بلا شك أن للغة العربية أهمية كبيرة تفوق لغات العالم في أشياء كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولها فوائد جمة لا تجدها في أى لغة من اللغات الأخرى، فهى أولا لغة القرآن الكريم المنزل من السماء.
ولأهمية العربية يتم الاحتفال باليوم العالمى للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام (وقد تابعنا احتفالات هذا العام)، لكونه اليوم الذى أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في ديسمبر عام 1973، والذى يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو.
اللغة في ألسنة العرب وغيرهم سهلة لينة طيعة، والشعر عند العرب أمره عجيب، فالمعلقات الهائلة كانت تعلق في الكعبة الشريفة، وهم يقولون الشعر في كل الظروف؛ في الفرح والحزن، في الحرب والسلم، حتى قبل الموت والسيوف على الرقاب يقولون الشعر! والمعارضة بالشعر فن أصيل لديهم، يقول الواحد منهم بيتًا، فيرد عليه آخر فورا ببيت على نفس الوزن ونفس القافية وفى نفس المعنى!
فعندما نقرأ الآية من آيات القرآن الكريم بكلمات قليلة محدودةً، ومع ذلك فإنها تحمل من المعانى ما لا يتخيل حصره، وقد ينظر المفسر الواحد في الآية أكثر من مرة، فيخرج منها كل مرة بمعنى جديد إضافى، وتمّر الأزمان والأزمان ويأتى مفسرون يستخرجون معانى جديدة تضيف إلى المعانى السابقة وتؤكد رسوخ العقيدة في قلوبنا جميعا كناطقين بالعربية وهى- اللغة العربية- التى تعد أثرى لغة عرفت في الأرض، فالشيء الواحد له أكثر من اسم في هذه اللغة العظيمة، فعلى سبيل المثال العسل له ثمانون اسما، والثعلب له مائتا اسمٍ، والأسد له خمسمائة اسم والسيف له ألف اسمٍ، وإذا أردت أن تصف أحدًا بأنه داهية فلديك عدة أسماء يمكنك أن تسميه بها. كما أن الكلمة الواحدة وبنفس ضبطها، قد يكون لها معانٍ كثيرة لا تحصى!
أضف إلى ذلك أن خصائص اللغة العربية وقابليتها الحيوية ومرونة تعبيراتها وسعتها وما إليها من مميزات من حيث الاشتقاق الصرفى، والإيجاز، والخصائص الصوتية، وإمكانية تعريب الألفاظ الواردة، تجعل اختيارها لغة للقرآن الكريم هو الخيار الصحيح جعل منها لغة عظيمة وعالمية للإنسانية جمعاء.
ورغم كل هذا نجد أن البعض يحاول التنصل منها وعدم السعى إلى إجادتها إجادة تامة لصالح اللغات الأخرى الأجنبية اعتقادا منه أن هذا هو التقدم والرقى بإظهار إجادة التحدث باللغة الأجنبية والتى هى ضرورة أيضا من أجل التعرف على ثقافة الشعوب الغربية ودراسة عوامل التقدم لديهم والتطور ولكن قبل كل هذا لا بد من إتقان اللغة العربية تحدثا وكتابة ومن المؤسف أن البعض من إعلاميي مصر يستخدمون بعض العبارات الأجنبية وسط حديثهم في برامجهم باللغة العربية للجمهور المصرى والعربى، وهذا لا يصح بأى حال من الأحوال ناهيك عن أخطائهم الإملائية واللفظية أثناء تقديم البرامج، وهذا لا يليق بنا كعرب وأصحاب الهوية العربية وأثرى وأهم لغات العالم وأكثرها ثراءً وثروة لغوية!
وكما جاء في الأحاديث الشريفة هى لغة عدد من الأنبياء العظام السابقين عليهم السلام، وقد كانوا يتكلمون بها، ولقد جاء في بعض الروايات أن لغة النبى آدم عليه السلام حينما كان في الجنة كانت العربية، حيث إنها لغة أهل الجنة، وستكون العربية لغتهم التى يتكلمون بها في الجنة، فكل هذه الأمور مما ترجح وتدعم اختيار اللغة العربية لأن تكون لغة للقرآن الكريم.
وقد فطن أعداء الإسلام لهذه النقطة جيدا في أن يضربوا اللغة العربيّة في أعماقها، وهم يدركون أنه لو وقعت اللغة العربيّة سيقع ما بعدها من الشرع وربما تنتهى الهوية العربية.
وكما أراد اللورد كرومر المعتمد البريطانى في مصر إبان احتلال بريطانيا مصر أن يضرب الأزهر والمدارس الدينية، فماذا فعل؟ لم يغلقها حتى لا يثير الناس، ولكنه أنشأ مدارس بجوار الأزهر تكون الإنجليزية هى لغتها الأساسية!
وعندما أراد الصهاينة أن ينشئوا دولتهم على أرض فلسطين، وجمعوا شتاتهم من بقاع الأرض، ماذا فعلوا؟ لقد علموا أبناءهم اللغة العِبرِية إلى درجة الإتقان قبل أن يأتوا بهم إلى أرض فلسطين، ثم أنشأوا الجامعة العبرية أول نزولهم لأرض فلسطين، ودرسوا مناهجهم باللغة العبرية كلغة أولى وليست ثانية، وهم بذلك حققوا أكثر من هدف!! فلنحتفل نحن بلغتنا العربية العظيمة لغة القرآن الكريم.. ونفتخر بها أمام العالم!