السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مين ميحبش صوفيا..؟!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اختتم الرئيس عبدالفتاح السيسي الدورة الثالثة من «منتدى شباب العالم» بعد جولات وأنشطة وفعاليات وجلسات ماراثونية استمرت على مدى أربعة أيام كاملة تناولت كل القضايا الجدلية، وسلطت الأضواء الكاشفة على المواهب والنماذج الخلاقة والمبدعة والملهمة وعملت على تبادل الثقافات والفنون والحِرَف بين شباب شعوب العالم، ونقل المنتدى للعالم رسائل مهمة من الحب والمودة والسلام والتسامح وقبول الآخر، وعمل على تقوية الروابط الإنسانية بين الشعوب المختلفة على سطح هذا الكوكب الذى نتشاركه جميعًا.
ومن بين الموضوعات التى استرعت انتباهى بحكم تخصصى كأستاذ للصحافة وتكنولوجيا الاتصال تخصيص جلسة من جلسات المنتدى للذكاء الاصطناعى، بل إننى أعتبر أن «الذكاء الاصطناعى» يعد أهم الموضوعات المطروحة على طاولة منتدى شباب العالم 2019، نظرًا لأهميته والفرص التى يتيحها للشباب ورواد الأعمال، إلى جانب التخوفات المصاحبة لاستخدامه وتطبيقاته المتعددة في المستقبل المنظور.
وكان الرئيس السيسي، على رأس الحضور المشارك بتلك الجلسة، بالإضافة إلى دعوة الروبوت «صوفيا» - وهو روبوت له ملامح بشرية إلى حدٍ كبير- والتى دعت الحضور لمقابلتها خلال فعاليات المنتدى من خلال مقطع فيديو ظهرت فيه قائلة: «انتظروا مشاركتى في منتدى شباب العالم في شرم الشيخ بسيناء الجميلة والمشمسة.. إننى متحمسة للغاية لمقابلتكم جميعًا».
وفى إجابات «صوفيا» على الحضور أشارت إلى ضرورة أن يتم التعامل البشرى مع الروبوت بمنطق أطفالهم، حيث يجب أن يقوموا بتربية الروبوت وإضافة المعلومات المجتمعية والخلقية له، وأشارت إلى التأثر بالعالم الخارجى قائلة: «أنا بلا مشاعر».
وفى تقرير مهم من محررة «البوابة نيوز» من شرم الشيخ أميرة الرفاعي، ذكر أنه على صعيد الأمان من سلبيات الاستخدام التكنولوجى للذكاء الاصطناعي، تحدثت المستشارة القانونية المتخصصة في الاستخدامات التكنولوجية فيرونيكا بانا، عن ضرورة صياغة ضوابط للأمن والحوكمة والبيانات، ولابد من التأكد من تأمين البيانات ومعلومات الاشخاص، لضمان الشفافية والرقابة، مؤكدة أن التشريعات التى سيتم استخدمها في الذكاء الاصطناعى لا تستهدف التقييد، ولكن تمثل أحد الأطر والتوجيهات التى تضمن عدم اختراق حياة الإنسان، مؤكدةً أنه عندما لا يتم توفير التوجيهات سيؤدى إلى خطر سوء استخدام الذكاء الاصطناعى.
أما مارتن وزوسكي، كبير المصممين الألمان في مجال الذكاء الصناعي، فقد أكد أنهم في ألمانيا يستخدمون الروبوت في حياتهم اليومية لتحسين حياة البشر وتحسين كفاءة اتخاذ القرارات بصورة أفضل، مضيفا: إننا كبشر وروبوتات مكملين لبعضنا البعض، ولا يمكن الاستغناء عن الأيدى العاملة البشرية بأى حال من الأحوال.
إن مشاركة «صوفيا» في المنتدى كان أمرًا لافتًا خاصةً أن تلك الجلسة مهمة جدًا لوضع خطوات تستشرف المستقبل، لأن «صوفيا» تعتبر الروبوت الأكثر تطورًا علاوة على هيئتها التى تشبه هيئة الإنسان إلى حدٍ كبير، وتتمتع بقدرات تكنولوجية تجمع بين الابتكارات المتقدمة في مجال الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والفن، وتتصف صوفيا بجمالٍ معبر وتفاعلٍ حى، كما يمكنها محاكاة مجموعة كاملة من تعبيرات الوجه، وتتبع الوجوه والتعرف عليها، وإجراء محادثات طبيعية وسَلِسَة مع الناس.
وأقول لكم إنه رغم أن «صوفيا لا تكذب»، إلا أننى أنصحكم بألا تصدقوا «صوفيا» عندما تقول إنها بلا مشاعر؛ لأنه في وقتٍ قريب سوف تُضاف برمجيات وتطبيقات لهذه «الروبوتات» حتى تشعر وتحس وتفرح وتتألم وتحزن وتضحك وتبكى وربما تذرف الدموع على شخصٍ أحبته وآثر الفراق والابتعاد عنها، وقد يقع بعضٌ من شبابنا في حب «صوفيا» ورفيقاتها، لأنها ليست مضجرة ولا متململة وليس لها متطلبات في الطعام والملبس ولا تطلب منك مصروف للبيت، ولن تشك فيك، ولن تخونك، وسوف تساعدك في أداء أعمالك، وترتب مواعيدك، وتجعل من أداء عشرات الأعمال أمرًا سهلًا ميسورًا.
إن المستقبل سوف يشهد عديدًا من الشباب الذين يقعون في حب «صوفيا» وزميلاتها من «الروبوتات الذكية» اللاتى سيبادلن هؤلاء الشباب حبًا بحب، وقد نشهد قصصَ حبٍ ملتهبة بين الإنسان وهذه النوعية من «الروبوتات» تخلدها السينما العالمية في «هوليوود» و«بوليوود» واستوديوهات «والت ديزني» الأمريكية. وللعلم هذا المستقبل لم يعد بعيدًا، بل صار مستقبلًا منظورًا، وبدأت تباشيره، وسيصبح هناك من الشباب مَن يفضل الاقتران بروبوت أفضل من الاقتران بابنة من بنات حواء اللاتى خُلقن من لحمٍ ودم، وقد تقوم بعض الدول المتقدمة في الذكاء الاصطناعى في المستقبل القريب بشرعنة الزواج بين البشر والروبوتات بعد أن شرعنت زواج الرجل بالرجل والأنثى بالأنثى وغيرها من أشكال الزيجات الغريبة على طبيعة المجتمعات البشرية.
وإذا أمعنّا النظر في تطور الإنترنت لوجدنا أن أول تفاعل إنسانى على الشبكة كان من خلال المنتديات ثم المدونات لنصل إلى المرحلة الحالية من شبكات التواصل الاجتماعي، والتى دخلت فيها أيقونة جديدة تعبر عن المشاعر وهى «الإعجاب» Like، وكان هذا يعد تطورًا لافتًا على «فيس بوك» أن يعبر الإنسان عن إعجابه، بالإضافة إلى ظهور أيقونات العواطف Emotion Icons أو ما يُطلق عليه Emoticons، لنُضَمّن أحاديثنا في المنتديات وتعليقاتنا على شبكات التواصل الاجتماعي هذه الأيقونات التى تعبر عن مشاعرنا وأحاسيسنا.
بيد أن «فيس بوك» وجد أن «الإعجاب» Like وحده لا يكفى في التفاعل مع المنشورات Posts، فطوّر من أساليب التفاعل مع هذه المنشورات Reactions؛ فوضعت أيقونات أخرى للسخرية والحزن والغضب والحب، بل يفكر «فيس بوك» في إضافة أيقونات أخرى للتعبير عن المشاعر الإنسانية. ولعل الغرض من ذلك كله هو التعرف عن قرب على مشاعر المستخدمين تجاه المنشورات المختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك هو ما يقود مباشرةً إلى تحليل المشاعر Sentiment Analysis، وهذه مسألة غاية في الخطورة، لأن مثل هذا النوع من التحليل الدقيق لمشاعر الجماهير، قد تقود أجهزة المخابرات في العالم إلى إدارة المِزَاج العام Mood Mangement للشعوب والمجتمعات، بغرض نشر الاكتئاب والإحباط وانعدام الأمل والحشد والتعبئة والتحريض وإشاعة مناخ الاستقطاب وعدم اليقين بغرض تدمير هذه المجتمعات من داخلها.
إن المشاعر والعواطف والأحاسيس المتضمنة اليوم في شبكات التواصل الاجتماعي وفى مجال الذكاء الاصطناعى قد يؤدى إلى وجود عالم مختلف في تواجد «الروبوتات» على أرض الواقع ليس فقط في مجال الأعمال المختلفة في الصناعة والتجارة والصحافة والإعلام والنقل والمواصلات، ولكن في مجال العلاقات الإنسانية من حبٍ وكُرهٍ وزواجٍ وطلاقٍ وفراقٍ وحنينٍ وهجرٍ ولقاء.
ومَن يدرى عندما تصلنا هذه الموجة من موجات التطور في الذكاء الاصطناعى أن تقوم «سينرجي» أو «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» بإنتاج مسلسل على غِرَار رائعة أنيس منصور «مَن الذى لا يحب فاطمة؟» التى قام اتحاد الإذاعة والتليفزيون بإنتاجها في مسلسل بالاسم نفسه عام 1993، على أن يكون المسلسل الجديد بعنوان «مين ميحبش صوفيا؟» ليُعرض على شاشة «دى إم سي» في رمضان عام 2030، ويجسد أول قصة حب متأججة بين شاب مصرى وروبوت اسمها «صوفيا» تعرف عليها أثناء بعثة دراسية له في ألمانيا، وذلك بعد مضى 37 سنة على عرض المسلسل الذى لعبت بطولته شيرين سيف النصر وأحمد عبدالعزيز..!.