركة بين البلدين والزعيمين.