لا يتصور أحد أن تدخل تركيا في ليبيا بدافع إنسانى أو لأجل الخير ولله والوطن دون أى مأرب أو أطماع. هذا غير صحيح بالمرة لأن العكس هو الصحيح، فلا يمكن أن نتصور أن يأتى الخير من شيطان اسمه أردوغان رئيس تركيا – جناح الإرهاب الأكبر في المنطقة - تجاه دولة ليبيا العربية الشقيقة فعلى رأى المثل «الحداية مابتحدفش كتاكيت»! ومن أجل ذلك تتدخل تركيا بقوة في الشأن الليبى بشكل غير مبرر على الإطلاق وتسعى جاهدة لاقتحام الساحة الليبية سياسيا وعسكريا، من أجل أن تجنى العوائد الهائلة التى ستعود عليها في حال أعادت إحياءها، والمصالح الاقتصادية الأخرى التى ستحققها أنقرة من الأموال الليبية!
في البداية إذا نظرنا إلى الاستثمارات التركية الضخمة في ليبيا، التى بدأت في سبعينيات القرن الماضي، ووصلت إلى ذروتها قبل انطلاق الاحتجاجات والأحداث التى أطاحت بنظام الزعيم الراحل معمر القذافى في 2011، لتتوقف حينها وتكبد المستثمرين الأتراك خسائر فادحة، عادت الأطماع التركية لوضع يدها على أموال وموارد ليبيا، حتى لو كان ذلك على حساب الأمن والاستقرار. وتظهر هذه المحاولات المستميتة للتدخل في الشأن الليبي، من خلال الدعم الذى يقدمه أردوغان لحكومة فايز السراج في طرابلس، المدعومة من قبل ميليشيات إرهابية تحارب الجيش الوطنى الليبي.
وهناك أمور أخرى جعلت تركيا تضع أعينها على ليبيا بقوة وهى أن ليبيا تحتل المرتبة الخامسة عالميا في إنتاج النفط بمعدل 75 مليار برميل في الوقت الذى تعانى فيه تركيا من شح البترول لديها حيث تستورد 90% من احتياجاتها من مصادر الطاقة من الخارج والأمر الآخر أن ليبيا في إطار برنامج التعمير تحتل المرتبة الثالثة عالميا في احتضان مشروعات المقاولين الأتراك وهو ما دعاها إلى تعويض خسائرها منذ 2011 والتى تقدر بتريلونات ومليارات الدولارات!
الأمر الأكثر خطورة هو سعى حزب التنمية والعدالة إلى إحياء الإمبراطورية العثمانية بدعم التنظيمات الإرهابية وفى المقدمة جماعة الإخوان المنتشرة في تركيا وجعل ليبيا قاعدة لتحقيق حلم الجماعة الذى لم يكتمل في مصر والسودان وتونس!
بالإضافة إلى تحقيق السيادة البحرية لاسيما في منطقة الشرق الأوسط ومحاولة الضغط على أثينا من خلال ليبيا للحصول على جزر بحرية جديدة لتركيا متنازع عليها. والأمر الأكثر غرابة هو تحجيم نفوذ مصر في منطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط وربما في أفريقيا باعتبارها من أكبر الدول في الشرق الأوسط بالإضافة إلى العمل على الحيلولة دون تحكمها في احتكار تصدير الطاقة في المنطقة بخلخلة الأمن على الحدود البحرية ولكن القوات المسلحة المصرية أفسدت جميع محاولتها للعبث بالمياه الإقليمية المصرية بشكل قوى وحاسم.
أيضا تحاول تركيا من خلال تدخلها في الشأن الليبى أن تستغل حكومة طرابلس في تقديم تنازلات في ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، كما أنها تسعى لاستخدام طرابلس في ضرب اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان وقبرص للسيطرة على غاز البحر المتوسط واكتشافات حقول الغاز بها.
وفى الوقت نفسه أصدرت القبائل الليبية بيانات رافضة للتدخلات التركية في الشأن الداخلى الليبى، وسط دعوات لحمل السلاح ضد أى قوات تركية يتم نشرها في المدن الليبية واستحضار روح المناضل «عمر المختار» الذى قاد الشعب الليبى مطلع القرن العشرين لتحرير أرضه من الإيطاليين والعثمانيين!
سوف تنهض ليبيا مرة أخرى من أجل إحباط ووئد المحاولات التركية وأطماعها الاستعمارية في ليبيا بمحاولة السيطرة على الغاز والنفط الليبى، وإيجاد موطئ قدم لقواتها في منطقة شمال أفريقيا والتمدد بشكل أكبر في دول الساحل والصحراء لتعزيز نفوذ أنقرة بشكل أكبر في تلك المنطقة، وهذا ما يهدف اليه أردوغان ويحلم به ولكنه، سيكون كابوسا عليه وعلى أصدقائه الأشرار من الجماعات الإرهابية الأخرى!