الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قراءة نقدية لمشروع قانون الحكومة للإدارة المحلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جاء مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد الذي تقدمت به الحكومة لمجلس النواب مكونًا من ٤ أبواب تحتوى ٢٤ فصلا وتضمنت تلك الفصول ١٥٧ مادة

وقد جاء المشروع مجهضًا لرغبة الدستور فيما يخص تمكين المجالس المحلية المنتخبة من حق الرقابة وحق الاستجواب والعزل لرؤساء الوحدات الإدارية والمسئولين في فروعها، فبدلا من تنظيم حق الرقابة جاء المشروع معيقا لها.

كما جاء المشروع بنفس مستويات المجالس السابقة في القانون ٤٣ لسنة ٧٩ رغم زيادة عدد السكان إلى الضعف منذ صدور القانون القديم في العام ٧٩.

حيث كنا في حاجة ماسة إلى تحديث التقسيم الإدارى للبلاد وهو أمر يسمح به الدستور في مادته رقم ١٧٥ تحقيقًا للعدالة الاجتماعية وتحقيقًا لأمن أفضل للبلاد، حيث لم يعد مفهومًا أن تحتكر محافظة واحدة شاطئ البحر الأحمر بطول ١٠٦٠ كيلو مترا وتحرم خلفها ٦ محافظات من أن يكون لها امتداد على البحر مثلا، كما لم يعد مقبولا أن تتحمل مديرية أمن واحدة حراسة ١٠٦٠ من الشواطئ.

بينما يمكن أن تتولى المسئولية ٧ مديريات، كما لم يعد مقبولًا أن تستحوذ محافظة واحدة على نصف طول الشاطئ الشمالي للبلاد (مطروح) ومحافظة واحدة على ٤٤٪؜ من مساحة مصر (الوادى الجديد). 

هذا وقد أغفل المشروع الوزن النسبى المختلف بين الوحدات المحلية التى يتكون بعضها من قريتين صغيرتين كوحدة النخاس بمركز الزقازيق شرقية بينما يصل بعضها إلى ١٢ قرية و٤٥ عزبة وتابعا مثل وحدة بنى هلال والوحدة المحلية بقرية الجديدة بنفس مركز منيا القمح التى تحوى ١٢ قرية و٤٢ عزبة!!.

كما ساوى المشروع في التمثيل بمجلس المحافظة بين مركز به قريتان مثل (العالمين / السلوم / النجيلة بمحافظة مرسى مطروح أو البياضية بالأقصر) أو ثلاثة قرى مثل (مركز الوقف بقنا أو فايد أو القصاصين بمحافظة الإسماعيلية) أو مركز به ٤ قرى كمركز العريش بمحافظة شمال سيناء ومركز به ٨٣ قرية كمركز منيا القمح أو مركز به ٧٥ قرية كمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية أو مركز به ٧٠ قرية كمركز العياط بالجيزة أو ٦٨ قرية كمركز السنبلاوين دقهلية أو ٦٤ قرية كمركز إيتاى بالبحيرة!!.

أولًا:- بخصوص ما جاء بالمادة ١٢٢:

اشترط مشروع القانون موافقة نصف أعضاء مجلس محلى المحافظة أو المركز لاستجواب أى مسئول!!!!

وهي نسبة ضخمة تحول دون تقديم أى استجواب أصلًا وتمنع الحق في الاستجواب وتصادره وتلغيه بدلا من تنظيمه وضمان جديته، وكان يكفى أن تشترط المادة موافقة زملاء العضو السبعة الممثلين معه للوحدة في مجلس المركز أو موافقة السبعة زملائه الممثلين معه للمركز بمجلس المحافظة على أن يكون اشتراط شرط موافقة نصف الأعضاء لتقديم أى استجواب في مجلس الوحدة المحلية ومجلس الحي فقط، كما منع عزل الموظف العام إذا ما تم استجوابه وسحبت منه الثقة بموافقة ثلثى أعضاء المجلس المنتخب!!!

حيث نصت المادة على رفع خطاب من قبل رئيس المجلس بشأن الموظف المعزول (محافظ أو غيره) إلى رئيس ذلك الموظف المعزول (لاتخاذ ما يراه بشأنه) وهذا وضع عجيب يقود السلطة التنفيذية إلى فوضى عارمة ونرى هنا احترام مبتغى الدستور بضرورة إيقاف الموظف فورا عن العمل لحين صدور قرار عزله وتعيين غيره فلقد تم استجوابه وترتب عليه سحب الثقة بأغلبية الثلثين!!. 

ثانيًا: جاءت المادة ١٢٤ مانعة تمامًا كل المجالس الشعبية المحلية المنتخبة بمستوياتها المختلفة حتى مجلس المحافظة من ممارسة حق الرقابة على جميع المشروعات والأنشطة التي تقيمها الهيئات المركزية في نطاق الوحدة (محافظة/ مركز/ مدينة/حي/قرية).

وغنى عن البيان أن الرئيس الأسبق مبارك كان قد توسع في إنشاء الهيئات المركزية وحول كل الخدمات (مدارس / طرق / كبارى / مياه شرب / صرف صحي / كهرباء) إلى هيئات قومية وهو ما يلغى أى دور لرقابة المجالس المحلية المنتخبة على جميع المشروعات المنشأة في نطاق الوحدة أيا كانت وحدة قروية أو محافظة أو مركزا أو حيا أو مدينة وهو ما يجهض المبتغى الدستوري الذي ينص في المادة ١٨٠ منه على (حق المجالس المحلية في الرقابة على جميع أوجه النشاط المختلفة في حدود الوحدة

ثالثًا أما المادة ١٧ فقد رسخت للمركزية مرة أخرى على عكس مراد ومبتغى الدستور الذي شدد في جميع مواده الخاصة بالمحليات على لامركزية إدارية واقتصادية ومالية فقد منعت المادة محافظ أى محافظة من إنشاء أي مشروعات تتعدى حدود ٢ كيلو فقط من الحيز العمرانى في محافظته

رابعًا: جاءت المادة (١) غافلة للشياخة كوحدة إدارية حيث قسمت البلاد إلى خمس وحدات إدارية فقط المحافظة / المركز/ المدينة /القرية، وكان يجب النص على الشياخة كأصغر وحدة إدارية بالمدينة كما كان يجب أن ينص القانون على حقها في مجلس محلى منتخب ولم تعد الشياخة مجرد حارة إبان تقسيم محمد على باشا للبلاد فقد كان عدد سكان مصر وقت ذلك التقسيم لا يتجاوز ٣ ملايين نسمة، كذلك كان عدد سكان مصر إبان إصدار القانون السابق للإدارة المحلية رقم ٤٣ عام ٧٩ (أربعين) مليون نسمة وهو الوضع الذى تغير تمامًا الآن، وكنا نرى أن يكون هناك مجلس منتخب لكل قرية يبحث في مشكلاتها، فالقرى تضخمت للغاية ولم يعد مقبولا أن تبدأ المجالس الشعبية المنتخبة بالوحدة القروية التي تضم مجموعة من القرى والتوابع.

خامسًا: أما المادة ٢٦ والتى تنظم تشكيل المكتب التنفيذى للمحافظة فنرى ضرورة إسقاط رؤساء القرى من هذا التشكيل والاكتفاء برؤساء المراكز والمدن والأحياء حيث إن محافظة الشرقية مثلا تضم ٥٠٠ قرية مثلا و١٠١ وحدة محلية فكيف سيضم كل هؤلاء إلى ذلك المكتب التنفيذى وكيف يكون اجتماعه؟!. 

سادسًا: أما المادة (١٠) فقد احتوت نصًا غريبًا غير دستوري وغير قانوني يضرب مبدأ الفصل بين السلطات ويتجاوز معنى الدولة وحدود دورها وطبيعة وظيفة المحافظ كرئيس للموظفين في محافظته، فقد أعطته المادة اختصاصًا عجيبًا وهو (أن يكون المحافظ مسئولا عن الأخلاق في محافظته ومسئولا عن القيم في محافظته) وهو ما لا يدخل ضمن اختصاصات رئيس الجمهورية المنتخب نفسه، ناهيك عن أن هذا يعد خلطا بين ما هو دينى وما هو سياسى وما هو إداري وما هو قضائى ويخرج بالسلطة التنفيذية عن حدود دورها الفعلي ويتحتم في هذا الصدد إلغاء هذا الاختصاص تماما من مشروع القانون فهو يصنع دولة محض دينية تقوم على الوصاية على الناس كما أن الأخلاق والقيم هى غير محددة في الوثيقة الدستورية فكيف سيكون السيد المحافظ مسئولا عنها!!

وأخيرًا هناك بعض الملاحظات:

الملاحظة الأولى المادتان ١١ و١٢ بهما عيب صياغة وتنص على أن اختصاص المحافظ هو (مراقبة) بينما هو (متابعة) والمراقبة تكون للمجالس المنتخبة على المحافظ نفسه

الملاحظة الثانية 

جاء مشروع القانون مخصصا لكل وحدة محلية ٨ مقاعد وهو ما لم يراع اختلاف حجم الوحدات المحلية فبينما تتكون بعض الوحدات المحلية من قريتين هناك وحدات تتكون من ٩ قرى بخلاف التوابع 

كذلك ساوى المشرع بين جميع مراكز مصر بأن يمثل كل مركز بـ٨ متجاوزا اختلاف حجم تلك المراكز، ففي حين يتكون مركز ما من ٣ وحدات محلية يتكون آخر من ٨ وحدات وثالث من ١٣ وحدة محلية كمركز الزقازيق شرقية.