وجدت المثل الشعبى «إذا عرف السبب بطل العجب» يطاردنى عقب الحوارات الساخنة والديمقراطية أثناء مناقشة مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد الذى طال انتظاره أمام الجلسة العامة لمجلس النواب يوم الأحد الماضى 22 ديسمبر 2019 والعجب جاء من تشدد البعض من النواب بوصف مشروع قانون الإدارة المحلية بأنه:
• غير دستورى وبه عوار كثير.
• قانون معاد لطموحات الشباب.
• القانون له توجهات لمصالح خاصة.
• بل الأسوأ وصف القانون بأنه مشبوه ولا يراعى المصلحة الوطنية.
وقد جاء ذلك عبر بعض التصريحات الصحفية.
ومن هنا يهمنا أن نطرح ونوضح الآتى:
أولا: إن مشروع القانون الذى عرض على الجلسة العامة هو استخلاص من 4 مشاريع قدمها النواب عبد الحميد كمال «التجمع» – أحمد السجينى ومحمد فؤاد «الوفد» – والمستقل الدكتور محمد عطية الفيومى – كما قدم النائب عبدالمنعم العليمى بعض التعديلات تم الانتهاء منها بعد مناقشات طويلة داخل لجنة الإدارة المحلية وبحضور بعض المحافظين السابقين والخبراء ويعكس ذلك اهتمام ما يزيد على 250 نائبًا أى ما يقرب من نصف عدد البرلمان بالاهتمام بمشروع المحليات فكيف يتم اتهام كل هؤلاء بتقديم مشروع يتعارض مع الدستور واللائحة!! والسؤال هنا هل قرأ من يتهم القانون بالعوار الدستورى مشروع القانون؟؟ والإجابة أشك في ذلك!!.
ثانيًا: أما الاتهام بأن القانون يعادى الشباب المصرى وطموحاته فإن الأمر عار من الصحة.
ثالثًا: يكفى أن القانون سوف يمكن بفوز ما يزيد على 55 ألف شاب وفتاة بمقاعد المجالس الشعبية المحلية بطول البلاد وعرضها وبالمستويات المختلفة للمجالس الشعبية الخمسة المعروفة «المحافظة – المركز – المدينة – الأحياء والقرى» وذلك للمشاركة في صناعة القرارات والقيام بالرقابة وأعمال المشاركة السياسية الشعبية سواء بالتخطيط أو المتابعة من أجل خدمات أفضل للمواطنين في المحليات.
رابعًا: وتناسى الذين يهاجمون مشروع القانون أن المجالس المحلية هى المدرسة الأولى للممارسة السياسية والبرلمانية وسوف تقدم للوطن والأحزاب جيل جديد من الكوادر الحقيقية والقانون يؤكد ذلك.
خامسًا: إن مساهمة المجالس المحلية في مكافحة الفساد وفقا لإستراتيجية الحكومة الجديدة « 2019 – 2022» لمواجهة الفساد الذى استشرى في المحليات بشهادات تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وبعض الأحكام القضائية التى صدرت ضد بعض المحافظين وسكرتيرى العموم ورؤساء بعض المدن والوحدات المحلية فضلا عن التعديات على أكثر من 3.5 مليون فدان أراضى زراعية و4.5 مليار متر أراضى بناء تم التعدى عليها لغياب المجالس الشعبية المحلية وغياب الرقابة.
فضلا عن مخالفات مالية وإدارية قدرتها التقارير الرسمية بأكثر من 5.5 مليار جنيه مما تسبب في تأخير المشاريع الخدمية وتعثر المئات من المنشآت والمشاريع بـ «الصحة – التعليم – الإسكان – المرافق مياه وصرف صحى» والطرق الداخلية وهو ما أدى إلى ارتفاع شكاوى المواطنين بكل المستويات المحلية المختلفة بالمحافظات.
سادسًا: إن صدور قانون الإدارة المحلية سوف يخفف الأعباء الثقيلة على كاهل أعضاء مجلس النواب من المطالب المحلية وما أكثرها وحتى يتفرغ النواب المحترمين لمهام الرقابة والتشريع ومناقشة السياسة العامة ووضع الأولويات والقضايا القومية في مقدمة اهتماماتهم وهى صلب عمل وصلاحيات مجلس النواب.
سابعًا: إن إصدار القانون الجديد سوف يعيد المجالس المحلية المنتخبة للقيام بدورها بين المؤسسات الديمقراطية وذلك بعد غياب ما يقرب من 12 عامًا ومنذ آخر انتخابات جرت في أبريل 2008 ونحن على أبواب عام 2020.
وبعد.. إذ كنت أفتخر بأننى واحد من النواب الذين قدموا أول مشروع قانون للمحليات في يناير 2016 ومع زملاء أعزاء إلا أننى كنت أقول لهم دائمًا وأمام لجنة الإدارة المحلية «إن لم يقدم هذا البرلمان أى شىء رقابى أو تشريعى طوال مدة عمله وقدم فقط قانونًا جديدًا للإدارة المحلية بشكل جيد وراق يساهم في خطط التنمية المستدامة ويحقق اللامركزية فإننا نكون قد قدمنا شيئا مهمًا لبلادنا لأن إصلاح حال المحليات هو البداية لإصلاح بلادنا كلها للإمام».
ثامنًا: أما الحديث عن مصلحة الوطن وأن القانون ضد الأولويات التشريعية أو متعارضا معها يكفى أن نقول إن قانون الإدارة المحلية من القوانين المكملة للدستور أصلا ويطبق معايير اللامركزية لأول مرة ومتوائمًا مع الدستور.
وبعد.. وبالرغم من أننى أختلف مع القانون في:
1- ضرورة المطالبة بانتخاب المحافظين بدلا من تعيينهم.
2- ضرورة وجود المجلس الأعلى للإدارة المحلية بدلا من مجلس المحافظين حتى تكون هناك رقابة شعبية لرؤساء المجالس المحلية بالمحافظات في تكوين المجلس الأعلى.
3- إلغاء مجالس أمناء المدن في المجتمعات العمرانية الجديدة وضرورة وجود مجالس شعبية منتخبة لعدم التمييز دستوريا.. ورغم ذلك
ومن هنا فإننى أطالب زملائى النواب المحترمين بضرورة مناقشة مشروع قانون الإدارة المحلية الحالى وإدخال التعديلات وتحسين المواد وضبط وتعديل الصياغات وهو أمر جوهرى يتفق مع تقاليد البرلمان من خلال مناقشات موضوعية أثناء الجلسة العامة.
إن صدور قانون المحليات أصبح ضرورة مهمة وأخشى أن يقع البرلمان في خطأ رفض القانون بعد أن طال انتظاره من المواطنين الذين أصبحوا تواقين من أجل خدمات في الصحة والتعليم والطرق والموصلات والإسكان وبيئة أفضل بدلا من أن يعطل النواب قانونا لأسباب ذاتية أو غير منطقية عندها سوف نتحمل مسئولية زيادة الفساد وارتفاع عدم رضاء المواطنين بسبب التراخى والإهمال في خدماتهم، خصوصا أن المواطنين يستحقون حياة أفضل وأرقى.