الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

تعرف على تاريخ المعماري البرازيلي أوسكار نيماير في ذكرى ميلاده

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أوسكار نيماير معماري برازيلي وأحد أكبر مهندسي القرن العشرين، قام بالمشاركة مع لو كوربوزييه بتصميم المبنى المعروف والمشهور لهيئة الأمم المتحدة في مدينة نيويورك من مواليد 15 ديسمبر 1907، 5 ديسمبر 2012.
تخرج أوسكار نيماير عام 1934 من مدرسة الفنون الوطنية وفرع العمارة في ريو دي جانيرو وعمل مباشرة في مكتب لوسيا كوستا المعماري البرازيلي المعروف ذي التوجهات الوظيفية الطليعية وقتذاك، وسرعان ما أمسى معمارا مميزا في مكتب (كوستا)، وعندما أوكلت إلى المكتب مهمة إعداد تصاميم مشروع مبنى وزارة المعارف والصحة عام 1936، اشترك نيماير بصفته أحد المصممين الأساسيين في الفريق المعماري المكلف بتصميم المبنى، الذي سيضحي لاحقا، وبفضل مداخل لوكوربوزيه الاستشارية فيه، أحد أشهر المباني المعروفة عالميًا، جراء توظيف عناصر كاسرات الشمس في الحل التكويني بصورة لافتة، والتى بسببها اكتسب المبنى قيمته الجمالية الأساسية فمنه، من المبنى البرازيلي، اضحى لتلك المعالجة التكوينية حضورًا دائم في اللغة المعمارية لجميع المباني التى نفذت على مدى عقود في بلدان الجنوب، والشمال أيضًا، لما لهذه المفردة التصميمية، المعبرة والطازجة، من قيمة معمارية لا تقتصر غايتها على بلوغ مرامٍ نفعية بحتة، وإنما إ دراك قيم إستيتكية جمالية ايضًا. 
لوتشيو كوستا (اليمين) واوسكار نيماير (اليسار)، تدهش المرء قابلية اوسكار نيماير غير الناضبة، واستمراريته المتواصلة في أداء العمل الذي يعشقه العمل التصميمي وتدلل أعماله الاخيرة على صفاء تفكيره وقدرته على مواكبة المتغيرات التى طرأت على المشهد المعماري المعاصر، وما فتـئت تصاميمه الاخيرة تثير دهشة المتلقي واعجابه تماما مثل ما كانت تحدثه تصاميمه السابقة التى بنت مجده المهني، وفي هذا السياق، تعطي عمارة (متحف نيتيروي للفنون الجميلة) في ريو 1996 وعشرات المشاريع الاخرى المنفذة اخيرًا دليلا آخر عن ما يمكن ان يقدمه هذا المعمار المدهش من افكار وتصاميم معبرة بمقدورها ان تثري المشهد المعماري العالمي، وتزيده بهاءً وروعة.
ولا يزال (اوسكار نيماير) يذهب إلى مكتبه الواقع على شاطئ كوباكابانا كل يوم، بل ويعمل حتى في أيام الاحاد والعطل، يصمم ويشترك في النقاشات التي تدور حول المشاريع المستقبلية، يجيب عن اسئلة الطلاب والصحافة والزوار الاجانب وفي مساء كل يوم ثلاثاء يستقبل اصدقاءه ويتناقش في القضايا الملحة والانية في السياسة وفي الفلسفة.
يتجلى صنيع اوسكار نيماير المعماري الفريد، تجليًا واضحًا، في تصاميمه التى اعدها للعاصمة البرازيلية الجديدة برازيـليا، في وسط البلاد اذ دعي عام 1956 من قبل صديقه القديم والشخصية الوطنية المعروفة، رئيس الجمهورية آنذاك خوسيلينو كوبيتجيك ليكون مشرفا عاما على بناء العاصمة الجديدة التى خططها زميله لوتشيا كوستا، وليكون ايضا مسئولا عن اعداد تصاميم أكثرية المباني العامة في المدينة الجديدة.
وبحماس ونفس برازيليين ادهشا الوسط المعماري العالمي باسره، خلق اوسكار نيماير في غضون فترة زمنية قصيرة مجموعة من التصاميم، اعتبرت، ولا تزال تعتبر، من كنوز العمارة العالمية الحديثة، امثال قصر (الفارادو) قصر رئاسة الجمهورية، ومبنى الكونغرس الوطني ومبنى المحكمة العليا، ومبنى الكاتدرائية، وعشرات المشاريع التصميمية التى حظي بها موقع العاصمة الجديد.
في عمارة مبانيه المخصصة إلى برازيليا، يعود نيماير إلى تكرار الثيمة التصميمية ذاتها، التى سبق وان اشتغل عليها كثيرًا وانضجها عبر مبانٍ عديدة نفذها في الأربعينيات وبداية الخمسينيات، مثل ( جناح البرازيل ) في معرض نيويورك الدولي 1939، وبيته الخاص في كانوا، بالقرب من ريو 1952، وبالطبع كنيسة سان فرانسيسكو دي آسيس في بأمبولـها 1940، وغير ذلك من المباني.
يحرص أوسكار نيماير إلى إعلان انحيازه، كونه معمارًا عالي الثقافة وذا نزعة إنسانية، إلى قضايا وطنه الملحة وقضايا الإنسانية العادلة، وهذا الموقف الشجاع كلفه الكثير، اذ اضطر اثر الانقلاب العسكري في بلده عام 1964 إلى ان يعلن استقالته مع 200 شخصية أكاديمية مرموقة من الجامعة، احتجاجا على الحكم العسكري، كما اغلقت مجلته المعمارية، وأخيرا وفي عام 1967 اضطره العسكر إلى الخروج نحو المنافي حاله حال عدد كبير من المثقفين البرازيليين المعروفين. 
وفي باريس التى اختارها مكانا لنفيه، عمل الجنرال ديغول شخصيًا في حينها، لحصوله على إذن عمل في فرنسا.
تعد مرحلة المنفى من المراحل المهمة والخصبة في سيرة هذا المعمار المجد فبالاضافة إلى إنجازه تصاميم مثيرة في إيطاليا وفرنسا وفي بقية بلدان العالم، أنجز أوسكار نيماير مشروعا تصميميًا كبيرا، قريبًا منا نحن العرب، وأعني به مشروع مجمع جامعة القسطنطينية في شرق الجزائر 1972. 
ويعود تاريخ تكليف (نيماير) بهذا المشروع لعام 1968، عندما تعرف على منهاج متطلبات الجامعة، الذي كان يقتضي بناء مجموعة من المباني العديدة تجاوزت 40 مبنى وفي ضوء تجربته الغنية في تصميم المؤسسات التعليمية، اعاد المعمار النظر في المنهاج المقترح، ساعيا إلى أن يكون المخطط المستقبلي للجامعة متسما بمركزية واضحة تتيح مرونة كافية لأداء كفء للنشاطات الجامعية.
اقترح المصمم تجميع فراغات الجامعة الأساسية في مبنيين اثنين اساسيين، احدهما مخصص للقاعات الدراسية، والآخر للمختبرات العملية، مع عدد من المباني المساندة تتجمع حولهما ( مثل المكتبة، إدارة، قاعة اجتماعات، قاعات رياضية)، واقترح أن تكون الإدارة المركزية للجامعة في بلوك مستقل وفي مبنى متعدد الطوابق يشغل موقعا بين القسمين الأساسيين للجامعة.
يثير الانتباه في الحل التصميمي للمجمع أسلوب اختيار هيئات المباني وأشكالها الانسيابية المميّزة المطلية باللون الأبيض، الذي يذكرنا بخصوصية تقاليد المكان، وبيئته المبنية وليست العمارة لوحدها، هنا، مثيرة، وإنما الإنشاء ايضًا مثير الإنشاء الذي تكفل بإنجاز قرار المعمار على درجة عالية من الكفاءة والأهلية.
من أعماله في الجزائر جامعة قسنطينة بقسنطينية: من أجمل الجامعات التي صممتها القول ل أوسكار نيماير، وجامعة هواري بومدين بالجزائر العاصمة، والقاعة البيضوية للمركب الأولمبي 5 يوليو بالجزائر العاصمة، ومقر الأمم المتحدة بنيويورك، والمحكمة العليا ببرازيليا.