يتابع الكاتب والمفكر اليسارى المصرى الراحل دكتور رفعت السعيد فى كتاب «الإرهاب المتأسلم.. حسن البنا وتلاميذه.. من سيد قطب إلى داعش «والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والذى يفتتحه بقوله: وسيد قطب فى اعتقادنا هو الامتداد الطبيعى لفكر حسن البنا، لكنة يكشف الغطاء عن حقيقة الفكر الإخوانى ولا يتستر، ولا يلجأ إلى التقية، ولا يسعى إلى الرمز، بل وبشكل كامل الوضوح يتكلم داعيًا إلى تكفير الحاكم والمحكوم، وإلى حرب لا هوادة فيها ضد كل من لم يأت إلى جماعته حاكما كان أو محكومًا وكمثال عن الفارق بين البنا وقطب، كان البنا يتحدث عن العنف الذى يقول إنه كالدواء المر الذى يجب أن تتجرعه الجماعة للمدنية الحديثة.
وعلى يدى سيد قطب يمضى الخط الإخوانى على استقامته ليمضى بالقائلين به إلى نهايته المريرة، وليس فى فهم الأمر أى صعوبة فالإخوان كما تربوا على يدى حسن البنا ظلوا على الدوام يمتلكون خطابين واحد وديع وهادئ وآخر لا يأتى إلا عندما تستشعر الجماعة قدرتها على القوة والاستعلاء أو يتردد سردًا فى صفوف الجهاز السرى على وجه الخصوص.
وحتى بالنسبة لسيد قطب يكون للإخوان خطابان أحدهما فى فترة الضعف والآخر فى فترة الاستقواء والاستعلاء وهو ما ستراه فى مواقف الإخوان أفرادًا وجماعة تجاه أفكار سيد قطب، ينكرونها أحيانًا فى فترة الاستضعاف، لكنهم كانوا معها سرًا فى هذه الفترة ثم أصبحوا معها علنًا فى فترة الاستقواء، ففى فترة معينة أعلن الإخوان براءتهم من فكر سيد قطب وأساسًا من فكرة تكفير المسلم، ونقرأ لصالح أبورقيق وكان المرشد العام قبل عمر التلمسانى: «إن سيد قطب قد كفر المجتمع فعلا ولكن فكره قاصرًا عليه وعلى مجموعته».
وفى كتاب «المستقبل لهذا الدين» نقرأ إدانة شديدة لمجمل الحضارة الغربية ومنجزاتها.. وعبارات تكاد أن تكون مثيلة لما أورده تلميذه وتابعه شكرى مصطفى فى كتابة «التوسمات» فنقرأ لسيد قطب «أن الحضارة الغربية قد استنفذت أغراضها ولم يعد لديها ما تعطيه للبشرية من قيم تصلح لبقائها ورقيها، لقد أصيبت بالعقم، وهى نبت شيطانى وتحمل فى طياتها عوامل انهيارها».
وفى كتاب «العدالة الاجتماعية فى الإسلام» نقرأ ملامح تحول سيد قطب من ليبرالى إلى متأسلم، وأشير إلى أننا فى عام ١٩٤٩ لم يكن سيد قطب قد انضم للإخوان بعد، ولم يكونوا هو فى أيام محنتهم القاسية على قدره حتى لمجرد مطالعة ما يكتب، لكن د. سمير أمين يكتشف هذه العبارات الإخوانية المذاق فى كتاب سيد قطب السابق الإشارة إليه فيقول: «إن كتاب العدالة الاجتماعية فى الإسلام يعتبر المنتج الإيديولوجى الوحيد للإخوان المسلمين، لأنه كان بمثابة نظرية عامة سبقت إعادة ظهور التيار السلفي، فلا أحد من منظرى السلفية الذين نقرأ لهم زاد شيئا على ما كتبة سيد قطب هذا المفكر الباكر « (سمير أمين – أزمة المجتمع العربي– ص ٩٢)، لقد كتب سيد قطب ذلك فى زمن المحنة القاسية للإخوان معبرًا عن أخطر مرحلة انتقالية فى حياته إذ يكاد فى كتابة «العدالة الاجتماعية فى الإسلام» أن يضع الأساس الأكثر صراحة ووضوحا للفكر الإخوانى.. وذلك قبل أن ينضم إليهم أو أن يسعوا هم إليه بأربع سنوات، فقد أفاق الإخوان من محنتهم، وبعد مقتل مرشدهم الأول فوجدوا ذلك المفكر الليبرالى والناقد الأدبى الشهير وهو يسبح بحماس متجها نحوهم فمدوا إليه أيديهم، فقد كان إنقاذا لم يكونوا يحلمون به فالمرشد الملهم والمفكر اغتيل ليأتيهم القدر بمفكر آخر كانوا فى أمس الحاجة إليه.
ونأتى إلى مسألة مهمة وهى أن الفحص المتأنى والمقارن بين كتابى الظلال ومعالم فى الطريق يكشف لنا أن أربعة فصول على الأقل وردت فى «معالم فى الطريق» مستخرجة نصا من كتاب «الظلال» وهى الفصل الثانى «طبيعة المنهج القرآنى»، والفصل الثالث نشأة المجتمع المسلم وخصائصه والفصل الرابع: الجهاد فى سبيل الله، والفصل الثامن: التصور الإسلامى والثقافة.
ثم نبدأ فى مطالعة سريعة لبعض فقرات من «معالم فى الطريق»، أن الأمة الإسلامية قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعًا ثم «إن العالم يعيش اليوم جاهلية من ناحية الأصل الذى تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها، جاهلية لا تحفف منها هذه التيسيرات الهائلة وهذا الإبداع المادى الفائق، هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله على الأرض، وعلى أخص خصائص الإلوهية وهى الحاكمية أنها تسند الحاكمية إلى البشر فتجعل بعضهم لبعض أربابًا، لا فى الصورة البدائية الساذجة التى عرفتها الجاهلية الأولى ولكن فى صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم والشرائع والقوانين والأنظمة والأوضاع كل ذلك بمعزل عن منهج الحياة، وفيما لم يأذن الله به، فينشا عن هذا الاعتداء على سلطان الله، اعتداء على عباده». ونتوقف فقط لنقارن بين هذه العبارات بنصها وجوهرها وبين ما ينادى به متأسلمو زماننا الحالى، ولهذا فإنهم استحقوا بحق وعلى مدى مختلف البلدان والأقطار والجماعات أن ينالوا لقب «القطبيين» وهو الأمر الذى جمعهم فى نهاية الأمر معًا فى مسلك واحد. وللحديث بقية.
يتابع الكاتب والمفكر اليسارى المصرى الراحل دكتور رفعت السعيد فى كتاب «الإرهاب المتأسلم.. حسن البنا وتلاميذه.. من سيد قطب إلى داعش». والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والذى يفتتحه بقوله: وسيد قطب فى اعتقادنا هو الامتداد الطبيعى لفكر حسن البنا، لكنه يكشف الغطاء عن حقيقة الفكر الإخوانى ولا يتستر، ولا يلجأ إلى التقية، ولا يسعى إلى الرمز، بل وبشكل كامل الوضوح يتكلم داعيًا إلى تكفير الحاكم والمحكوم، وإلى حرب لا هوادة فيها ضد كل من لم يأت إلى جماعته حاكما كان أو محكومًا وكمثال عن الفارق بين البنا وقطب، كان البنا يتحدث عن العنف الذى يقول إنه كالدواء المر الذى يجب أن تتجرعه الجماعة للمدنية الحديثة.
وعلى يدى سيد قطب يمضى الخط الإخوانى على استقامته ليمضى بالقائلين به إلى نهايته المريرة، وليس فى فهم الأمر أى صعوبة فالإخوان كما تربوا على يدى حسن البنا ظلوا على الدوام يمتلكون خطابين واحد وديع وهادئ وآخر لا يأتى إلا عندما تستشعر الجماعة قدرتها على القوة والاستعلاء أو يتردد سردًا فى صفوف الجهاز السرى على وجه الخصوص.
وحتى بالنسبة لسيد قطب يكون للإخوان خطابان أحدهما فى فترة الضعف والآخر فى فترة الاستقواء والاستعلاء وهو ما ستراه فى مواقف الإخوان أفرادًا وجماعة تجاه أفكار سيد قطب، ينكرونها أحيانًا فى فترة الاستضعاف، لكنهم كانوا معها سرًا فى هذه الفترة ثم أصبحوا معها علنًا فى فترة الاستقواء، ففى فترة معينة أعلن الإخوان براءتهم من فكر سيد قطب وأساسًا من فكرة تكفير المسلم، ونقرأ لصالح أبورقيق وكان المرشد العام قبل عمر التلمسانى: «إن سيد قطب قد كفر المجتمع فعلا ولكن فكره قاصرًا عليه وعلى مجموعته».
وفى كتاب «المستقبل لهذا الدين» نقرأ إدانة شديدة لمجمل الحضارة الغربية ومنجزاتها.. وعبارات تكاد أن تكون مثيلة لما أورده تلميذه وتابعه شكرى مصطفى فى كتابة «التوسمات» فنقرأ لسيد قطب «أن الحضارة الغربية قد استنفذت أغراضها ولم يعد لديها ما تعطيه للبشرية من قيم تصلح لبقائها ورقيها، لقد أصيبت بالعقم، وهى نبت شيطانى وتحمل فى طياتها عوامل انهيارها».
وفى كتاب «العدالة الاجتماعية فى الإسلام» نقرأ ملامح تحول سيد قطب من ليبرالى إلى متأسلم، وأشير إلى أننا فى عام ١٩٤٩ لم يكن سيد قطب قد انضم للإخوان بعد، ولم يكونوا هو فى أيام محنتهم القاسية على قدره حتى لمجرد مطالعة ما يكتب، لكن د. سمير أمين يكتشف هذه العبارات الإخوانية المذاق فى كتاب سيد قطب السابق الإشارة إليه فيقول: «إن كتاب العدالة الاجتماعية فى الإسلام يعتبر المنتج الإيديولوجى الوحيد للإخوان المسلمين، لأنه كان بمثابة نظرية عامة سبقت إعادة ظهور التيار السلفي، فلا أحد من منظرى السلفية الذين نقرأ لهم زاد شيئا على ما كتبة سيد قطب هذا المفكر الباكر « (سمير أمين – أزمة المجتمع العربي– ص ٩٢)، لقد كتب سيد قطب ذلك فى زمن المحنة القاسية للإخوان معبرًا عن أخطر مرحلة انتقالية فى حياته إذ يكاد فى كتابة «العدالة الاجتماعية فى الإسلام» أن يضع الأساس الأكثر صراحة ووضوحا للفكر الإخوانى.. وذلك قبل أن ينضم إليهم أو أن يسعوا هم إليه بأربع سنوات، فقد أفاق الإخوان من محنتهم، وبعد مقتل مرشدهم الأول فوجدوا ذلك المفكر الليبرالى والناقد الأدبى الشهير وهو يسبح بحماس متجها نحوهم فمدوا إليه أيديهم، فقد كان إنقاذا لم يكونوا يحلمون به فالمرشد الملهم والمفكر اغتيل ليأتيهم القدر بمفكر آخر كانوا فى أمس الحاجة إليه.
ونأتى إلى مسألة مهمة وهى أن الفحص المتأنى والمقارن بين كتابى الظلال ومعالم فى الطريق يكشف لنا أن أربعة فصول على الأقل وردت فى «معالم فى الطريق» مستخرجة نصا من كتاب «الظلال» وهى الفصل الثانى «طبيعة المنهج القرآنى»، والفصل الثالث نشأة المجتمع المسلم وخصائصه والفصل الرابع: الجهاد فى سبيل الله، والفصل الثامن: التصور الإسلامى والثقافة.
ثم نبدأ فى مطالعة سريعة لبعض فقرات من «معالم فى الطريق»، أن الأمة الإسلامية قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعًا ثم «إن العالم يعيش اليوم جاهلية من ناحية الأصل الذى تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها، جاهلية لا تخفف منها هذه التيسيرات الهائلة وهذا الإبداع المادى الفائق، هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله على الأرض، وعلى أخص خصائص الإلوهية وهى الحاكمية أنها تسند الحاكمية إلى البشر فتجعل بعضهم لبعض أربابًا، لا فى الصورة البدائية الساذجة التى عرفتها الجاهلية الأولى ولكن فى صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم والشرائع والقوانين والأنظمة والأوضاع كل ذلك بمعزل عن منهج الحياة، وفيما لم يأذن الله به، فينشأ عن هذا الاعتداء على سلطان الله، اعتداء على عباده». ونتوقف فقط لنقارن بين هذه العبارات بنصها وجوهرها وبين ما ينادى به متأسلمو زماننا الحالى، ولهذا فإنهم استحقوا بحق وعلى مدى مختلف البلدان والأقطار والجماعات أن ينالوا لقب «القطبيين» وهو الأمر الذى جمعهم فى نهاية الأمر معًا فى مسلك واحد. وللحديث بقية.